هل تساعد التشريعات العربية المرأة على ولوج الاستثمار؟

25 مايو 2015
من اليمن سهير بلحسن وأمل العماري (العربي الجديد)
+ الخط -

تعتبر التشريعات مهمة لضمان حقوق المرأة العربية، ومن بينها تحقيق الإنصاف في ولوج مجال الاستثمار. وتتابين الآراء حول إقرار الدول العربية لقوانين تشجع انخراط المرأة في الاقتصاد. فهل تساعد التشريعات العربية المرأة على ولوج الاستثمار؟

أمل العماري: المواثيق الدولية تفرض المساواة
قالت نائبة الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أمال العماري، إن التشريعات والقوانين جزء وعنصر مهم لإقرار المساواة بين الرجل والمرأة على مختلف الأصعدة. وأضافت في تصريحها لـ"العربي الجديد"، أن غياب تشريعات تستمد هويتها من مبدأ الإنصاف تجاه المرأة، يعيق ولوجها إلى مراكز القرار، وسط وجود أحكام مسبقة بالحرمان من الانخراط في تنمية الحياة الاقتصادية.

واعتبرت العماري أن جل الدول العربية اليوم أصبحت مقيّدة بالمواثيق الدولية التي تفرض المساواة بين الرجل والمرأة، وتفرض إقرار قوانين القضاء على كافة أشكال التمييز تجاه النساء، وأهمها اتفاقية "سيداو" التي صادقت عليها العديد من الدول العربية، ودفعتها إلى ملاءمة قوانينها الداخلية مع المواثيق الدولية في كونيتها وشموليتها.

وشددت على أن المصادقة على هذه المواثيق تعني الانضباط والعمل على منح المرأة العربية الإمكانيات اللازمة من أجل بلوغ مراكز مهمة، سواء سياسية أو اقتصادية وحتى اجتماعية وثقافية، بحيث تخضع الدول المتوافقة مع التشريعات الدولية لمراقبة المؤسسات والمنظمات العالمية، بناءً على تقارير ترصد حجم التطبيق.

ورأت نائبة الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن المشكلة في الدول العربية تكمن في عدم إقرار تشريعات تحمي وتعزز المساواة بين الجنسين، والتي قد تتوفر دون التزام المؤسسات بتطبيقها، إضافة إلى غياب سياسات مدمجة، وآليات مؤسساتية تترجم بالملموس حجم التزام كل دولة عربية بتعهداتها الوطنية والدولية تجاه نسائها. ورصدت أمال العماري بهذا الصدد، تعثر بعض القوانين التي تشجع وتدفع المرأة نحو اقتحام مجال الاستثمار.

وأوضحت المتحدثة ذاتها أن مجموعة من الدول العربية عرفت تقدماً ملموساً من حيث ضمان التكوين المهني والعلمي للمرأة، وفرص ولوجها إلى مقاعد التعليم التي تعد البوابة الأولى لاكتساب مدارك ومعارف تسيير وتدبير مختلف المجالات، ومنها الاقتصادية، وكذا منح المرأة مكانة داخل الجسم الإعلامي، والذي يعد منصة مهمة بالنسبة للمرأة من أجل التسويق والدفاع عن حقوقها المشروعة.

وأضافت نائبة الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن تقوية حضور المرأة في القطاعات الإنتاجية، تعني تقوية التنافسية الاقتصادية للدول العربية دولياً، وتعني كذلك تقوية مختلف القطاعات الإنتاجية، وورقة رابحة في يد الدول التي تسوّق لاقتصادها المبني على المساواة والفرص العادلة، ما يجعل منها محط ثقة من طرف المستثمرين والشركاء الاقتصاديين الدوليين الذين يبحثون عن فرص داخل دول توفر مناخاً استثمارياً متكاملاً.

وأردفت المتحدثة ذاتها أن مجموعة من الدول العربية عرفت وتعرف اليوم تقدماً في مجال ضمان حقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية، ومن بينها تونس التي قطعت، بحسب العماري، أشواطاً طويلة، ثم المغرب والأردن بالإضافة إلى لبنان الذي تساعده تعدديته السياسية على الدفع بإقرار تشريعات في صالح المرأة إلى حد ما.

وختمت أمال العماري تصريحها لـ"العربي الجديد"، بالتأكيد على ضرورة مواصلة تنقية مجموعة من التشريعات التي تقف ضد مصالح المرأة العربية، خاصة الجوانب المرتبطة بالحماية الاجتماعية، وكذا شروط وحقوق ولوج سوق العمل التي تضع المرأة دائماً وراء الرجل من حيث الامتيازات، بالإضافة إلى غياب الثقة في قدرتها على قيادة المؤسسات التي تمثل القطاعات الاستثمارية والعمالية باستثناء بعض التجارب القليلة التي استطاعت فيها المرأة الوصول إلى مراكز القرار.

سهير بلحسن: التشريعات تقلل فرص المرأة
تحدثت الرئيسة الشرفية للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان سهير بلحسن، بنبرة متشائمة تجاه إقرار الدول العربية لتشريعات تشجع المرأة على ولوج مجال الاستثمار. وقالت في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن المرأة العربية تعيش اليوم مسلسل تراجع مستمر تجاه مجموعة من الحقوق والمكتسبات التي انتزعتها في وقت سابق، عكس الطموحات التي اعترتها مع بروز ثورات الربيع العربي، والذي كانت فيه المرأة فاعلة وحاضرة بقوة في جميع محطاته.

وبررت الرئيسة الشرفية للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان نظرتها المتشائمة، بأن تشريح القوانين في مختلف الدول العربية يقود إلى وصف الوضع بـ "الكارثة"، حيث إن المرأة، من وجهة نظرها، لا تتمتع بالحقوق الكافية للإدماج في الحياة الاقتصادية، ولا تساعدها القوانين على بلوغ مراكز القرار السياسية. وأضافت المتحدثة ذاتها أن النقاش المطروح اليوم عربياً هو "ترك القوانين الخاصة بالقضاء على كافة أشكال التمييز تجاه المرأة كما هي، أو التراجع عن بعض بنودها"، نافية أن يكون لدى الطبقات السياسية العربية نية في تحسين شروط حضور المرأة في المجالات السياسية والاستثمارية.

وأضافت سهير بلحسن التي سبق أن تعرضت للطرد من تونس سنة 1993 بسبب دفاعها عن حقوق الإنسان والمرأة، أن مجموعة من المظاهر تحد من نشاط المرأة اقتصادياً، ومن بينها ضعف قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية، والتي تجعل من المرأة ربة بيت فقط، ولا ترى فيها إنسانة فاعلة في المجتمع، مع صعوبة استمرار المرأة في تسلق درجات متقدمة في التعليم والتكوين، بالإضافة إلى الاستمرار في السماح بزواج القاصرات، والذي يكلف الدول اقتصادياً، وتشريعات أخرى تهم الرجل والمرأة على حد سواء، ومن بينها إطلاق حرية الممارسة النقابية، وانتزاع الحقوق الاجتماعية.

وأوردت الرئيسة الشرفية للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن المجال الاقتصادي بحدّ ذاته، لا يمنح المرأة إمكانات واسعة لممارسة الاستثمار وتأسيس الشركات، وذلك ما يفسر نسب البطالة المرتفعة في صفوف النساء العربيات، والتي تتجاوز في جل الدول العربية نسبة 40%. إلى ذلك، اعتبرت سهير بلحسن التي تقود عربياً حملة "المساواة بدون تحفظ"، أن مجال تدبير المؤسسات الاقتصادية، سواء العامة أو الخاصة، ليس حكراً على الرجال وحدهم، بل أظهرت التجارب أن المرأة تحقق نجاحات باهرة إذا منحت لها الفرصة لذلك.

إقرأ أيضا:المصارف الكويتية تتخطى الأزمة



المساهمون