هل نجا حزب النور بنفسه؟

29 سبتمبر 2014
+ الخط -

قدم حزب النور السلفي في مصر دعمه للتحالف الذي قاده الجيش، وأدّى إلى الانقلاب على الرئيس محمد مرسي وحكومته في يوليو/تموز 2013، واستمر في دعم ما سمي "خارطة الطريق"، فقد حشد ما استطاع من حشود من أجل التصويت لدستور 2014، وانتخاب المشير عبد الفتاح السيسي. ليس هذا فحسب، بل هاجم الحزب تحالف دعم الشرعية في أكثر من مناسبة، واتهمه بالإرهاب والتكفير، واتهم الإخوان المسلمين بالتسبب في الفوضى وعدم الاستقرار.

برّرت قيادة حزب النور دعمها للجيش، ومشاركتها في لجنة الخمسين لصياغة الدستور أمام أعضائها، بأنه سعي "إلى الحفاظ على الهوية الإسلامية والشريعة"، كما بررت مواقفها من الأحداث ككل بأنها لو لم تدعم تحرك الجيش للاقت مصير الإخوان وحلفائهم، ولأُغلقت مؤسسات الحزب وجمعياته.
 
ولكن، هل نجا حزب النور بنفسه؟ وهل أسعفته مواقفه في تجنب ما كان يخاف منه؟ كل المؤشرات لا توحي بذلك، فمنذ 3 تموز/يوليو 2013، لم يتوقف الهجوم على حزب النور من شخصيات سياسية وإعلامية داعمة للانقلاب، وظلت الشاشات وبرامج "التوك شو" تخصص ساعات كاملة تشكك فيها بنيات الحزب، وتظهر تناقض تصريحاتهم وتضاربها. وبدأ بعضهم يحرك دعاوى في المحاكم لحل حزب النور، بحجج كثيرة، منها أنه وفقا للمادة (74) من دستور 2014 يحظر إنشاء الأحزاب على أساس ديني، ومرت هذه المادة بموافقة حزب النور. وقبل أيام، مثُل نائب رئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامي، أمام نيابة استئناف القاهرة، بسبب بلاغ قدمه المحامي نجيب جبرائيل للنائب العام يتهم برهامي بازدراء الأديان، وفي 3 سبتمبر/الجاري، قررت محكمة الأمور المستعجلة في الإسكندرية تأجيل دعوى "الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة الدولة"، المطالبة بمنع حزب النور من خوض الانتخابات البرلمانية، إلى جلسة 1 أكتوبر/تشرين الثاني من العام الجاري.
 
من الواضح أن طريق حزب النور نحو البرلمان ليس سهلاً، إذا سُمح له بالمشاركة أساساً. وهناك تمنُّع من أحزاب عديدة غير إسلامية، مؤيدة للنظام في التحالف مع حزب النور.

لم ينج حزب النور بنفسه، فهو في دعمه الانقلاب بحجة تجنب الصدامات، فتح على نفسه المشكلات من أربعة محاور أساسية، الأول مع النظام الحالي وداعميه الذين لا يعجبهم الحزب، مهما قدم لهم، والثاني مع التيارات الإسلامية الأخرى التي اعتبرته "خائناً" لها، وهي لن تقف بجانبه، فيما لو تم حظره، أما ثالث المحاور فهي قواعده التي اضطر لخطابها بخطاب ينفصم عن ذلك الخطاب الموجه في الإعلام، لإقناعها بمسلك الحزب، أما رابع المحاور وآخرها فمع رموز كبار السلفية في مصر، مثل عبد الرحمن عبد الخالق ومحمد بسيونى، ورموز سلفية عربية، مثل الداعية الكويتي نبيل العوضي، وغيرهم كثيرون.
 
بذل حزب النور جهده في تمتين العلاقة مع النظام الحالي، من خلال نسل الحبال من علاقاته مع الأطراف الأخرى المناهضة، وحرق كل خطوط الرجعة.

avata
avata
حسن عبيد (مصر)
حسن عبيد (مصر)