هامون يستعدّ للعب دور المُعارض لماكرون: قيادة اليسار الفرنسي

10 مايو 2017
هل استلهم هامون تجربة ماكرون؟ (كريستوف مورين/Getty)
+ الخط -
خرج بونوا هامون عن بعض صمته، بعد الهزيمة القاسية التي تعرّض لها، هو والحزب الاشتراكي، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأعلن عن بعض ما يفكر فيه للمرحلة القادمة، كاشفاً عن نيته قيادة اليسار الفرنسي، بطريقة عابرة للحزب، بعد وصول إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه.

وكشف هامون في لقاء مع راديو "فرانس أنتير"، اليوم الأربعاء، أنّه ينوي "إعادة بناء يسار فرنسي خلّاق يتجاوز الانتماءات الحزبية"، وقال موضحاً "أعتقد أنّ اليسار يتناسل، وثمة أماكن يحيا فيها، خارج الأحزاب السياسية"، وهو ما يعني أنّه "يجب على اليسار أن ينهض من كبوته"، بحسب قوله.

ولم يذهب هامون إلى درجة مغادرة الحزب الاشتراكي، الذي أكد أنّه سيظل فيه، بل شدّد على أنّ حركته تتوجّه إلى كل رجل وامرأة من اليسار، وبالتالي فهي، بحسب وصفه، "حركة عابرة للأحزاب".

واختار هامون توقيتاً لهذه النقلة في وحدة اليسار، وهو الأول من أغسطس/ آب المقبل، أي بعد الانتهاء من الانتخابات التشريعية في يونيو/ حزيران المقبل، واختيار البرلمان الفرنسي الجديد.

وتطرح خطوة هامون، تساؤلات حول استلهام تجربة ماكرون الظافرة، أو استحضارها على الأقل، وهي التي لم تنطلق من أي إطار حزبي يؤازرها، ورأت النور في أبريل/ نيسان العام الماضي، حتى أوصلت مؤسسها إلى الإليزيه، مخالفة كل التوقعات التي أطلقها معظم المراقبين والسياسيين الفرنسيين، حول حظوظ الأحزاب التقليدية الكبرى.

وبرّر هامون اختيار توقيت إطلاق حركته، بالخشية من "اندثار اليسار في البرلمان الجديد"، في تلميح لموقفه من الحزب الاشتراكي، وفشل اتفاق حركة جان لوك ميلانشون والحزب الشيوعي، على تقديم مرشحين مشتركين أو تجنّب تقديم مرشحَيْن في دائرة واحدة.

ولن تجد السلطة الجديدة بقيادة ماكرون أمامها، سوى الحركة الجديدة، لـ"إسماعها صوتنا ضدّ أي تراجع للحكومة"، بحسب هامون.

وإذا كان هامون يختلف عن كثير من السياسيين، يميناً ويساراً، من الذين لا يكلون عن إعلان عدائهم للرئيس الجديد وبرنامجه، فإنّه لا يخفي اعتقاده بأنّ "برنامج الرئيس الجديد غيرُ قادر على الاستجابة للفترة الانتقالية التي تنتظرنا".

وخلافاً لمانويل فالس، أعلن هامون عن تحمّله لدور المعارض للرئيس الجديد، ووصف مواقف رئيس الحكومة السابق، من انتقاد الحزب الاشتراكي، لدرجة نعيه، وعرض خدماته على الرئيس الجديد، بأنّها "شكل من الهزيمة الأخلاقية".


ويأتي البرنامج الجديد، الذي أعلن عنه هامون، في وقت تخلّى فيه الحزب الاشتراكي، الذي تمزّقه الصراعات، وتستهوي بعض قياداته إغراءات اللحاق بماكرون، عن برامج المرشح الرئاسي السابق الانتخابية الكبرى، واستبدلها ببرنامج من ثلاث صفحات باسم "ميثاق واضح من أجل فرنسا، يسار بنّاء ومتضامن"، لا يُشهر الورقة الحمراء في وجه ماكرون، سوى في رفضه لإصلاح قانون العمل بواسطة مراسيم.

ومما يؤكد على هشاشة الموقف الجديد للحزب الاشتراكي، الأمل الذي عبر عنه رئيس الحزب جان كريستوف كامباديليس، بخصوص فتح نقاشات مع حركتي "الجمهورية، إلى الأمام!"، و"فرنسا غير الخاضعة"، من أجل الوقوف في وجه مرشحي حزب "الجبهة الوطنية".

ويجري كل هذا، في وقت يسود فيه الصراع حول تزكية ترشيحات الأحزاب قبيل الانتخابات التشريعية، الشهر المقبل، والتي يمثّل المرشحون الجدد فيها 60 %، بشكل يضمن توازناً هشاً بين تيارات الحزب غير المتجانسة.

ويبدو أنّ هامون، فقد الأمل بالوضع الحالي للحزب الاشتراكي الذي لن يقدّم مرشحين في كامل التراب الوطني، خلافاً لحركة ماكرون وأحزاب سياسية أخرى، بسبب حصيلته الانتخابية (أقل من 7 %).

لكن هامون لا يخفي أمله، مع بعض أنصاره وممثلين عن الجناح اليساري، في أن يُعيّن ماكرون، رئيسَ حكومةٍ من اليمين، وفي هذه الحالة فإنّ وحدة اليسار التي يتحدّث عنها هامون، يمكن أن تجد شرعيتها وتوازنها، بين أنصار ميلانشون، وما تبقى من الحزب الاشتراكي، بعد تخلّصه من "الاجتماعيين الليبراليين"، ومن "التقدّميين"، كما يحلو لماكرون أن يسمي أنصارَه.

ويبقى من الصعب أن يراهن أي سياسي، على ما سيفعله خصومه حتى يبني مشروعه، وهذه هي حال هامون، الذي يعرف أنّ كثيراً من الأوراق تفلت من بين يديه، خاصة في الحزب الاشتراكي، ويدرك أيضاً، أن العالم لا تكفيه، دوماً، النوايا الحسنة أو "المستقبل المشتهى"، كما كان شعاره في انتخابات الرئاسة.