هل تجوز الحمية للطفل؟

18 يناير 2020
الحمية قليلة الوحدات الحرارية قد تحد من النمو (Getty)
+ الخط -
من الواضح أن ظاهرة السمنة تنتشر أكثر فأكثر بين الأطفال في أيامنا هذه بسبب الأطعمة سريعة التحضير التي يعتمد عليها نظامهم الغذائي بشكل أساسي، وقلة ممارسة الرياضة بوجود الأجهزة الإلكترونية.
وعلى الرغم من خطورة السمنة للطفل سواء على المدى القريب أو البعيد، من الناحيتين الجسدية والنفسية، لا ينصح الاختصاصيون بأن يخضع الطفل إلى حمية صارمة لحاجته إلى مكونات غذائية أساسية لنموه، بل يفضلون أن يلتزم بقواعد معينة تقضي بإحداث تغييرات في نمط حياته.
توضح اختصاصية التغذية، مايا شقرا، أنه يمكن أن يتبع الطفل نظاماً غذائياً متوازناً لخفض وزنه شرط تأمين كافة حاجاته الغذائية. تقول شقرا إن "الأطفال هم بأمس الحاجة إلى الخضوع إلى حمية غذائية بمراقبة دقيقة. إلى جانب الإرشاد بهدف التغيير في نمط الحياة والتركيز على ممارسة الرياضة".
قد يكون لاتباع الطفل حمية نتائج خطيرة على المستوى الصحي، بشكل تصبح فيه العودة إلى الوراء غير ممكنة، ولو بعد سنوات عديدة. "يبدو نقص معدلات الفيتامينات والمعادن في الجسم، من أهم المشاكل المترتبة على اتباع الطفل حمية صارمة في هذه المرحلة التي تزيد فيها حاجاته الغذائية الضرورية لنموه الطبيعي. تضاف إلى ذلك مشاكل نقص النمو وتأخير البلوغ، وترقق العظام التي تعتبر كلّها من المشاكل الجدية والمقلقة التي يمكن أن يتعرض لها الطفل الذي يخضع إلى حمية صارمة" بحسب شقرا.
لكل من أنواع الحميات التي يمكن أن يتبعها طفل مشكلات تترتب عنها وآثار جانبية لا يمكن الاستهانة بها، ما يدعو إلى الحرص الشديد لدى وصف الحمية له؛ فإذا كانت الحمية قليلة الوحدات الحرارية، قد يكون لها آثار سلبية، إذ تحد من نمو الطفل، وإن كانت متوازنة. وبالنسبة إلى الفتيات، قد تؤدي إلى تأخير الدورة الشهرية أو وقفها بشكل مؤقت.
قد تؤدي الحمية التي تحد من تناول البروتينات إلى بطء في نمو العضلات. كما يؤدي الحد من تناول الدهون بمعدلات زائدة إلى منع امتصاص الفيتامينات A وD وE وK. كما أن الأطفال الذين تنخفض معدلات الدهون لديهم لهم أجهزة مناعة أكثر ضعفاً وهشاشة، ما يزيد من احتمال الإصابة بالأمراض بشكل متكرر.
تستبعد الحميات قليلة النشويات، أطعمة أساسية كالبطاطا التي تؤمن للطفل الحديد والبوتاسيوم والفيتامينات "سي" و"سي" التي يحتاجها الجسم ليعمل بشكل طبيعي وفاعل. كما أظهرت بعض الدراسات أن الحميات قليلة النشويات قد تؤثر سلباً على القدرة التعليمية لطفل والقدرة على التركيز والأداء في المدرسة، كون النشويات تلعب دوراً مهماً في تأمين الطاقة للجسم وفي المساعدة على التركيز والتفكير بمزيد من الفاعلية. تؤدي الحمية في مرحلة مبكرة إلى مشكلات عديدة مزمنة ترتبط بالمظهر كالاضطرابات الغذائية والغرق في دوامة زيادة الوزن وخفضه باستمرار. مع العلم أن الشراهة المرضية تماماً كالأنوريكسيا قد تؤدي إلى الحد من نمو الطفل والتسبب بمشكلات خطيرة له وصولاً إلى الوفاة. 
وتوضح شقرا أن المشكلة الأساسية تكمن في أن اتباع الطفل حمية صارمة لا يعلّمه العادات الغذائية الصحية والسليمة التي يمكن أن يتبعها طوال حياته. "بهذه الطريقة هو لا يتعلّم كيفية تناول الأطعمة الصحية ضمن نظام غذائي يومي متوازن، بل يخضع لحمية ثم يوقفها بعد فترة إلى أن يعود إليها بعد فترة مجدداً. لكن في كل الحالات هو يعود حكماً إلى العادات الغذائية الأساسية الخاطئة".
نظراً لأنّه لا يُحبّذ خضوع الطفل لحمية، من المهم توفير الوسائل البديلة لتسهيل عملية خفض وزنه. ومن الطبيعي أن تكون هناك طرق عديدة يمكن تبنّيها ضمن نمط حياة صحي لتحقيق هذا الهدف بشكل تدريجي. وبحسب شقرا، أفضل الخطوات لضبط وزن الطفل والحفاظ على وزنه الصحي هي أن تعتمد العائلة كاملة مقاربة شاملة تستند على نمط حياة صحي ونظام غذائي متوازن يحتوي على معدل مناسب من الوحدات الحرارية.
بدلاً من التركيز على خفض معدل الوحدات الحرارية التي يحصل عليها الطفل، من الأفضل التركيز على تحسين نوعية النظام الغذائي الذي يتبعه بفضل تعديلات بسيطة تحدث فارقاً مهماً، كالتركيز على أهمية شرب الماء وتناول الحليب الخالي من الدسم بدلاً من المشروبات الغازية والعصير والامتناع عن تناول الأطعمة المصنّعة. قد يسمح ذلك بالحد من كمية الوحدات الحرارية أيضاً، لكن الهدف الأساسي يبقى في التغيير نحو نوعية نمط حياة أفضل ونظام غذائي صحي.
يجب التركيز في النظام الغذائي للطفل على الخضر والفاكهة والحبوب الكاملة الغذاء والحليب الخالي من الدسم ومشتقاته.
يجب أن تشكل ممارسة الرياضة جزءاً أساسياً من حياته سواء من خلال الانضمام إلى فريق لممارسة رياضة يحبها أو من خلال اللعب خارجاً. يجب أن يتعلّم الأطفال أسس النظام الغذائي الصحيح ليتبع عادات سليمة طوال حياته مما يسمح بتجنب دخوله في دوّامة الحمية التي لا مخرج لها أحياناً.
دلالات
المساهمون