ورغم أنّ غياب هشام في معتقلات الاحتلال ليس بالأمر الجديد على العائلة، فهذا هو الاعتقال الثالث له على حداثة سنه، إلا أنه كان الأصعب، كما توضح والدته فدوى ياسين بشكار لـ"العربي الجديد": "كان يجب أن يكون هشام في هذا اليوم إلى جانب خطيبته على المنصة يحتفلان بزفافهما، لكنه هو الآن وحيدٌ في أقبية التحقيق الإسرائيلية، مقيد اليدين والقدمين".
وتضيف: "كنت أخشى عليه، فهذا احتلال بغيض لا يؤمن جانبه، ففي صباح اليوم الذي اعتقل فيه أبلغني أنه سيتوجه إلى مدينة رام الله ليوصل بطاقات الدعوة لأصدقاء له هناك، طلبت منه أن يدعوهم هاتفياً أو عبر فيسبوك، لكنه أصرّ على الذهاب".
وغابت شمس ذلك اليوم ولم يعد هشام، إذ توضح ياسين: "وضعت يدي على قلبي، ولأن قلب الأم لا يكذب، فبمجرد أن قرأت خبر اعتقال شاب على حاجز إسرائيلي جنوب نابلس، قلت إنه هشام، وبالفعل كان هو"، تقول الأم المكلومة.
ومع هذا، فقد عاشت أمّ فوزي والعائلة على أمل أن يعود عريسها المرتقب قبل موعد الزفاف، وتصف الأم تلك المشاعر قائلة: "لم يمضِ على وجوده بيننا سوى أشهر قليلة، حيث أطلق سراحه من سجون الاحتلال، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بعد اعتقال استمر ثمانية أشهر، وقبلها كان قد غاب لنحو 28 شهراً متواصلة. فلماذا هذا الاعتقال؟ وماذا فعل حتى يتم التنغيص علينا؟".
وتجيب بنفسها عن السؤال: "الاحتلال لا يريد للفرحة أن تدخل بيوتنا، هذا ما قاله ضباط التحقيق الإسرائيلي لأخيه وأعمامه خلال اعتقالاتهم السابقة (لن نسمح لكم بأن تفرحوا. سننغص عليكم كلما استطعنا). فهذا هو الاحتلال الذي نعرفه جيداً منذ عقود، لكننا سنستمر بحياتنا ونفرح ونزوّج أولادنا ونقيم الحفلات رغماً عنه".
ومع قرار محكمة الاحتلال تمديد توقيف هشام، نهاية الأسبوع الماضي، على ذمة التحقيق، أدركت العائلة أن فرحتها تأجلت إلى أجل غير معلوم.
تقول الأم: "كنا نخاف من كورونا. لكن تبين لنا أن هناك ما هو أخطر من هذا الفيروس. إنه الاحتلال الذي يسعى إلى قتل الفرحة في مهدها".
وكغيرها من المقبلات على الزواج، كانت خطيبة هشام، الشابة أماني الأسمر (22 عاماً) تحلم بيوم من العمر وبحفل زفاف لا يُنسى. لكن الرياح جاءت بما لا تشتهيه السفن.
تقول أماني لـ"العربي الجديد": "بيتنا جاهز، كل ترتيبات الحفل كانت شبه جاهزة، حجزنا قاعة للأفراح وموعداً مع صالون التجميل، حتى أدق التفاصيل درسناها بعناية فائقة".
وتتابع: "لوقت طويل، لم يستطع عقلي أن يستوعب ما حلّ بهشام، فقد توقعت كل شيء، إلا أن يقوم الاحتلال باعتقاله، لا شك كانت صدمة كبيرة، لكننا تربينا على أن هذا الاحتلال حاقد وهدفه التنغيص علينا ولن نعطيه هذه الفرصة".
ما جرى، دفع أماني إلى التواصل مع صالون التجميل وقاعة الأفراح، وحتى مع كثير من المدعوين، والاعتذار لهم عن إلغاء الحفل. تقول أماني: "كانت خطوة صعبة، لكن لا بديل منها، وقد لقيت تضامناً كبيراً من كل هؤلاء الذين تمنوا أن يعاد جمع شملي بهشام عما قريب".