هذا ما يقوله علماء النفس عن أسباب انتشار الأخبار الكاذبة

29 سبتمبر 2018
لا يغير الناس آراءهم بعد كشف الكذبة (جاب آريينز/NurPhoto/Getty)
+ الخط -
أظهرت الأبحاث أن 6 من كل 10 أشخاص يشاركون مقالاً على الإنترنت بعد قراءة عنوانه فقط، وأن 23 في المئة من الأميركيين اعترفوا بأنهم نشروا قصة وهمية على الإنترنت. ومع ذلك، يعدّ معظمنا نفسه محصناً ضدّ المعلومات المضللة على الإنترنت.

ونشر موقع "سوشل ميديا توداي" تحليلاً مطولاً حول الأخبار الزائفة من وجهة نظر علماء النفس، للإجابة عن سؤال: "كيف تنتشر الأخبار الكاذبة؟".

تنتشر الأخبار الكاذبة لأن الناس منغلقون

يميل الناس إلى البقاء في أمان "غرف الصدى" الخاصة بهم بدلاً من البحث بنشاط عن معلومات جديدة عبر الإنترنت، بحيث يفضل الإنسان المحتوى الذي يوافق آراءه بدل التطلع إلى محتوىً مختلف، وهذا ما تسهله مواقع التواصل اليوم.

وحللت دراسة سلوك مستخدمي فيسبوك لـ6 سنوات، وكانت النتيجة أن استهلاك الأخبار عبر الإنترنت يقتصر عند معظم الأشخاص على عدد قليل جداً من الصفحات. وتسمّى هذه الظاهرة بـ"التعرض الانتقائي"، وتتسبب في تشكيل مجتمعات ضيقة حول صفحات معينة على فيسبوك، ما يؤدي إلى مزيد من الفصل بين المستخدمين.

ووفقاً للباحثين، فإنّ الاستقطاب المتزايد للمستخدمين حول قصص محددة يؤدي إلى الانتشار السريع للمعلومات المضللة عبر الإنترنت.

 تنتشر الأخبار الكاذبة لأن قدراتهم المعرفية منخفضة

الطريقة التي نقيّم بها المعلومات الواردة هي عامل آخر لقابليتنا للأخبار المزيفة. في بحث أخير، وجد باحثون بلجيكيون أن قدرة الأفراد على الإدراك تحدد مدى قدرتهم على ضبط مواقفهم بعد تصحيح المعلومات الخطأ.

وقامت الدراسة أولاً بتقييم حكم الناس على شخصية وهمية بعد تلقيهم معلومات سلبية عنها، ولكنها قامت في وقت لاحق بتصحيح تلك المعلومات وتقييم ما إذا كانت التغييرات في الأحكام الأصلية للمستجوبين قد حدثت أم لا.

اتضح أن المشاركين ذوي القدرات المعرفية الأعلى هم فقط من قاموا بتعديل آرائهم بعد تعرّضهم للمعلومات المتناقضة، بينما كان المشاركون من ذوي القدرة المعرفية المنخفضة مصرّين على رأيهم الأول، على الرغم من الحقائق الجديدة.

تنتشر الأخبار الكاذبة بسبب التقدم في السن

ترتبط قدرتنا المعرفية بذاكرتنا العاملة، ونُشرت مقالة في دورية Scientific American تشرح كيف أن بعض الناس أقل قدرة على التخلص من المعلومات ذات الصلة من الذاكرة العاملة، ما يجعلهم ضحية سهلة للأخبار المزيفة.

ويعني هذا أنه مع تقدمنا ​​في السن، نصبح أيضاً أقل مهارة في تصحيح المعلومات الخطأ، لأن الذاكرة العاملة لدينا تتناقص بشكل طبيعي مع التقدم في السن، وهو ما يمكن أن يفسر سبب احتمال سقوط كبار السن ضحيةً للأخبار المزيفة.

كلما كان المحتوى ضعيف الجودة انتشر أكثر

لكن الوضع أكثر تعقيداً، نشر الأخبار المزيفة هو ظاهرة متعددة العوامل تعتمد على كل من العوامل المعرفية والبيئية.

تفترض دراسة نُشرت في دورية Nature Human Behaviour، أن تدفق المعلومات وامتداد اهتمام المستخدمين المحدود يسهم في نشر محتوى ذي جودة منخفضة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وجد الباحثون علاقة ضعيفة بين الجودة وشعبية المحتوى، وخلصوا إلى أنه، في شبكة مشبعة بالمعلومات، فإن المحتوى منخفض الجودة يصبح عرضة للانتشار بشكل كبير كمادة عالية الجودة.

 تنتشر الأخبار الكاذبة بسبب "تأثير الحقيقة الوهمية"

في الواقع، فإن رؤية الكثير من المعلومات، مثل التدفق المستمر للمنشورات أمامنا، يؤثر على الإدراك: فالتحيز أو ميلنا إلى مشاركة المعلومات التي تدعم معتقداتنا الراسخة يتفاقم على الشبكات الاجتماعية، ليس لدينا وقت لتحليل جميع المشاركات الواردة بشكل صحيح، فنميل إلى الانتباه فقط إلى تلك التي نحبها.

تابع التقرير أن ما يزيد صعوبة ضبط الأخبار المزيفة هو مشاركتها بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، التي، بالإضافة إلى كونها مصدراً للأخبار للكثير من المستخدمين، تخلق كذلك بيئة مثالية لما يسمى "تأثير الحقيقة الوهمية".

يفترض هذا التأثير أننا أكثر احتمالاً أن نعتقد بأن العبارة صحيحة إذا قرأناها في مكان ما من قبل. وذلك لأن التكرار يسرع من قدرتنا على معالجة المعلومات، ما يجعلنا، عن طريق الخطأ، نعتقد أن المعلومات التي نعرفها بالفعل يجب أن تكون صحيحة.

 تنتشر الأخبار الكاذبة بسبب... عواطفنا

هناك عنصر آخر شائع عبر التقارير الإخبارية المزيفة الأكثر فاعلية، هو أن الأشخاص يجدون صعوبة كبيرة في فضحها. والسبب في ذلك هو، مرة أخرى، عواطفنا.

واستكشفت عالمة النفس في جامعة توركو جوانا كاكنين، ردود أفعالنا على الأخبار المزيفة على المستوى الفسيولوجي. ووفقاً لأبحاثها حول حركات العين، عندما نقرأ قصة تثير ردود فعل عاطفية، وهي ذات صلة بنا، نحصل على نوع من الرؤية النفقية ويزداد انتباهنا، ما يجعلنا أكثر احتمالًا لتذكر القصة.



إذن، كيف نفضح خبراً كاذباً دون المساهمة في زيادة انتشاره؟

في كتابه Debunking Handbook، يقدم عالم النفس ستيفان ليفاندوفسكي، وأستاذ الإعلام جون كوك، بعض النصائح حول كيفية تبديد المعلومات الكاذبة: 

  1. بادئ ذي بدء، ركز على الحقائق لا على الأسطورة، اذكر الأسطورة فقط بعد توضيح الحقائق.

  2. لا تدفن الجمهور في الحقائق، بل استخدم لغة بسيطة وحقائق قليلة. يتحدث كل من ليفاندوفسكي وكوك عن الفجوة في معرفة الناس بعدما تم فضح الأسطورة، لكي يكون فعّالاً، يحتاج فضح الزيف إلى سد هذه الفجوة بمعلومات بديلة.

تنتشر الأخبار الكاذبة لأن الشائعة أقوى من تكذيبها

يُظهر تحليل لـ 65 دراسة حول تصحيح التضليل أن بعض الأساطير يصعب تصحيحها أكثر من غيرها، وخاصة التضليل في سياق السياسة، مقارنة بمواضيع مثل الصحة أو الجريمة.

ما يجعل التخلص من هذه الظاهرة صعباً هو أن معظم الناس يجدون صعوبة في الاعتقاد بأنهم، أنفسهم، يمكن أن يقعوا ضحية التضليل الإعلامي.

ويستكشف استطلاع مثير ما يسمى "تأثير الشخص الثالث"، أي ميلنا إلى الاعتقاد بأن الآخرين أكثر عرضة للتأثر بوسائل الإعلام وليس نحن. في السياق السياسي، تُظهر النتائج أن الناس أكثر احتمالاً للاعتقاد بأن خصومهم السياسيين يتأثرون بالروايات الكاذبة على الإنترنت، بينما يبالغون في تقدير قدرتهم على الكشف عن معلومات مضللة.