هل تدخل الصحافة عصرها المظلم؟

17 ابريل 2017
تغيرت طبيعة ممارسة مهنة الصحافة نفسها (Getty)
+ الخط -
أشارت الصحافية المخضرمة ورئيسة "مركز الصحافة" في جامعة ملبورن الأميركية، مارغريت سايمونز، إلى أن وسائل الإعلام الإخبارية الرئيسية في القرن الماضي كانت عبارة عن أعمال بسيطة نسبياً، من منطلق تجاري واقتصادي، وتختصر مهمتها بالتالي: اجمع جمهوراً عبر تقديم محتوى إخباري، وبِع انتباه الجمهور هذا إلى المعلنين.

لكن شبكة الإنترنت والتطبيقات المرتبطة به أفشلت هذه الصناعة، إذ لم تعد هذه الوسائل الإعلامية تجذب انتباه الجمهور كالسابق، والتلفزيون "مات" تقريباً بالنسبة إلى الأشخاص دون الخمسين من عمرهم، وفقاً لها.

وناقشت سايمونز في مقال بعنوان "الصحافة تواجه أزمة عالمية – قد ندخل في عصر مظلم جديد"، في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اعتماد المستخدمين على شبكة الإنترنت كمنبر إعلامي، وتساءلت عن كيفية التفريق بين الحقيقة والأسطورة والكذب.

ورأت الصحافية أن الإنترنت قضت على صناعتين: الإعلانات والأخبار، إذ كانتا تجتمعان معاً بوسيلة مادية متمثلة بصحيفة معينة، مشيرة إلى أن الناشرين والمراسلين انتقلوا إلى الشبكة، لكن النموذج الإعلاني الذي اعتمدوه فشل، إذ إن الإعلانات الرقمية تكسب جزءاً صغيراً، مقارنة بأرباح الصحف والقنوات التلفزيونية مقابل الإعلانات سابقاً.

واعتبرت أن محرك البحث "غوغل" ومواقع التواصل الاجتماعي تحولت سريعاً إلى المؤسسات الناشرة الأقوى حول العالم، والأسوأ أن "غوغل و"فيسبوك" مثلاً لا توظفان صحافيين، بل تقدمان الأخبار والإعلانات للمستخدمين، بناءً على معرفتهما عن اهتماماتهم.

وأفادت بأن إحدى الدراسات قدرت أن كل دولار يُنفق على الإعلانات في العالم الغربي 90 سنتا منها تذهب إلى جيوب "فيسبوك" و"غوغل".

وأشارت إلى أن الصحافة قد تدخل في عصر مظلم جديد، إذ مع التطور ودخول الإعلام الرقمي ترك صحافيون كثيرون هذه المهنة. كما أن طبيعة ممارسة مهنة الصحافة تغيرت، فمعظم العاملين الآن في إنتاج محتوى رقمي لا يتركون مكاتبهم على الإطلاق.

ورأت أن مستقبل الصحافة يتضمن ظهور غرف إخبارية صغيرة أكثر، منظمات غير إعلامية تروج لنفسها، واتجاه المزيد من المؤسسات الإعلامية القديمة إلى الإغلاق. وأوضحت أن بعض هذه الغرف الإخبارية ستتحول إلى مصانع لإنتاج الأخبار الزائفة، وستكرس نفسها لكسب الدخل من نشر الأخبار الزائفة وجذب نقرات القراء إليها.

ورأت أن الحل يتمثل في عدة خطوات، بينها توجه مواقع التواصل الاجتماعي نحو إنتاج محتوى قيّم وأصيل، تحمل الحكومات حول العالم مسؤوليات أكبر إزاء الأخبار وانتشارها، وتمتع المواطنين بمسؤولية أكبر حيال طريقة استهلاكهم للأخبار وتمويلها ونشرها.

وتأتي مقالة سايمونز في وقت تواجه فيه المؤسسات الإعلامية، في العالمين الغربي والعربي على حد سواء، أزمات مالية وهيكلية، أدت إلى إغلاق مكاتب عدة، وتسريح الكثير من الموظفين، وانتقال أخرى إلى العالم الرقمي تماماً والتخلي عن الحضور الورقي.

(العربي الجديد)

المساهمون