كان متوقعاً أن يطل ميشال المرّ، رئيس مجلس إدارة "تلفزيون المرّ MTV" اللبناني، في الحلقة الأولى من الموسم الجديد من برنامج "حديث البلد" على القناة نفسها، خصوصاً أن عودة البرنامج جاءت بعد صدور حكم بتبرئة "ستوديو فيزيون" (تابعة للمرّ) من تهمة التخابر غير الشرعي التي رفعت قبل أكثر من عام. وكان متوقعاً أن يشنّ هجوماً على القنوات التلفزيونية المنافسة، التي أطلقت النار على MTV والمرّ واستوديو فيزيون، بعد قضية التخابر إياها. لكن ببرودته المعروفة أطلق ميشال المرّ، هجوماً على منافسيه بطريقة تعكس الانحدار اللامتناهي الذي يعيشه الإعلام اللبناني.
صراع "الرايتينغ" أو نسب المشاهدة، هو تقريبا البوصلة التي تقود القنوات اللبنانية المحلية. إذ قبل أيام أعلنت "المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI" أنها القناة الأكثر مشاهدة في لبنان، مستندة إلى إحصاءات شركة "إيبسوس". وأظهرت الأرقام (المريبة عموماً) أنه في "البرايم تايم" أو "وقت الذروة"، أي بين الساعة السابعة والساعة الحادية عشرة مساء، تستحوذ المحطة على 48.4 في المئة من نسب المشاهدة، بينما تحصل الجديد على 24.8 في المئة، وتلتها MTV بـ17.7 في المئة، ثم جاءت باقي المحطات.
بسرعة استنفرت قناة MTV، فردّت بداية في برنامج "هيدا حكي" الساخر مع عادل كرم وعباس شاهين، معتبرة أن الأرقام غير منطقية.
وفي نشوة الشعور بالانتصار بعد سقوط دعوى التخابر غير الشرعي، أطلّ ميشال المرّ أمس في "حديث البلد" مطلقاً النار في كل الاتجاهات: "الإعلانات عندنا أغلى من كل القنوات، لأننا نصل إلى جمهور ذي مستوى علمي لا يستطيع الآخرون استقطابه" من دون أن يوضح ما هي المؤهلات العلمية التي يحملها جمهور قناته، ولا تحملها جماهير القنوات الأخرى؟ والأرجح أن المرّ كان يتحدث عن المستوى الاجتماعي والاقتصادي لجمهور MTV التي توجّه برامجها بشكل أساسي للطبقة الوسطى من أبناء الطائفة المسيحية وهو ما وضّحته منى أبو حمزة تعقيبا على كلامه. إذ إن الأكيد أن برامج MTV وبرامج أي قناة لبنانية أخرى، لا تحتاج إلى مستوى علمي محدّد لفهم مضمونها أو التفاعل معها، حيث تقوم كلها على الترفيه التجاري (برامج المواهب الفنية والمسلسلات المحلية). وأكمل المر هجومه ليطاول أيضاً هشام حداد مقدّم برنامج "لهون وبس" على LBCI، الذي عادة ما يسخر في برنامجه من قناة MTV.
تصريحات المرّ في "حديث البلد" جزء صغير من الأزمة التي يعيشها الإعلام اللبناني وتتحمّل مسؤوليتها القنوات المحلية مجتمعة. فمنذ العام 2005، ومباشرة بعد جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري انقسمت وسائل الإعلام المرئية سياسياً، وبدأت حفلات جنون وتحريض سياسي ومذهبي... ومع بهوت المشهد السياسي ودخوله في رتابة قاتلة، عادت الشاشات إلى الترفيه، وخفت المحتوى السياسي الفج والمباشر.
اقــرأ أيضاً
هكذا انحصرت المنافسة بين ثلاث محطات هي LBCI وMTV و"الجديد"، وبدأ طوفان البرامج الرديئة التي تعتمد على التسطيح والعنصرية وإثارة الغرائز الجنسية والطائفية، تحديداً بين الغريمين التلقيديين أي "أم تي في" و"أل بي سي آي". وصولاً حد تخصيص فقرات شبه ثابتة في نشرات الأخبار والبرامج الساخرة، لانتقاد بعضهم البعض.
يقال إنه مطلع التسعينيات كان الإعلام اللبناني رائداً، وقد عرف كيف يحافظ على محتوى جيّد وسقف حرية مقبول حتى في عزّ الوجود العسكري السوري في لبنان. لكن يبدو واضحاً أن المأساة السياسية في البلاد، والمنطقة، انعكست على الإعلام بمختلف وسائله، فأقفلت صحف، وتعيش أخرى حالة احتضار، بينما يلهو الإعلام المرئي بحرب الإحصاءات، التي لا يمكن الاعتماد على أرقامها ولا على تصنيفها، نظراً إلى أن كل شركة، تعمل لصالح قناة محدّدة.
ومن المتوقع أن تعود هذه الحرب إلى الاشتعال بحدة أكبر مع اقتراب الموسم الرمضاني، والانتخابات النيابية في لبنان، وفي انتظار هذين الموسمين على المشاهد تحمّل حفلات الشتائم والتراشق الصبياني بين مسؤولي المحطات.
صراع "الرايتينغ" أو نسب المشاهدة، هو تقريبا البوصلة التي تقود القنوات اللبنانية المحلية. إذ قبل أيام أعلنت "المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI" أنها القناة الأكثر مشاهدة في لبنان، مستندة إلى إحصاءات شركة "إيبسوس". وأظهرت الأرقام (المريبة عموماً) أنه في "البرايم تايم" أو "وقت الذروة"، أي بين الساعة السابعة والساعة الحادية عشرة مساء، تستحوذ المحطة على 48.4 في المئة من نسب المشاهدة، بينما تحصل الجديد على 24.8 في المئة، وتلتها MTV بـ17.7 في المئة، ثم جاءت باقي المحطات.
Twitter Post
|
بسرعة استنفرت قناة MTV، فردّت بداية في برنامج "هيدا حكي" الساخر مع عادل كرم وعباس شاهين، معتبرة أن الأرقام غير منطقية.
وفي نشوة الشعور بالانتصار بعد سقوط دعوى التخابر غير الشرعي، أطلّ ميشال المرّ أمس في "حديث البلد" مطلقاً النار في كل الاتجاهات: "الإعلانات عندنا أغلى من كل القنوات، لأننا نصل إلى جمهور ذي مستوى علمي لا يستطيع الآخرون استقطابه" من دون أن يوضح ما هي المؤهلات العلمية التي يحملها جمهور قناته، ولا تحملها جماهير القنوات الأخرى؟ والأرجح أن المرّ كان يتحدث عن المستوى الاجتماعي والاقتصادي لجمهور MTV التي توجّه برامجها بشكل أساسي للطبقة الوسطى من أبناء الطائفة المسيحية وهو ما وضّحته منى أبو حمزة تعقيبا على كلامه. إذ إن الأكيد أن برامج MTV وبرامج أي قناة لبنانية أخرى، لا تحتاج إلى مستوى علمي محدّد لفهم مضمونها أو التفاعل معها، حيث تقوم كلها على الترفيه التجاري (برامج المواهب الفنية والمسلسلات المحلية). وأكمل المر هجومه ليطاول أيضاً هشام حداد مقدّم برنامج "لهون وبس" على LBCI، الذي عادة ما يسخر في برنامجه من قناة MTV.
تصريحات المرّ في "حديث البلد" جزء صغير من الأزمة التي يعيشها الإعلام اللبناني وتتحمّل مسؤوليتها القنوات المحلية مجتمعة. فمنذ العام 2005، ومباشرة بعد جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري انقسمت وسائل الإعلام المرئية سياسياً، وبدأت حفلات جنون وتحريض سياسي ومذهبي... ومع بهوت المشهد السياسي ودخوله في رتابة قاتلة، عادت الشاشات إلى الترفيه، وخفت المحتوى السياسي الفج والمباشر.
هكذا انحصرت المنافسة بين ثلاث محطات هي LBCI وMTV و"الجديد"، وبدأ طوفان البرامج الرديئة التي تعتمد على التسطيح والعنصرية وإثارة الغرائز الجنسية والطائفية، تحديداً بين الغريمين التلقيديين أي "أم تي في" و"أل بي سي آي". وصولاً حد تخصيص فقرات شبه ثابتة في نشرات الأخبار والبرامج الساخرة، لانتقاد بعضهم البعض.
يقال إنه مطلع التسعينيات كان الإعلام اللبناني رائداً، وقد عرف كيف يحافظ على محتوى جيّد وسقف حرية مقبول حتى في عزّ الوجود العسكري السوري في لبنان. لكن يبدو واضحاً أن المأساة السياسية في البلاد، والمنطقة، انعكست على الإعلام بمختلف وسائله، فأقفلت صحف، وتعيش أخرى حالة احتضار، بينما يلهو الإعلام المرئي بحرب الإحصاءات، التي لا يمكن الاعتماد على أرقامها ولا على تصنيفها، نظراً إلى أن كل شركة، تعمل لصالح قناة محدّدة.
ومن المتوقع أن تعود هذه الحرب إلى الاشتعال بحدة أكبر مع اقتراب الموسم الرمضاني، والانتخابات النيابية في لبنان، وفي انتظار هذين الموسمين على المشاهد تحمّل حفلات الشتائم والتراشق الصبياني بين مسؤولي المحطات.