وتفجرت التظاهرات في مدن رانية والسليمانية وحلبجة وكفري وراوندور وكلار وجمجمال وسيد صادق وتكية وقلعة دزه وكويسنجق التابعة لأربيل، ومناطق أخرى مثل حمة وكورك وحرية وأوباد، وأسفرت عن مقتل سبعة مدنيين، بينهم طفل، وإصابة 183 آخرين بينهم 10 في حالة حرجة بحسب مصادر بوزارة الصحة في الإقليم، فضلا عن حرق وتدمير 41 مقرا حزبيا، و25 مؤسسة حكومية، وحرق إذاعة محلية تابعة لأحد الأحزاب المشاركة في السلطة.
ويرفع المتظاهرون شعارات مختلفة، لكن أغلبها يركز على تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتراجع مستوى الخدمات الحكومية.
وفشلت حكومة الإقليم في إخماد التظاهرات رغم تحريك شخصيات دينية وقبلية لاحتواء الموقف والتفاوض مع الناشطين وقادة التظاهرات الذين اعتبروا أنهم وصلوا إلى نقطة اللاعودة بعد مقتل زملاء لهم على أيدي قوات الأمن الكردية.
يقول أحد مسؤولي الحراك في مدينة رانية، عمر صلاح الدين، لـ"العربي الجديد"، إن "السكين وصلت إلى العظم، فخرج الناس إلى الشوارع. منذ أشهر لم يتسلم الموظفون أو المتقاعدون رواتبهم، والفقر ارتفع إلى الثلث في المجتمع، ولا عمل ولا تجارة، وزادت عقوبات بغداد الطين بلة على الشعب الكردي، وليس على حكومة الإقليم".
ويضيف "أكثر من نصف الشباب تجاوزوا الثلاثين ومازالوا غير قادرين على الزواج، والناس لا تأكل اللحم إلا في المناسبات، أو الولائم التي يقيمها الأثرياء. ربط التظاهرات بأجندة سياسية غير صحيح، ومحاولة للتنصل من مسؤولية الحكومة والأحزاب عما نمر به".
ثورة خبز
وتقول الناشطة الشابة في تظاهرات مدينة السليمانية، أغنية شقلاوي: "لم نخرج بطرا. نحن نرى أبناء المسؤولين يعيشون في نعيم، بينما الناس العاديون غير قادرين على استبدال أحذيتهم البالية".
وتضيف لـ"العربي الجديد": "يمكن أن تسميها ثورة خبز، فجميع من خرجوا لديهم حقوق طبيعية لا يستطيعون الحصول عليها، نحن لا نطالب بأمور ترفيهية. معدل الفقر زاد، والبطالة تفاقمت بعد إجراء الاستفتاء. كان هناك سياحة وتم قتلها، وكان هناك زراعة وتجارة مع بقية مدن العراق وتوقفت. حكومة بغداد لا تعي أنها تعاقب الشعب وليس البارزانيين أو الطالبانيين".
ويقول هيوا عبد القادر (29 سنة) من محافظة السليمانية، لـ"العربي الجديد"، إن "أهم أسباب التظاهرات في مدن الإقليم هو الظلم الذي وقع على الأهالي بسبب أفعال الأحزاب السياسية التي ساهمت في تدهور الأوضاع المعيشية بعد أن كان الإقليم واحدا من أفضل المناطق في الشرق الأوسط ومقصدا للزوار العراقيين والأجانب. هناك بطالة متفشية بين الشباب، وسوء في الخدمات، وهناك تمييز بين الناس وبين أبناء المسؤولين".
وأضاف أن "أوضاع الإقليم كانت جيدة وحولها الحزبان الكرديان (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد) إلى جحيم. منذ أكثر من عام لم تدفع رواتب المتقاعدين، والموظفون الحكوميون لم يتقاضوا سوى ثلاثة مرتبات خلال العام الحالي. كل شيء متعطل في الإقليم والسبب السياسة الخاطئة لحكومة الإقليم التي عليها الرحيل، وعلى أبناء كردستان تشكيل حكومة وطنية بعيدة عن الأحزاب الفاسدة التي تريد سرقة كل شيء. أين النفط؟ أين الأموال التي تدفعها الحكومة العراقية؟ جميعها يذهب إلى أرصدة حزبي بارزاني وطالباني".
ويرصد أستاذ الاقتصاد بجامعة صلاح الدين، أحمد جباري، لـ"العربي الجديد"، أن "الأسباب الرئيسية لخروج الناس في التظاهرات تتمثل في البطالة والفساد وعدم توزيع رواتب الموظفين. المشاكل الاجتماعية والبطالة وما تلا الاستفتاء من عقوبات اقتصادية وغلق للمنافذ الحدودية والحركة التجارية انعكست بصورة سريعة على الشارع الكردي الذي يرفض أن يتسلط عليه الفاسدون من الأحزاب".