هجرة الشباب تضاعف أعداد العوانس في العراق

07 اغسطس 2015
شبح العنوسة يطارد العراقيات (فرانس برس)
+ الخط -


كشف أكاديميون عراقيون عن ارتفاع خطير في نسبة "العنوسة" بالعراق، بسبب الهجرة المستمرة للشباب من البلاد بحثاً عن الأمان وفرص العمل في دول أوربية، أو دول الجوار، والتي شهدت أرقاماً كبيرة للمهاجرين الشباب، والمقبلين على اللجوء الإنساني في مختلف دول العالم.

وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان، فاضل الغراوي، في تصريح صحافي إن "هجرة الشباب من البلاد ألقت بظلالها على الجانب الاجتماعي بشكل واضح، وأسفرت عن ارتفاع نسبة العازفين عن الزواج من الشباب، وبالتالي ارتفاع نسبة العنوسة".

وكشف الغراوي عن أرقام كبيرة للمهاجرين العراقيين من الشباب، مبيناً أن "المفوضية السامية للأمم المتحدة استقبلت أكثر من 195 ألف طلب لجوء عراقي، فضلاً عن هجرة آلاف العائلات العراقية بطرق غير رسمية".

وتابع "النسبة الأعلى من بين المتقدمين للجوء هي من الشباب بزيادة وصلت إلى 33 في المائة عن طلبات اللجوء في العام الماضي، وشملت هذه النسبة 29 ألف مهاجر في الأردن، و13 ألفا في تركيا، و10 آلاف في لبنان، و3 آلاف مهاجر في اليمن".

وتسببت أعداد المهاجرين الشباب في تفاقم مشكلة "العنوسة" داخل المجتمع العراقي؛ ما رفع نسبتها إلى معدلات مخيفة، فكثير من الشباب يعزفون عن الزواج بانتظار فرصة اللجوء إلى إحدى الدول الأوربية، فضلاً عن آلافٍ ممن هاجروا.

وقالت الباحثة الاجتماعية، بتول العبيدي، إنَّ "ما يفكر به الشاب العراقي حالياً هو الهجرة، ولهذا فإن نسبة العنوسة المرتفعة لا تأتي فقط كنتيجة لهجرة آلاف العراقيين، بل نتيجةً لعزوف من لم يهاجر منهم أصلاً عن الزواج بانتظار فرصة للجوء إلى أوروبا، حيث أصبح شغلهم الشاغل هو التفكير في الهجرة فقط، ما يعكس حالة اليأس التي وصل إليها الشباب العراقي".


وتضيف العبيدي لـ"العربي الجديد": "تحتل هجرة الشباب المركز الأول في الوقت الحالي بين أسباب ارتفاع نسبة العنوسة بعد الأسباب الاجتماعية الأخرى، كالعادات والتقاليد وغلاء المهور وفقدان الأمن والأزمة الاقتصادية".

ويتصدر العراق الدول العربية في نسبة العنوسة بحسب الخبراء، ما يلقي على المختصين أعباء كبيرة في محاولة علاج هذه الظاهرة التي ظهرت آثارها السلبية على المجتمع، حسب ما يرى الباحث في شؤون الأسرة والطفل، مهيمن عبد العظيم.

وقال عبد العظيم إن "العراق يتصدر الدول العربية في ارتفاع نسبة العنوسة بحسب الأبحاث التي أجريت في المنطقة، وهذا يشكل خطراً حالياً ومستقبلياً على المجتمع ككل، وينذر بتفكك أسري ونفسي خلال السنوات القليلة المقبلة إذا لم تعالج الظاهرة".

ويعتقد عبد العظيم أنَّ "أسباباً مختلفة سببت انتشار العنوسة بين الفتيات منها العادات والتقاليد غير المنطقية، والخوف من المستقبل بسبب انعدام الأمن، والطلبات المبالغ فيها من قبل العائلات، وغلاء المهور. لكن هذه الأسباب أصبحت ثانوية أمام السبب الرئيسي والخطير في الوقت الحاضر، وهو هجرة آلاف الشباب بحثاً عن الأمن أو فرص العمل في مختلف دول العالم".

صالح فيصل (40 عاماً) حاصل على شهادة جامعية، لكنه لم يحظ بفرصة عمل في مؤسسات الدولة، ما دفعه للعزوف عن الزواج لحين تأمين مستقبله. لكنه اليوم يفكر بالهجرة من البلاد، وقدم أكثر من طلب هجرة لمفوضية الأمم المتحدة.
يقول فيصل لـ"العربي الجديد": "لم تعد فكرة الزواج وتكوين أسرة تشكل حيزاً في تفكيري، وأنا أشاهد أمام عيني ملايين الأطفال الأيتام ممن فقدوا آباءهم في الحروب والتفجيرات، وملايين الأرامل والمشردين، فلا أرتضي أن تتشرد أسرتي من بعدي لأني لا أستطيع أن أضمن لهم العيش بكرامة في بلدي للأسف".

ويضيف فيصل "شغلي الشاغل حالياً هو الحصول على فرصة لجوء إلى إحدى الدول الأوروبية وهناك سأبدأ من جديد، وربما أفكر في الزواج حينها إذا توفرت لي فرصة عمل مناسبة تضمن مستقبلي ومستقبل عائلتي".

دلالات
المساهمون