بحث عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، برئاسة وكيل المجلس سليمان وهدان، مع وفد من صندوق النقد الدولي الذي يزور مصر حالياً، برئاسة مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور، تطورات برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي وقعت بموجبه مصر اتفاقاً مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، تسلمت منها حتى الآن 10 مليارات دولار على خمس شرائح.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان حسين عيسى، إن "اللقاء كان مثمراً، وشهد تبادلا للآراء حول مستقبل الإصلاح الاقتصادي في مصر، إذ تناول خلاله أعضاء البرلمان وجهة النظر المصرية إزاء برنامج الإصلاح، وسُبل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في سبيل إنجاحه، من خلال إقرار مجلس النواب الفترة الماضية حزمة من القوانين المقدمة من الحكومة في هذا الصدد".
وأضاف عيسى في تصريحات لمحرري البرلمان أن "وفد الصندوق أبدى في اللقاء (المغلق) سعادته بما حققته مصر من إجراءات تتعلق ببرنامج الإصلاح الاقتصادي خلال العامين الماضيين، على ضوء تحسن المؤشرات الاقتصادية، سواء المتعلقة بمعدل النمو أو التضخم أو البطالة"، على حد قوله.
وأشار عيسى إلى أن نواب البرلمان اتفقوا مع وفد الصندوق على أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من الإصلاحات التشغيلية المرتبطة بالصناعة والخدمات والزراعة، فضلاً عن توفير فرص العمل، في ظل احتياج مصر إلى نحو 700 ألف فرصة عمل سنوياً للخريجين من الشباب، مؤكداً أن صرف آخر شريحة من قرض الصندوق لمصر ليس معناه توقف التعاون، باعتبار أن الصندوق مستعد لاستكمال خطوات الإصلاح الاقتصادي في البلاد.
وأعلنت وزارة المالية المصرية، في 4 فبراير/ شباط الجاري، موافقة صندوق النقد على صرف الشريحة الخامسة من قرضه المقدم إلى مصر بقيمة ملياري دولار، استناداً إلى "جدية الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، والإجراءات التي تتخذها من أجل زيادة معدلات النمو والتشغيل، وتخفيض نسبة العجز الكلي".
كان صندوق النقد قد أجل التصويت على المراجعة الرابعة لبرنامج مصر الاقتصادي، والذي كان مقرراً في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، من دون تبيان الأسباب، الأمر الذي دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى توجيه حكومته بالالتزام بتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل في إطار دوري.
ويشمل برنامج الصندوق المتفق عليه مع مصر تحرير سعر صرف العملة المحلية، وخفض دعم الطاقة والمياه والكهرباء سنوياً، وزيادة الضرائب، وتقليص عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، في وقت يتوقع فيه مراقبون أن تطلب مصر قرضاً جديداً من الصندوق، عقب تسلم الشريحة السادسة والأخيرة من القرض الحالي قبل انتهاء النصف الأول من العام الجاري.
ووفقاً لنائب وزير المالية المصري للسياسات المالية أحمد كوجك، فإن سعر الفائدة على شرائح قرض الصندوق تبلغ 2% (شاملة العمولات)، على أن تُحتسب بعد تسلم كل شريحة مباشرة، مع فترة سماح تصل إلى أربعة أعوام ونصف العام، وتسديدها على خمسة أعوام ونصف العام، أي بقيمة 300 مليون دولار كل ستة أشهر.
وحول طلب مصر قروض جديدة من صندوق النقد، قال كوجك في وقت سابق: "إن العلاقة بين الحكومة المصرية والصندوق لا تقتصر على القرض الحالي، وإنما هناك الكثير من آليات الدعم الفني الذى تطلبه مصر من إدارة الصندوق، خاصة وأن مصر طلبت سبع بعثات فنية من الصندوق"، مستطرداً "سنُعلن في الوقت المناسب عن أي تعامل لاحق بين مصر والصندوق"، حسب تعبيره.
تجدر الإشارة إلى نفي المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، ما أثير في بعض وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية، ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن اعتزام مصر الاقتراض مجدداً من صندوق النقد الدولي، بعد الحصول على جميع شرائح القرض الحالي، مدعياً تحسن واستقرار الاقتصاد المصري، و"عدم حاجة مصر للحصول على أي تمويل أو قرض جديد".
ويرى محللون أن شروع القاهرة في تحرير أسعار الوقود خلال الأشهر المقبلة، حسب الاتفاق مع صندوق النقد، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في الأسواق، وتصاعد موجة الغلاء التي تزايدت حدتها في العامين الأخيرين، على خلفية التوسع في سياسة الاقتراض، وقفز الدين العام لمصر، في نهاية يونيو/حزيران 2018، إلى 5.34 تريليونات جنيه، منها ديون محلية بقيمة 3.69 تريليونات جنيه، ونحو 92.64 مليار دولار ديوناً خارجية.