هذا الفساد في مصر

13 اغسطس 2016
+ الخط -
منذ يناير/ كانون الأول2011، يتحدث الجميع عن فساد نظام حسني مبارك 30 عاما من الحكم، وكيف انعكس هذا الفساد انهياراً في جميع مجالات الحياة في مصر، وأنّه شمل كلّ شيء تقريباً، من فساد الحكومة إلى فساد البرلمان والتعليم والصحة... ولم يبرّئ مواطن واحد نظام مبارك من مسؤوليته عن هذا الفساد الذي عمّ البلاد. ولكن، يتوقف الجميع ويصمتون أمام المؤسسة العسكرية، فهل يمكن أن يصيب الفساد كل شيء وتستثنى المؤسسه العسكرية؟ أم أنّ الفساد قد أصابها أيضا؟
يؤمن بعضهم أنّ المؤسسة العسكرية لا يمكن أن يصيبها الفساد، فرجالها حرّاس للوطن، وقوانينها الصارمة تمنع ذلك. بداية، لا يوجد ملائكة على الأرض "قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً" (الإسراء 95)، كما أنّ الضبط والربط والنظام العسكري وقاعدة "نفذ ثم اعترض"، وغياب الديمقراطية وأقدمية الرتب من أكثر العوامل التي تؤدي إلى الفساد بل تعتبر بيئة صالحة لنموه، وكذلك غياب الرقابة الشعبية من خلال البرلمان على ميزانية الجيش (بعيداً عن صفقات السلاح وكميته ونوعه). أيضاً من عوامل الفساد، الحديث أنّ المؤسسه العسكرية لا يمكن أن يصيبها الفساد، غير مقبول ولا صحيح ويخالف الواقع.
ولو استعرضنا التاريخ الحديث، لوجدنا أنّ من بين أسباب هزيمة 67، ما قيل عن تأخر صدّ الهجوم الجوي للعدو لوجود طائرة المشير عبد الحكيم عامر في الأجواء المصرية، وغير ذلك من رحلات كبار القادة وحفلاتهم، وكذلك تدخل الجيش في الحياة المدنية بدعوى فرض الضبط والربط (حتى اتحاد كرة القدم تولاه عامر فترة)، أيّ أنّ الجيش كان يتدخل في كل شيء، ما أثر (بالمنطق والواقع) على قدراته العسكرية المهنية.
عند الحديث عن الفساد، فالأمر بالتأكيد لا يعني فساد الـربع مليون فرد (أكثر أو أقل) من منتسبي القوات المسلحة، لكنه الحديث عن فساد قرارات وفساد سياسة وليس فساد أفراد، فأن تكون خطة الجيش السيطرة على المشروعات الاقتصادية والإنشائية في البلد، إلى درجة أن يقول أحد قادته "احنا بنصرف على البلد من 2011"، فهذا حديث غير مقبول إطلاقاً، ويكشف بصراحة شديدة عن فكر فاسد، لا يمكن أن يستمر كما لا يمكن أن يستمر استغلال الجيش لأراضي البلد ومرافق الدولة، وكذلك من يتم تجنيدهم من أفراد (للدفاع عن البلد وحمايته) في مشروعاته المدنية من دون حساب ولا رقيب، فكلّ ما يسيطر عليه الجيش من أراضي، وما يستغله من كهرباء ومياه وصرف منحتها له الدولة، من أجل مهامه القتالية العسكرية، وليس من أجل مشاريعه المدنية التي لا يتحمل عنها أيّة ضرائب (مثل باقي المشروعات والمصانع المدنية)، ويتفضل على الشعب أنه يصرف عليه من خلالها من دون رقابة من مجلس الشعب المنتخب، والذي له وحده حق رقابة ميزانية الشعب، ثم يدعي قادته (في حديث غير مقبول) أنهم يصرفون على الشعب، بل هذه العبارة في ذاتها دليل أكيد على فساد الفكر والقرارات.
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)