10 نوفمبر 2024
نيكي هالي والطموح العادل
كانت نيكي هالي أحد ثلاثة مسؤولين أميركيين كبار صرحوا، قبل ثلاثة أيام من هجوم السارين على خان شيخون، بأن أولويتهم ليست بشار الأسد، لكنها الوحيدة التي استدركت تصريحاتها بقولها إن عدم أولوية الأسد بالنسبة لأميركا لا تجعله بريئاً، بل هو مجرمٌ يستحق المحاكمة.
بعد يومين اثنين فقط، شن الأسد هجومه على خان شيخون، لملمت السيدة النحيلة، ذات النظرة الثابتة، كل تصريحاتها السابقة، وحملت أشهر صورتين للمجزرة بيديها، ووقفت في مجلس الأمن، ليرى العالم أفعال الشخص الذي رد التحية لأميركا، عندما قالت إنه ليس أولوية، فظنّ أنه قادر على فعل ما يشاء.
انتشرت صورة هالي في أرجاء العالم، حين قادت هجوماً دبلوماسياً في مجلس الأمن على الأسد بشكل شخصي، وعلى سياسة روسيا، ولم تتوقف عند هذا، فقدّمت، مع زملائها الغربيين، قرار إدانةٍ لم يخفف من طبيعته الواضحة والدامغة النقض (الفيتو) الروسي، وخرجت هالي تلك الليلة شبه منتصرة.
تخلو صفحة نيكي هالي على "فيسبوك" من أي أخبار عن سورية قبل الغارة الكيميائية، وتكاد منشوراتها القليلة تعكس صورة سيدة عادية تلمح إلى نشاطها الدبلوماسي، وتنشر صورها مع أولادها وزوجها وكلبها، ولا تخفي إعجابها بإحدى أغاني أندريو هوزير، وهو مغن شاب في موسيقاه لمحات ريفية قديمة، وتنشر نتيجةً محرجة لمغامرتها في المطبخ، وقد وضعت صورة لطبقٍ من الكيك المحترق، كتبت تحته "لقد حصلت على عمل". تغيرت لهجة السيدة بعد الرابع من إبريل/ نيسان، وتغيرت ملامحها، وبدت مرتاحة بعد تنفيذ الضربة، ثم تضخّمت شخصيتها في الصحافة، بعد أدائها الغاضب والمتلهف لمعاقبة المجرم، وبدأت تسرق الأضواء، حتى من رئيسها وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووجدت لها متسعاً في وسائل الإعلام العريضة، وموضوعها الوحيد هو هجوم السارين، والرد عليه بصواريخ توماهوك، وأوجدت لنفسها، بعد الهجوم، سبباً لتزيد من جرعة هجومها على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، وتومئ بإصبع مرفوعة في وجه إيران.
ثمّة من فسّر تعويم نيكي هالي نفسها بطرحها السياسي، وهي القادمة من منصب حاكم ولاية صغيرة على الساحل الشرقي، إلى كرسي الدبلوماسية في الأمم المتحدة، فاتهِمت بأن عنفوانها السياسي المفاجئ يخفي شوقاً إلى جوائز سياسية أكبر. لذلك، صنعت لنفسها درعاً من الحديد. وبأداء جريء، عبرت عن طموحها ذي الأفق الواسع، خصوصا وأن هجوم توماهوك جاء من منطق رد الفعل، ولم يكن ضمن خطةٍ ذات هدف محدّد، مع الأخذ بالاعتبار أن الهجمة جاءت بمردود سياسي فقط، وكان مفعولها العسكري موضعياً، وغير ذي فاعلية كبرى، وتنبأت صحيفة بأن هالي تضع عيناً على كرسي الرئاسة منذ الآن. وبهذا الوجه العسكري الصارم الذي لا يعرف المساومة، والذي ظهرت به في تصريحاتها الصحافية، وجلسات مجلس الأمن، تكون قد نشرت أول إعلان انتخابي ناجح.
لا يبدو هذا التحليل موفقاً، فإذا كانت غارة توماهوك ذات مردود سياسي كبير فهو المطلوب بالضبط، وقد انعكس بالفعل على لقاء وزيري الخارجية الروسي لافروف والأميركي تيلرسون، والخطة التي تبحث الصحافة عنها لتضع الغارة في سياقها قد بدأت بالفعل، ومن بدأها هو هذه السيدة التي أعلنت مبكراً موقفها من الأسد، ونزعت أيضاً عن تصريحات الرئيس ترامب، بشأن أولويات أميركا، مسحة التفاؤل التي قرأها مناصرو الأسد، ثم ما لبثت أن طوّرت هجوماً عنيفاً عليه بعد السارين. وواجهت المندوب الروسي بكل البرود السياسي المطلوب، ولم تتأثر بموجات غضبه الجامحة، فتابعت قيادة الجلسات بجلدٍ وثقة، وهي صفاتٌ تبدو أصليةً لا تقوم بتمثيلها أو تصنعها. الطموح صفة بشرية، يمكن لمندوبة الولايات المتحدة أن تتمتع بها، وتقود خطة إنسانية ذات طبيعة عسكرية وسياسية، للتخفيف من الضغط الذي يشعر به كل السوريين. وقد يبدو أن تدخلاً أميركياً من نوع ما مطلوبٌ لمعادلة الزخم الروسي الذي أودى كل شيء.
بعد يومين اثنين فقط، شن الأسد هجومه على خان شيخون، لملمت السيدة النحيلة، ذات النظرة الثابتة، كل تصريحاتها السابقة، وحملت أشهر صورتين للمجزرة بيديها، ووقفت في مجلس الأمن، ليرى العالم أفعال الشخص الذي رد التحية لأميركا، عندما قالت إنه ليس أولوية، فظنّ أنه قادر على فعل ما يشاء.
انتشرت صورة هالي في أرجاء العالم، حين قادت هجوماً دبلوماسياً في مجلس الأمن على الأسد بشكل شخصي، وعلى سياسة روسيا، ولم تتوقف عند هذا، فقدّمت، مع زملائها الغربيين، قرار إدانةٍ لم يخفف من طبيعته الواضحة والدامغة النقض (الفيتو) الروسي، وخرجت هالي تلك الليلة شبه منتصرة.
تخلو صفحة نيكي هالي على "فيسبوك" من أي أخبار عن سورية قبل الغارة الكيميائية، وتكاد منشوراتها القليلة تعكس صورة سيدة عادية تلمح إلى نشاطها الدبلوماسي، وتنشر صورها مع أولادها وزوجها وكلبها، ولا تخفي إعجابها بإحدى أغاني أندريو هوزير، وهو مغن شاب في موسيقاه لمحات ريفية قديمة، وتنشر نتيجةً محرجة لمغامرتها في المطبخ، وقد وضعت صورة لطبقٍ من الكيك المحترق، كتبت تحته "لقد حصلت على عمل". تغيرت لهجة السيدة بعد الرابع من إبريل/ نيسان، وتغيرت ملامحها، وبدت مرتاحة بعد تنفيذ الضربة، ثم تضخّمت شخصيتها في الصحافة، بعد أدائها الغاضب والمتلهف لمعاقبة المجرم، وبدأت تسرق الأضواء، حتى من رئيسها وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووجدت لها متسعاً في وسائل الإعلام العريضة، وموضوعها الوحيد هو هجوم السارين، والرد عليه بصواريخ توماهوك، وأوجدت لنفسها، بعد الهجوم، سبباً لتزيد من جرعة هجومها على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، وتومئ بإصبع مرفوعة في وجه إيران.
ثمّة من فسّر تعويم نيكي هالي نفسها بطرحها السياسي، وهي القادمة من منصب حاكم ولاية صغيرة على الساحل الشرقي، إلى كرسي الدبلوماسية في الأمم المتحدة، فاتهِمت بأن عنفوانها السياسي المفاجئ يخفي شوقاً إلى جوائز سياسية أكبر. لذلك، صنعت لنفسها درعاً من الحديد. وبأداء جريء، عبرت عن طموحها ذي الأفق الواسع، خصوصا وأن هجوم توماهوك جاء من منطق رد الفعل، ولم يكن ضمن خطةٍ ذات هدف محدّد، مع الأخذ بالاعتبار أن الهجمة جاءت بمردود سياسي فقط، وكان مفعولها العسكري موضعياً، وغير ذي فاعلية كبرى، وتنبأت صحيفة بأن هالي تضع عيناً على كرسي الرئاسة منذ الآن. وبهذا الوجه العسكري الصارم الذي لا يعرف المساومة، والذي ظهرت به في تصريحاتها الصحافية، وجلسات مجلس الأمن، تكون قد نشرت أول إعلان انتخابي ناجح.
لا يبدو هذا التحليل موفقاً، فإذا كانت غارة توماهوك ذات مردود سياسي كبير فهو المطلوب بالضبط، وقد انعكس بالفعل على لقاء وزيري الخارجية الروسي لافروف والأميركي تيلرسون، والخطة التي تبحث الصحافة عنها لتضع الغارة في سياقها قد بدأت بالفعل، ومن بدأها هو هذه السيدة التي أعلنت مبكراً موقفها من الأسد، ونزعت أيضاً عن تصريحات الرئيس ترامب، بشأن أولويات أميركا، مسحة التفاؤل التي قرأها مناصرو الأسد، ثم ما لبثت أن طوّرت هجوماً عنيفاً عليه بعد السارين. وواجهت المندوب الروسي بكل البرود السياسي المطلوب، ولم تتأثر بموجات غضبه الجامحة، فتابعت قيادة الجلسات بجلدٍ وثقة، وهي صفاتٌ تبدو أصليةً لا تقوم بتمثيلها أو تصنعها. الطموح صفة بشرية، يمكن لمندوبة الولايات المتحدة أن تتمتع بها، وتقود خطة إنسانية ذات طبيعة عسكرية وسياسية، للتخفيف من الضغط الذي يشعر به كل السوريين. وقد يبدو أن تدخلاً أميركياً من نوع ما مطلوبٌ لمعادلة الزخم الروسي الذي أودى كل شيء.