تظاهرات العراق-حسين فالح/فرانس برس
06 يوليو 2020
+ الخط -

لم تنتهِ التظاهرات العراقية، على أرض الواقع، إذ لا يزال المئات من المعتصمين يتوزعون في خيامهم بساحات التحرير في بغداد و"الصدرين" في النجف و"الحبوبي" في الناصرية، مواصلين رفع مطالبهم القاضية بمحاكمة الفاسدين، وإجراء إصلاحات واسعة في الدولة، والمطالبة بالدولة المدنية بعد إجراء انتخابات مبكرة تضمن حق مشاركة أحزاب وكيانات سياسية جديدة في إطار قانون انتخابات عادل ونزيه، ناهيك بالمطلب الذي بات أساسياً، وهو الكشف عن هوية قتلة المتظاهرين.

في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية توجد أكثر من 30 خيمة، وفي كل واحدة منها أكثر من أربعة أشخاص لا ينوون مغادرتها حتى مع ارتفاع درجة الحرارة وتفشي فيروس كورونا، معتبرين أن الانسحاب من الخيم يعني سيطرة القوات الأمنية وعناصر المليشيات عليها، وهو ما قد يمنع تجدّد الاحتجاجات في المستقبل. أما في ساحة الحبوبي جنوباً، فهناك أكثر من 15 خيمة يحتشد فيها الشبان، والحال عينها مع ساحة الصدرين وسط النجف، التي يؤكد الشباب بقاءهم فيها، على الرغم من الظروف الصحية والبيئية التي تمرّ بها البلاد.

والتقى "العربي الجديد" كرار باسم، وهو أحد أعضاء الخيمة العراقية تحت نصب الحرية في بغداد، الذي قال إن "معظم المعتصمين مضى على وجودهم في ساحة التحرير أكثر من سبعة أشهر من دون مغادرة، للتأكيد على المطالب، وأهمها المطالبة بمحاكمة قتلة المتظاهرين الذين باتوا أهم الأهداف التي ينشدها المحتجون، ولا سيما أن جميع الأحزاب والفصائل المسلحة والقوات النظامية تبرأت منهم، إلا قادة البلاد الذين يعرفونهم". وأضاف أن "رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وبحكم عمله السابق في جهاز المخابرات، فهو بكل تأكيد يعرف القتلة، وربما يعرفهم بالأسماء وإلى أي جهات ينتمون"، موضحاً أن "على الكاظمي وحكومته الفتية، التي يأمل بعض المتظاهرين أن تكون مغايرة للحكومات السابقة، الكشف عن الجهات التي استهدفت المحتجين برصاص القناص والرصاص الحي والقنابل".

وانطلقت تظاهرات الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، إثر الاعتداء على متظاهري منطقة العلاوي وسط بغداد من حملة الشهادات العليا، وتخللت التظاهرات التي سرعان ما تفجرت في مدن أخرى جنوب ووسط البلاد، وباتت تعرف باسم "ثورة أكتوبر"، أعمال عنف مروعة من قبل السلطة تجاه المتظاهرين، خلّفت لغاية الآن نحو 700 قتيل وأكثر من 27 ألف جريح ومصاب، ونحو 4 آلاف معتقل أطلق سراح أغلبهم، كما سُجل اختطاف عشرات الناشطين.

أما الناشط المدني من بغداد يوسف الإبراهيمي، فقد بيّن لـ"العربي الجديد" أن "التظاهرات الحالية هي مصدر قوة لحكومة الكاظمي، وأنه يعمل على دعمها دائماً، لأنها تُعتبر الجناح الشعبي المؤيد لأي خطوة إصلاحية ضمنها ضرب المليشيات"، مؤكداً أن "الاعتصام المفتوح الذي يمارسه المتظاهرون هو أنسب مظهر من مظاهر الاحتجاج السلمي، وعلى الرغم من تفشي فيروس كورونا، إلا أن غالبية الترجيحات تشير إلى عودة الاحتجاجات إلى قوتها السابقة أو أقل بقليل بعد انتهاء الجائحة".

من جهته، قال علي الحجيمي، وهو منسق تظاهرات ساحة الصدرين في النجف، إن "المعتصمين لديهم حالياً أكثر من ملف، وعدا عن العنف الذي مارسته السلطات معهم، فإنهم يطالبون الحكومة بمعاقبة عناصر من التيار الصدري تورطوا بقتل المتظاهرين"، مشيراً لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لا توجد أي محافظة عراقية انتفضت ضد الحكومة في شهر أكتوبر ولحدّ الآن، تنوي الانسحاب من الساحات، خصوصاً وأن كل متظاهر بات ينتظر معرفة قاتل زميله ورفيقه في الاحتجاج".

خلّفت أعمال العنف بحق المتظاهرين نحو 700 قتيل وأكثر من 27 ألف جريح ومصاب

إلى ذلك، لفت الصحافي العراقي علي سلمان، وهو مهتم بشؤون الاحتجاجات في البلاد، إلى أن "المعتصمين في بغداد وبقية المحافظات قد يعلنون في أي لحظة انسحابهم من الساحات بسبب الخذلان الذي تعرضوا له ممن يحسبون أنفسهم قيّمين على الاحتجاجات، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الخذلان قد يدفع باتجاهين، الأول هو الانسحاب وإعادة ترتيب الصفوف مرة أخرى وعودة الاحتجاجات بعد عام أو عامين، أو إعلان عودة الاحتجاجات من الآن ضد حكومة الكاظمي باعتبارها لم تقدم أي شيء إلى المتظاهرين، وهذا الأمر يُعتبر انتحاراً بالنظر إلى الظروف الصحية التي يعاني منها العراق، كما أن المليشيات لا تزال متيقظة لضرب المحتجين الذين تعتبرهم مموَّلين من إسرائيل وأميركا وبلدان خليجية".

المساهمون