يسجّل سعر صرف الليرة السورية تدهوراً مستمراً أمام العملات الأجنبية منذ اندلاع الاحتجاجات في عام 2011. وقد عرف ذلك التدهور فترات هدوء، حيث يكون فيها النظام قادراً على كبح جماحه عبر سلسلة إجراءات نقدية وإدارية.
كما تمرّ فترات تتآكل فيها قيمة العملة المحلية بوتيرة سريعة جداً، وبشكل خاص عندما يترافق الانهيار الاقتصادي مع تطورات سياسية، وتراجعات عسكرية ميدانية مؤثرة وكبيرة لجيش النظام. ويطلق ذلك عادة جملة تحليلات تتنبأ بالانهيار الاقتصادي للنظام وبإفلاسه القريب. لكن النظام ينجح لاحقاً في ضبط التدهور، ولا يبدو متأثراً بدرجة كبيرة، كما هو حال ملايين السوريين الذين تتفاقم معاناتهم مع كل انخفاض في قيمة الليرة.
يشير الباحث الاقتصادي، آدم يوسف، لـ"العربي الجديد" إلى أن "قنوات تمويل السوريين والاقتصاد السوري باتت تختلف عن قنوات تمويل النظام، الذي أنشأ منظومة مالية يعتمد فيها على ادخارات سابقة بالعملة الأجنبية. كما يعتمد على إيرادات متنوعة من عمليات غير شرعية تديرها مجموعات مرتبطة به، حيث تنظّم عمليات التهريب المختلفة، ولا يتم إيداع تلك الادخارات النقدية في النظام المصرفي".
وفضلاً عن مصادر التمويل الداخلية للنظام السوري، يضيف يوسف "الدعم الخارجي الكبير الذي يتلقّاه النظام من حلفائه، وقد بات هذا الدعم حيوياً وحاسماً في دعم النظام وفي تخفيف الضغوط عن اقتصاد الدولة".
وكان حاكم بنك سورية المركزي، أديب ميالة، تحدث قبل أيام لشبكة أخبار "بلومبيرغ" عن "موافقة مبدئية" أعطتها الحكومة الإيرانية على قرض جديد للنظام السوري بقيمة مليار دولار أميركي. ويضاف ذلك إلى قرضين اثنين حصل عليهما النظام من إيران في عام 2013، الأول بقيمة مليار دولار، والثاني بقيمة 3.6 مليارات دولار.
اقرأ أيضا: الليرة سلاح الأسد السري
يعتقد الباحث الاقتصادي، عادل الفاضل، أن "القروض الخارجية كانت حاسمة في دعم سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، حيث تمكّن تلك القروض بنك سورية المركزي من ضخ كميات من الدولار في الأسواق بأسعار منخفضة، تشدّ سعر صرف السوق السوداء نحو الأدنى".
وقد ارتفعت وتيرة تدخلات البنك المركزي في الأسابيع الماضية بعد انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، بسبب تراجع سيطرة جيش النظام في شمال وجنوب البلاد. إذ قام المصرف المركزي بضخ الدولار في السوق بسعر 290 ليرة، في حين كان سعر السوق السوداء 330 ليرة، مجبراً، بالنتيجة، تجّار العملات على خفض أسعارهم.
هكذا، لا تبدو آثار انخفاض سعر صرف العملة المحلية كبيرة على النظام السوري الذي نجح في تمويل مؤسساته الإدارية والعسكرية، لكن آثارها على الغالبية الساحقة من السوريين أصحاب الدخول المنخفضة الذين يعتمدون على ادخاراتهم بالعملة المحلية والعاطلين من العمل كانت كارثية.
فقد ترافق انخفاض سعر صرف الليرة خلال السنوات الماضية مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات. ويشير التقرير الأخير للمركز السوري لبحوث السياسات إلى انكماش الاستهلاك الخاص الذي يعتبر مقياساً مباشراً لمعيشة الأسر السورية بنسبة 41.7 % مقارنة مع عام 2010. وقد انكمش الاستهلاك الخاص بنحو 11% في عام 2014 مقارنة مع عام 2013.
وتواصل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في عام 2014، إذ ارتفع بمعدل يقارب 15% في النصف الأول من العام الماضي، بينما قفز 22% في الربع الأخير، وشمل ذلك تزايد أسعار الخبز والسكر والمشتقات النفطية.
تآكل قيمة الليرة
غير أن انخفاض سعر صرف الليرة السورية، الذي يضعف القوة الشرائية لأصحاب الأجور ويبدّد مدّخرات السوريين، يزيد في المقابل من "القوة الشرائية لمدخرات النظام السوري المكدسة بالدولار" يقول الفاضل.
ويضيف: "يستحوذ النظام على الحوالات النقدية بالقطع الأجنبي التي يرسلها المغتربون لأقاربهم في سورية، ويسلمها بالعملة المحلية وبسعر صرف متدن ليحتفظ بالقطع الأجنبي من جهة، وليجني أرباحاً من قوت السوريين المنهكين من جهة أخرى. هكذا يزيد النظام مدخراته من القطع الأجنبي، في حين يسمح تدهور سعر صرف الليرة بزيادة إنفاقه بالعملة المحلية أو التظاهر بأنه يزيد الإنفاق".
بالنتيجة، لا يبدو أن التآكل الكبير في قيمة الليرة السورية يحمل انعكاسات خطيرة على النظام، لكن الآثار تبدو مدمرة على السوريين. وقد باتت التقارير الدولية تتحدث عن أن أربعة أشخاص من كل خمسة باتوا فقراء، وعن أن نحو ثلثي السكان أصبحوا غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية الغذائية.
كما تمرّ فترات تتآكل فيها قيمة العملة المحلية بوتيرة سريعة جداً، وبشكل خاص عندما يترافق الانهيار الاقتصادي مع تطورات سياسية، وتراجعات عسكرية ميدانية مؤثرة وكبيرة لجيش النظام. ويطلق ذلك عادة جملة تحليلات تتنبأ بالانهيار الاقتصادي للنظام وبإفلاسه القريب. لكن النظام ينجح لاحقاً في ضبط التدهور، ولا يبدو متأثراً بدرجة كبيرة، كما هو حال ملايين السوريين الذين تتفاقم معاناتهم مع كل انخفاض في قيمة الليرة.
يشير الباحث الاقتصادي، آدم يوسف، لـ"العربي الجديد" إلى أن "قنوات تمويل السوريين والاقتصاد السوري باتت تختلف عن قنوات تمويل النظام، الذي أنشأ منظومة مالية يعتمد فيها على ادخارات سابقة بالعملة الأجنبية. كما يعتمد على إيرادات متنوعة من عمليات غير شرعية تديرها مجموعات مرتبطة به، حيث تنظّم عمليات التهريب المختلفة، ولا يتم إيداع تلك الادخارات النقدية في النظام المصرفي".
وفضلاً عن مصادر التمويل الداخلية للنظام السوري، يضيف يوسف "الدعم الخارجي الكبير الذي يتلقّاه النظام من حلفائه، وقد بات هذا الدعم حيوياً وحاسماً في دعم النظام وفي تخفيف الضغوط عن اقتصاد الدولة".
وكان حاكم بنك سورية المركزي، أديب ميالة، تحدث قبل أيام لشبكة أخبار "بلومبيرغ" عن "موافقة مبدئية" أعطتها الحكومة الإيرانية على قرض جديد للنظام السوري بقيمة مليار دولار أميركي. ويضاف ذلك إلى قرضين اثنين حصل عليهما النظام من إيران في عام 2013، الأول بقيمة مليار دولار، والثاني بقيمة 3.6 مليارات دولار.
اقرأ أيضا: الليرة سلاح الأسد السري
يعتقد الباحث الاقتصادي، عادل الفاضل، أن "القروض الخارجية كانت حاسمة في دعم سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، حيث تمكّن تلك القروض بنك سورية المركزي من ضخ كميات من الدولار في الأسواق بأسعار منخفضة، تشدّ سعر صرف السوق السوداء نحو الأدنى".
وقد ارتفعت وتيرة تدخلات البنك المركزي في الأسابيع الماضية بعد انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، بسبب تراجع سيطرة جيش النظام في شمال وجنوب البلاد. إذ قام المصرف المركزي بضخ الدولار في السوق بسعر 290 ليرة، في حين كان سعر السوق السوداء 330 ليرة، مجبراً، بالنتيجة، تجّار العملات على خفض أسعارهم.
هكذا، لا تبدو آثار انخفاض سعر صرف العملة المحلية كبيرة على النظام السوري الذي نجح في تمويل مؤسساته الإدارية والعسكرية، لكن آثارها على الغالبية الساحقة من السوريين أصحاب الدخول المنخفضة الذين يعتمدون على ادخاراتهم بالعملة المحلية والعاطلين من العمل كانت كارثية.
فقد ترافق انخفاض سعر صرف الليرة خلال السنوات الماضية مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات. ويشير التقرير الأخير للمركز السوري لبحوث السياسات إلى انكماش الاستهلاك الخاص الذي يعتبر مقياساً مباشراً لمعيشة الأسر السورية بنسبة 41.7 % مقارنة مع عام 2010. وقد انكمش الاستهلاك الخاص بنحو 11% في عام 2014 مقارنة مع عام 2013.
وتواصل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في عام 2014، إذ ارتفع بمعدل يقارب 15% في النصف الأول من العام الماضي، بينما قفز 22% في الربع الأخير، وشمل ذلك تزايد أسعار الخبز والسكر والمشتقات النفطية.
تآكل قيمة الليرة
غير أن انخفاض سعر صرف الليرة السورية، الذي يضعف القوة الشرائية لأصحاب الأجور ويبدّد مدّخرات السوريين، يزيد في المقابل من "القوة الشرائية لمدخرات النظام السوري المكدسة بالدولار" يقول الفاضل.
ويضيف: "يستحوذ النظام على الحوالات النقدية بالقطع الأجنبي التي يرسلها المغتربون لأقاربهم في سورية، ويسلمها بالعملة المحلية وبسعر صرف متدن ليحتفظ بالقطع الأجنبي من جهة، وليجني أرباحاً من قوت السوريين المنهكين من جهة أخرى. هكذا يزيد النظام مدخراته من القطع الأجنبي، في حين يسمح تدهور سعر صرف الليرة بزيادة إنفاقه بالعملة المحلية أو التظاهر بأنه يزيد الإنفاق".
بالنتيجة، لا يبدو أن التآكل الكبير في قيمة الليرة السورية يحمل انعكاسات خطيرة على النظام، لكن الآثار تبدو مدمرة على السوريين. وقد باتت التقارير الدولية تتحدث عن أن أربعة أشخاص من كل خمسة باتوا فقراء، وعن أن نحو ثلثي السكان أصبحوا غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية الغذائية.