الدبلوماسي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، قال إن "السعودية سعت، من خلال زيارة حفتر للرياض، بدعوة من ولي العهد محمد بن سلمان، إلى أن تكون لقاءاته هناك ذات أصداء سياسية كبيرة لدى الدول الغربية"، مشيرا إلى أن استقبال العاهل السعودي الملك سلمان له، بشكل رسمي في قصره باليمامة، كان جزءا من ذلك.
واستقبل العاهل السعودي حفتر، نهاية الشهر الماضي، بالقصر الملكي بالرياض، قبل أيام من إطلاق حملته العسكرية الجديدة على طرابلس، كما قالت وكالة الأنباء السعودية إن محمد بن سلمان بحث مع حفتر "مستجدات الأوضاع في ليبيا".
وفي مقابل التحركات السعودية، أتى الرد الغربي، وتحديدا الأميركي، "على غير هوى الرياض وحفتر، إذ كان صادما، وحتى الساعات الأخيرة لا تزال واشنطن تحث اللواء الليبي على الانسحاب وإرجاع قواته إلى قواعدها"، يوضح الدبلوماسي ذاته.
وكانت وسائل إعلام ليبية ودولية قد تداولت، أخيرا، بيانا نسبته للسفارة الأميركية في ليبيا، تدين فيه واشنطن "التصعيد العسكري في ليبيا"، غير أن السفارة نفت، بشكل عاجل على موقعها الرسمي، إصدار أي بيان.
من جانبها، أكدت صحيفة "الوسط" الليبية، السبت، أن البيان المتداول كان عبارة عن رسالة وجهتها الخارجية الأميركية إلى حفتر وعدد من المسؤولين الليبيين.
وقالت الصحيفة، نقلا عن مصادرها، إن "الرسالة، التي يبدو أنها تسرَّبت من قبل مسؤولين في حكومة الوفاق، وجرى تداولها في عدد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كبيان صادر عن الإدارة الأميركية، تبلغ بها عددا من الشخصيات الليبية التي وُجِّهت لها دعوات للمشارَكة في أعمال الملتقى الوطني الجامع".
ونقلت الصحيفة من نص الرسالة قول السفارة إنه "نظرًا لأن بعض القادة الليبيين يسيئون فهم الموقف الأميركي، فنحن مضطرون إلى توضيح أن الولايات المتحدة لا تدعم هذه العملية، وتحث قوات خليفة حفتر على أن توقف فورًا جميع التحركات باتجاه العاصمة الليبية، وتعود إلى مواقعها السابقة".
ويؤكد الدبلوماسي الليبي صحة معلومات الصحيفة بالقول: "نعم وجهت الرسالة إلى أطراف ليبية، من بينها حكومة الوفاق، التي احتجت وطلبت من واشنطن موقفا واضحا إزاء الوعود السعودية لحفتر بدعم جملته بناء على ضوء أخضر أميركي".
وكان وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا، قد أكد، في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة "الحرة" الأميركية، الجمعة الماضي، أن قوات حفتر تحركت نحو طرابلس بعد تلقيها "ضوءا أخضر لتدمير العاصمة" من دولة عربية، دون أن يسميها.
وبحسب المصدر، فإن الإمارات، التي تواجه معارضة مصرية للدفع بحفتر للتحرك باتجاه طرابلس منذ فترة طويلة، لجأت إلى الرياض لإقناعها بحثّه على توجيه مقاتليه نحو العاصمة، وقال "أعتقد أن حفتر وقع في خطأ قاتل وانتحر سياسيا وعسكريا"، مؤكدا أن "خطوته متسرعة وغير محسوبة".
ونبه الدبلوماسي نفسه إلى أن "حفتر صعب المراس، ولا يفكر بعقل السياسي، لذا فإن الحرب المقبلة ستكون طويلة بسبب عدة عومل"، وذكر منها "الكثافة السكانية في غرب البلاد التي ستشكل خزانا بشريا لإمداد معارضي حفتر بالمقاتلين"، متابعا: "كما أن جبهات عديدة ستفتح ضد حفتر، فهناك الكثير ممن يعارضونه وسيجدون في موقف الحكومة ذريعة، كقائد حرس المنشآت النفطية السابق إبراهيم الجضران، وسرايا الدفاع عن بنغازي، وهي مجموعات توجد في الجنوب".
كذلك رأى أن "تصاعد الموقف الدولي الرافض لحراك حفتر يمكن أن يشكل ضغطا لتخفيف دعم حلفائه الدوليين له"، مشيرا إلى الارتباك "الروسي أخيرا، بين محاولة التأكيد على أن حفتر يقاتل مليشيات، ثم التراجع بالمطالبة بضرورة انسحاب قوات حفتر من طرابلس".
وبحسب معلومات الدبلوماسي ذاته، فإن حفتر طلب إبعاد المليشيات ذات الانتماء المدخلي، طالبا عدم الاعتماد عليها، مثل مليشيا الخليل والكتيبة 201 السلفية، "ما يعكس شعوره بخذلان الرياض له وتوريطه في حرب لا يمكنه الرجوع عنها".
وأكد المصدر ذاته أن "حفتر يعيش اللحظات ذاتها التي عاشها في فبراير/ شباط 2014، عندما خرج عبر تلفزيون "العربية" السعودي معلنا عن انقلابه بعد اتفاقه مع مليشيات الزنتان التي خذلته، والآن مليشيات طرابلس التي اتفق معها وخذلته ولم تخرج لقلب الأوضاع داخليا بعد إعلانه عن ساعة الصفر، الخميس الماضي".
وأبرز أن "حفتر كان على اتفاق مع مليشيات طرابلس ومليشيا الردع المدخلية للانتفاضة من الداخل ساعة الصفر"، وأكد أن "مليشيا الردع تراجعت ولزمت الحياد حتى الآن، بعدما فرّ هيثم التاجوري، قائد مليشيا ثوار طرابلس، خارج البلاد، والذي اكتشف أمره سريعا من مليشيات أخرى بعدما انقلب عليه أحد معاونيه معلنا انضمام المليشيا بكاملها لقوة حماية طرابلس".