03 نوفمبر 2024
هل جاء دور إيلي كوهين؟
بعد سقوط طائرة روسية تحمل جنودا روسا كثيرين في هجوم إسرائيلي اعتيادي على أهداف مختلفة في سورية، جرى في سبتمبر/أيلول الماضي، بدا أن هناك خلافاً عميقاً بين روسيا وإسرائيل، ليس فقط بشأن أسلوب الهجمات وطريقة تنفيذها، ولكن أيضا في المرامي البعيدة والقريبة لكل من الدولتين في سورية. توقفت بعد هذا الحادث الهجمات الإسرائيلية فترة، وأُعلن عن تركيب بطاريات صواريخ إس إس 300 المتطورة على الأراضي السورية، والتي ستدار بأيدٍ سورية، وهو ما أبدت إسرائيل خشية منه، ولكن الجلبة الإعلامية التي أوحت بالخلاف السياسي سرعان ما انخفضت، ثم توقفت تماماً، وخفتت اللهجة المعترضة على الصواريخ الخطيرة، وبدت موسكو من العواصم المهمة لرئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، حيث زارها بتواتر كبير وملفت في الآونة الأخيرة، ما جعل الخلاف يتلاشى تماماً، ويحل بدلاً عنه موقف جديد، يغلب عليه التآلف، وربما التحالف، فبعد رحلة نتنياهو الانتخابية إلى موسكو أحضر معه رفات جندي إسرائيلي قُتل في لبنان، استطاعت روسيا أن تجده بعد أن كان مفقودا نحو 37 عاماً.
هذا الكرم الروسي الباذخ بذله بوتين على حساب كرامة "الجيش السوري"، وكان قبل ذلك قد سلم الجانب الإسرائيلي عربة مصفحة كان يستخدمها الجندي القتيل، واثنان من زملائه في الحرب. والعمليتان تعنيان أن الروس متداخلون في بنية النظم الأمنية السورية العميقة، وعلى اطلاع جيد بأدق تفصيلاتها، وقد تكون بيد الروس الآن أوراق أخرى، يمكن أن تُلعب في وقتها، ليوظفها بوتين في علاقاته الخاصة مع إسرائيل. ويبدو أنه يرغب في أن تكون إسرائيل شريكاً في وجوده طويل الأمد في المنطقة، فيحرص على دعم إعادة انتخاب نتنياهو بتقديم مساعداتٍ غير مباشرة، لكنها حاسمة في كسب نتنياهو أصواتا إضافية.
لم تتوقف إسرائيل يوماً عن المطالبة بجاسوس إسرائيلي شهير، تم القبض عليه في عام 1965 ثم تم إعدامه، وإيلي كوهين الذي اخترق المجتمع السوري، بعد قصة مخابراتية مفبركة، تمكن من عقد صداقات مهمةٍ بين ضباط كبار ورجال سياسة، وذلك في أوائل عهد حزب البعث وبداية تغيير بنية المجتمع السوري الذي كان يعتمد على وجهاء وملاك أراضٍ وصناعيين، فأصبح بعد حكم "البعث" مجموعة ضباط مؤثرين يرتبط بهم تجار وصناعيون عديمو الخبرة والكفاءة. استغلت إسرائيل هذا التغير، ونجحت في زرع رجل تقلد شخصية المستثمر وصاحب الأموال الراغب في استثمارها في البلد بعد غربة طويلة. تنطلي هذه الحيلة على قليلي الكفاءة، ولكن كوهين انكشف، حين كان، ولشدة شعوره بالأمان، يبث رسائله المشفرة من حيٍّ يعج برجالات الدولة.
جثة هذا الرجل هي الهدف التالي لإسرائيل، خصوصا أنها قد أعلنت، منذ أقل من عام تقريباً، أنها استعادت "بعملية موساد خاصة" الساعة التي كان يرتديها كوهين. وبروتوكولات السجن السورية تقول إن متعلقات السجين تُحفظ في أمانات السجن، ما يعني أن الساعة كانت لدى المخابرات السورية، وليس من تفسير لوصولها إلى إسرائيل إلا اليد الروسية التي أصبحت تصل إلى حيث تريد في دمشق.
يحتاج الحلف القائم بين نتنياهو وبوتين إلى التغذية، ومزيد من بذور الثقة، كان منها تسليم ساعة كوهين ودبابة مريكافا وجثة الجندي. وعلى الرغم من أن كل هذه العناوين ذات قيمة معنوية، إلا أنها تتضمن رسالة تعبر عن حميمية العلاقة بين الرجلين، ومدى رغبة كل منهما في بث الروح الحارّة فيها مدة طويلة، وقد تتوج بالإعلان عن إحضار جثة كوهين نفسه، والتي رفض الجانب السوري عقودا طويلة الحديث بشأنها، والتي تعود للشخص الذي توسطت إسرائيل لإنقاذ عنقه مراراً، حتى أقنعت الفيلسوف البريطاني الشهير برتراند راسل بكتابة رسالة استرحام بشأنه إلى الرئيس السوري الأسبق، أمين الحافظ.
هذا الكرم الروسي الباذخ بذله بوتين على حساب كرامة "الجيش السوري"، وكان قبل ذلك قد سلم الجانب الإسرائيلي عربة مصفحة كان يستخدمها الجندي القتيل، واثنان من زملائه في الحرب. والعمليتان تعنيان أن الروس متداخلون في بنية النظم الأمنية السورية العميقة، وعلى اطلاع جيد بأدق تفصيلاتها، وقد تكون بيد الروس الآن أوراق أخرى، يمكن أن تُلعب في وقتها، ليوظفها بوتين في علاقاته الخاصة مع إسرائيل. ويبدو أنه يرغب في أن تكون إسرائيل شريكاً في وجوده طويل الأمد في المنطقة، فيحرص على دعم إعادة انتخاب نتنياهو بتقديم مساعداتٍ غير مباشرة، لكنها حاسمة في كسب نتنياهو أصواتا إضافية.
لم تتوقف إسرائيل يوماً عن المطالبة بجاسوس إسرائيلي شهير، تم القبض عليه في عام 1965 ثم تم إعدامه، وإيلي كوهين الذي اخترق المجتمع السوري، بعد قصة مخابراتية مفبركة، تمكن من عقد صداقات مهمةٍ بين ضباط كبار ورجال سياسة، وذلك في أوائل عهد حزب البعث وبداية تغيير بنية المجتمع السوري الذي كان يعتمد على وجهاء وملاك أراضٍ وصناعيين، فأصبح بعد حكم "البعث" مجموعة ضباط مؤثرين يرتبط بهم تجار وصناعيون عديمو الخبرة والكفاءة. استغلت إسرائيل هذا التغير، ونجحت في زرع رجل تقلد شخصية المستثمر وصاحب الأموال الراغب في استثمارها في البلد بعد غربة طويلة. تنطلي هذه الحيلة على قليلي الكفاءة، ولكن كوهين انكشف، حين كان، ولشدة شعوره بالأمان، يبث رسائله المشفرة من حيٍّ يعج برجالات الدولة.
جثة هذا الرجل هي الهدف التالي لإسرائيل، خصوصا أنها قد أعلنت، منذ أقل من عام تقريباً، أنها استعادت "بعملية موساد خاصة" الساعة التي كان يرتديها كوهين. وبروتوكولات السجن السورية تقول إن متعلقات السجين تُحفظ في أمانات السجن، ما يعني أن الساعة كانت لدى المخابرات السورية، وليس من تفسير لوصولها إلى إسرائيل إلا اليد الروسية التي أصبحت تصل إلى حيث تريد في دمشق.
يحتاج الحلف القائم بين نتنياهو وبوتين إلى التغذية، ومزيد من بذور الثقة، كان منها تسليم ساعة كوهين ودبابة مريكافا وجثة الجندي. وعلى الرغم من أن كل هذه العناوين ذات قيمة معنوية، إلا أنها تتضمن رسالة تعبر عن حميمية العلاقة بين الرجلين، ومدى رغبة كل منهما في بث الروح الحارّة فيها مدة طويلة، وقد تتوج بالإعلان عن إحضار جثة كوهين نفسه، والتي رفض الجانب السوري عقودا طويلة الحديث بشأنها، والتي تعود للشخص الذي توسطت إسرائيل لإنقاذ عنقه مراراً، حتى أقنعت الفيلسوف البريطاني الشهير برتراند راسل بكتابة رسالة استرحام بشأنه إلى الرئيس السوري الأسبق، أمين الحافظ.