نيكولا إينان، صحافي فرنسي مستقل، بكل معنى الكلمة، يجهر بآرائه المنتقدة للغزو الأميركي للعراق، وعقم السياسة الفرنسية في غير مجال، يعرف المنطقة العربية جيدًا، ومنحاز بالمبدأ، للشعوب العربية التوّاقة للحرية وشديد الإعجاب بشباب الربيع، أسرته "داعش" مدة 10 أشهر، وأخيرًا صدر كتابه "أكاديمية الجهاد". بادرني فور اللقاء :"أنا سعيد لأن الترجمتين العربية والإنجليزية، لكتابي "أكاديمية الجهاد"، ستريان النور في خريف 2015".
* فضلًا عن كتابك "أكاديمية الجهاد"، أهديت، برفقة صديقك في الأسر لدى داعش الرسام بيير توريس، ابنتك كتابًا للأطفال بعنوان "هل سيعود بابا القنفذ إلى البيت؟"، كتبت في نهايته: "إنه الوعد، بابا القنفذ سيُجهد نفْسَه على ألّا يغامر في سلال المُتنزِّهِين"، فهل قرَّرتَ بعد اثني عشر عامًا من السفر والمغامرة في المنطقة العربية ألاّ تعود إليها؟
لا، هذا يعني أن أكون أكثر حذراً. أظنني سأعود إلى مناطق الحروب والصراعات، لأني أتصوّر أني أمارس هذا العمل بطريقة جيدة. وفيه أحقّق نفسي بصيغة ما. لكن، ليست لدي رغبة في أن أعيش مجددًا ما عشتُه. سأكون متيقظًا. من الطريف أننا نبدأ بالحديث عن هذا الكتاب، فقد كتبت هذه القصة للأطفال حين كنت في الأسر، بينما كتبت "أكاديمية الجهاد" بعده بحوالي ستة أشهر. هما كتابان توأمان، إذ صحيح أن شيئًا لا يربط بين قصّة للأطفال وبين كتاب سياسي، لكنهما يُقدّمان الخطاب نفسه؛ الأمل والبساطة. وكذلك فيهما الرؤية نفسها للعالم، وفي الآن ذاته، فإن الكتابين يطلبان من الناس إعادة النظر، وتغيير رؤيتهم للعالم. فليس مَن نتصوّرهم "أشراراً حقيقيين" هم كذلك بالضرورة، ومن يزعمون أنهم أصدقاؤنا ليسوا بالضرورة كذلك أيضًا. الطريف في الأمر، أن الكتابين صدرا تقريبًا في وقت واحد، أسبوع فقط يفصل بين صدورهما.
لقد كان الأسر رحلة استكشافية، أو لعلّي كُنتُ أظنّ في أعماقي أنني في رحلة استكشافية. كنت أسأل نفسي باستمرار: ما الذي تعنيه المحن؟ ماذا الذي يعنيه "جهادي" أنا؟ ما المحن التي عليَّ أن أعيشَها قبل أن أعود إلى عائلتي؟ من هنا، فإن رحلة بابا القنفذ، هي جهاد، ليس بمعنى الذهاب إلى دار الحرب، بل بمعنى جهاد العودة إلى البيت.
* لا أتصوّر أن كثيرين من الساسة والمثقفين في فرنسا، يشاطرونك الرأي بوجود المعنى الثاني للجهاد، أي جهاد النفس. الفيلسوف ميشيل أونفراي، مثلًا، لا يرى سوى الجهاد الحربي في الإسلام.
إنه الغباء. لأن الديانات كلّها تخضع لتأويلات متعددة. فقد تجد من يحدّثك عن الإسلام باعتباره دين الحبّ، وتجد آخَرين يرون في الدين المسيحي دينًا عدوانيًا، والعكس صحيح. نحن نعثر على كلّ شيء في الأديان. وأيَّ دين هو ما يقدّمه المؤمنون لهذا الدين، وطريقة المؤمنين في تأويل هذا النص أو ذاك.
* نعود إلى كتابك "أكاديمية الجهاد"، إذن تتحدّث عن السجون والمعتقلات الكبرى؛ سجنا بوكا وأبو غريب في العراق، ومعتقل غوانتانامو في خليج غوانتانامو في كوبا (تابع للولايات المتحدة الأميركية)، التي فرّخت كل هؤلاء المتشددين؟
وأتحدّث أيضًا عن المدرسة الكبرى التي افتتحها بشار الأسد من خلال دعوة كلّ الأغبياء لتخريب بلده. وأتحدّث كذلك عن البرنامج الكبير والغبي لتلفزيون الواقع الكبير الذي افتتحه تنظيمُ الدولة الإسلامية. غبي، لأنه لا توجد فيه كاميرات كثيرة وينتج قليلًا من البرامج. مرشَّحُوهم كثرٌ ولكن البرامج قليلة. "أكاديمية الجهاد" هي تحالُف قوى الشر ضدّ الثقافة وضدّ الشعوب. هي أيضًا إشارة كبيرة للجانب السيئ الذي تجسّده المجتمعات الغربية هنا، أعني الثقافة الجماهيرية والتلفزيون. لأن معظم الجهاديين الغربيين تغذّوا على برامج رديئة في بلادنا. وليست لديهم أدنى فكرة عن حقيقة الثقافة العربية والإسلامية والشرق الأوسطية.
وفوق كل هذا، ثمة مساهمتان غربيتان متكاملتان، رغم أنهما تبدوان متناقضتين في خضم مأساة الشرق الأوسط؛ التدخّل في العراق وعدم التدخل في سورية. لقد عمل جورج بوش، عبر تدخّله الإجرامي والكولونيالي في العراق، ما كان متوقعًا من رجل مغامر يتصوّر أنه مكلف بمهمّة شبه دينية. لكن باراك أوباما، الحائز على جائزة نوبل للسلام وصاحب خطاب القاهرة، المتحدّر من أصول أفريقية مسلمة، خيّب آمالنا، وساهم في جعل الشرق الأوسط أكثر عفونة، مثله مثل بوش.
* كيف يمكن التوفيق بين "نبوءة" جيل كيبل، سنة 2001، عن نكوص الإسلاموية، وما نشهده اليوم من تمدّد داعش، كما كتبت أنت، عبر تأسيس فروع إضافية له في خمس دول عربية؟
يجب ألا نخلط حين نتحدّث عن الإسلامويين، إذ يوجد إسلامويون ديمقراطيون، أنا لا أميل إليهم، لأنني تقدّمي، والإسلامويون، بطبيعتهم، محافظون. كما يوجد إسلامويون يريدون مقاومة ما يعدونه نوعًا من كولونيالية الغرب، وأنا، بشكلٍ مَا، متفق مع هؤلاء، وإن كنتُ أتأسّف لأنهم يستعملون أطروحات محافظة في خدمة هذه المُعارَضة وهذا البحث عن الاستقلالية السياسية، التي أراها شرعية، ولكن هذا شأنهم. وهؤلاء، على العموم، ديمقراطيون. ثم هناك الجهادية. وأنا أحب أن أكون مستفزًا، وتروقني كثيرًا جملة قالها لي الجنرال مناف طلاس: "تنظيم الدولة الإسلامية عباءة. يبدو ضخمًا بسبب الهواء الذي نُفِخَ فيها، أَوْقِف المروحة وسترى كيف ينكمش"، إنه مثل شراع زورق. تنظيم الدولة يجيد الاستفزاز، عبر عمليات القتل والجلد والرجم وتحطيم الآثار القديمة، إلخ.. ومن خلال هذا الاستفزاز، يفرض نفسه على أجنداتنا السياسية. أصبح التنظيم لواءً وملجأً لكلّ التائهين والباحثين عن قضية في العالم بأسره. لديّ ميل لعدم التهويل من قوّة التنظيم، الذي يميل لإبراز قوّة أكبر من قوّته الحقيقية. المشكلة أن الجميع يساعدهم في هذا: وسائل الإعلام؛ لأنه يساعدها على بيع الصحف، وسياسيو الغرب؛ لأنهم يحتاجون دائمًا إلى عدوّ، والساسة العرب؛ لأنه يتيح لهم البقاء في مناصبهم وتبرير سياستهم القمعية. ولهذا أناضل من أجل بروز منظور جديد للسياسة في المنطقة. السياسة الحالية تتجلّى في محاربة الإرهاب. يجب وقف هذه السياسة، والتركيز على حماية المدنيين وجعله أولوية. عندها سيختفي الإرهاب، لأننا سنجد أنفسنا في مواجهة بشار الأسد، ونفرِض على نظامي العراق ومصر التعامل مع شعبيهما بطريقة مغايرة. بهذه الطريقة سنقاوم الإرهاب.
* العنوان الفرعي لكتابك يحمل اسم "أخطاؤنا في مواجهة الدولة الإسلامية"، الآن، وقد عرفنا الأخطاء، لماذا التمادي فيها؟
كلّما حدث عمل إرهابي في الغرب، أو تهديد به، نشهد عودة القوانين القامعة للحريات، ونجد ضغوطًا من أجل تغيير القوانين وظهور "الباتريوت آكت"، Patriot Act، على الطريقة الفرنسية، الذي يزعج حتّى الإدارة الأميركية، التي تنسى أنها هي التي اخترعته، ونشهد أيضًا مواقف بالغة السوء، مثل دعم أسوأ أنظمة المنطقة، مثل النظام المصري... وأخيرًا، هذا الإغواء المأساوي لمعاودة الحوار مع بشار الأسد. لكن هذا الأخير لا يقلقني كثيرًا، فرغم ما يظهر أنه يحاول "تجميل وجهَه واستعادة صحّته"، إلا أنه لن يعود إلى الحلبة، فهو، سواء في مواقعه العسكرية أو حتّى في طائفته العلوية، يواجه وضعًا سيئًا لم يكن فيه من قبل، ولهذا السبب بالذات، فإنه يخوض هذه الحرب الدعائية كي ينتشله الغرب. ثم إن انهيار أسعار النفط ساهم في هذه الوضع غير المريح، بسبب تأثيره الكبير على حليفيه الإيراني والروسي.
* لماذا نجح النظام السوري، إلى حدّ الآن، في تسويق فكرة شائعة لدى الغربيين، بأنه الوحيد المدافع عن المسيحيين؟ إذ نجد الفكرة رائجة عند كثير من الزعامات المسيحية، ولا يعترض عليها سوى قلّة، من بينهم الأب باولو داللوليو؟
ليسوا أقلية، كما تتصوّر. الكنيسة السورية، رسمية، ويتلقّى ممثلوها، شأنهم شأن الأئمة، مساعدات من وزارة الأوقاف. ويمكن أن نجد بعض التفسير لارتباط مصير المسيحيين بالعلويين، بسبب مشاركة جنرالات مسيحيين سوريين في قمع انتفاضة السُنَّة في حماة، سنة 1982. يوجد خوفٌ حقيقي لدى المسيحيين من وصول السُنّة إلى الحكم في سورية، وهو خوف بعيدٌ من المنطق والعقل. ولكن، للأسف، ومع استمرار تطوّر الحرب الأهلية وتزايد الأحقاد، يمكن أن يجد هذا الخوفُ بعضَ الصدقية، مع سقوط بشار.
* من يقرأ كتابك يلاحظ أنه يسير ضدّ التيار السائد في هذا النوع من الكتابات السياسية، فمثلًا نكتشف معك ابتهاج كلّ الصحافة العالمية أثناء تحطيم تمثال صدّام حسين، الذي تماهى مع فرح عراقيين متهيجين، ولكنك أنت وحدك كنت منذهلًا.
نعم. يجب أن نعود إلى سنة 1991، بعد حرب تحرير الكويت، كانت القوات الدولية تتوغّل جنوبًا، حين تفاجأت بتقدّم حشود من الملتحين، حاملين أعلامهم الخضراء والحمراء وصور علي والحسين والخميني، وهم يقتربون من الجنود ويسلّمون عليهم كما لو أنهم أصدقاء، ويعرضون عليهم المساعدة من أجل إسقاط "الديكتاتور" صدام حسين. اتصل الجنود المذعورون بقيادتهم، التي اتصلت بدورها بصدام وقالت له بأنه يستطيع سحقهم. إذن، فما حدث سنة 2003 كان انتقامًا من حرب 1991، نسيه الكثيرون.
* أنت ضدّ التيار أيضًا حين تنتقد الغرب الذي ركّز اهتمامه على ستة رهائن غربيين قتلهم "داعش"، ولم يعر اهتمامًا لمئات الآلاف من القتلى في العراق وسورية. وأنت كذلك ضدّ التيار حين عقّبت على الاعتداءات التي طالت صحافيي "شارلي إيبدو"، وتكتب بأن الجهادية والإسلاموفوبيا وجهان لعملة واحدة، في حين تفضّل الغالبية في فرنسا عدم استعمال هذا المصطلح، "إسلاموفوبيا".
موقف الغرب من القتلى غير الغربيين موقف قذرٌ وكولونيالي. ويعني أن غير الغربيين لا قيمة لهم. أما عن الإسلاموفوبيا فهي موضوع يخضع لكثير من السجال في الغرب، لكن تستخدمه أقلية كبيرة. إذن هو ليس هامشيًا. لا أدّعي امتلاكي جرأة كبيرة. والاثنان يحتاجُ أحدُهُما للآخر، فكلّما حدث إرهابٌ، كلّما ابتهج الإسلاموفوبيون، لأنهم حينها سيتحدّثون عن الطابور الخامس، وعن هؤلاء الخونة المسلمين الذين اخترقوا المجتمع ويجب طردهم. وكلّما تنامت الإسلاموفوبيا، كلّما اشتدّت حملة تجنيد الجهاديين بدعوى أن المسلمين لا مكان لهم في هذا المجتمع الكافر، وبالتالي عليهم أن يهاجروا إلى حيث يوجد الإسلام الحقيقي.
* يخرج قارئ كتابك بانطباع أنه "نشيد حبّ، للعراقيين والسوريين"، أليس كذلك؟ نحسّ بذلك في كلّ صفحاته. وكم هو رائع حديثك عن المناضل السوري عمر عزيز، الذي لا يعرفه الكثيرون.
صحيح، هو كتاب حبّ للشعبين العراقي والسوري. أما عن عمر عزيز، فهو مثال واحد فحسب. نحن في الغرب، نقول، بسبب بروباغاندا داعش: "إن العرب متوحشون. بينما نحن، لحسن الحظ، متحضّرون، ولدينا الديمقراطية، ونعتبر أنفسنا حرّاس معبد الديمقراطية والحضارة". بينما عمر عزيز، في الحقيقة، أكثر ديمقراطية بمئة مرّة من أغبياء الحكومة الفرنسية. أوائل الذين خرجوا للتظاهر في المدن العربية في الربيع العربي، يمتلكون شجاعة أكبر من الأوروبيين الذين يتظاهرون في مدنهم. ولديهم حسّ الديمقراطية والعمل الجماعي أكثر من الأوروبيين، لأن في مواجهتهم، جنود مزودون برصاص قاتل وحقيقي، وليس فقط القنابل المسيلة للدموع. شبابٌ لم يعرفوا الديمقراطية من قبل، ويمكن لصفحة في الفايسبوك أن تقودهم إلى السجن. لديهم مستقبل يكتبونه، وورقة بيضاء يكتبون فيها هذا المستقبل. وأعتقد أنه إذا كان عليّ أن أؤلِّفَ كتابًا ثانيًا أو فيلمًا وثائقيًا فسيكون عن هؤلاء الشباب العرب. أتلقى اقتراحات عديدة للكتابة عن الجهاديين وعن الدولة الإسلامية وأرفضها. أريد الكتابة عن هؤلاء الشباب الديمقراطيين، لأنهم موجودون في الظلام، وحكوماتهم تسجنهم في الظلام، وأيضًا لأن خمسة عشر في المائة من التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام الغربية عن الشرق الأوسط، مكرّسةٌ للحديث عن الجهاديين وداعش. إنه وضع رهيب. إذا كنتُ سوريًّا وأردت أن تُسلَّط عليَّ الكاميرا، سأنضم لداعش. أمّا اذا كنتُ بطلًا في الدفاع المدني في حلب، فلا أستحقّ ولو مقالاً ولا تحقيقاً صحافياً. أمّا إذا أنجزتُ فيديو عن عملية قطع رأس ما، فسأحتلّ وسائل الإعلام كلّها.
* ما تفسير أن معتنقي الإسلام من الجهاديين أكثر شراسة من نظرائهم غير الجهاديين؟
أنا أعتبر كلّ الجهاديين الغربيين معتنقين جددًا للإسلام، بل وكلّ من يلتحق بتنظيم داعش. ففضلًا عن نسبة تراوح ما بين 25 إلى 45 في المئة من ذوي الأصول المسيحية، يعتبر الذين نشأوا في عائلات إسلامية أن التحاقهم بتنظيم داعش سيجعلهم يستعيدون الإسلام الحقيقي. لكن المفارقة المضحكة أن هؤلاء الذين يعترفون بارتكابهم جنحاً ومخالفات قانونية في الغرب، يتحوّلون إلى مجرمين حقيقيين، حين يلتحقون بهذا التنظيم الإرهابي.
* فسّر لنا قليلًا فكرتك القائلة بأنه يجب الاستفادة من الجهاديين العائدين من الشرق الأوسط، في فهم داعش ومقاومتها، بدلًا من وضعهم في سجون خاصة، وبالتالي تشييد "أكاديمية جهاد" جديدة في قلب الجمهورية الفرنسية.
السبب الرئيس الذي دفع الكثيرين للذهاب إلى سورية، كان تلك الصُوَر التي تُظهر متظاهرين سلميين يطالبون بالحرية، وتقتلهم قوات الشرطة والجيش السوريين من دون أي ردّ فعل غربي وفرنسي. ذهب هؤلاء بنيّة حسنة، وكان لديهم نوع من السذاجة، لكنهم كانوا صادقين. بيد أنهم خضعوا هناك لغسيل دماغ. أدرك بعضهم هذا الأمر وهرب، أو حاول الهرب والعودة. إذن ماذا سنفعل مع هؤلاء حين يعودون؟ السجن؟. أعدّ ذلك خطأً، لأن هؤلاء الذين خيّب الجهادُ آمالهم، يشكّلون أكبر ورقة رابحة في مقاومة التطرّف والجهاديين، إذ إنهم يمتلكون خطابهم نفسه، ويتحدّرون من الوضعية الاجتماعية نفسها، ويتملّكهم الحقد والغضب نفسيهماعلى الدولة وكذلك الإحساس بالتهميش نفسه. لا يعرف داعش وطرق اشتغالها، إلا من عاش بين أحضانها ثم غادَرَها.
* ألا ترى أن فشل المجتمع الدولي في حلّ القضية الفلسطينية، يغذّي الجهاديين ويصنّع مرشحين جدداً؟
وجد تنظيم القاعدة وداعش في الأنظمة العربية الدكتاتورية حلفاء ومُحاوَرين. هم موجودن ضمن علاقة تكامل قوّية، بحيث إنهم لا يحتاجون إلى القضية الفلسطينية، بل ويتخلّون عن الفلسطينيين. انظُرْ إلى ما يحدث في مخيم اليرموك، حيث تجد داعش في صفّ من يضطهد الفلسطينيين ويقتلهم. الوضع يبعث على اليأس لدى الفلسطينيين. لم تعد فلسطين تصلح لتجنيد وتعبئة أحد من الجهاديين. لا أقول إن حلّ المعضلة الفلسطينية ليس في صالح الأمن في المنطقة، لكنني ألاحظ أن الجهاديين لا يكترثون بفلسطين.
لا، هذا يعني أن أكون أكثر حذراً. أظنني سأعود إلى مناطق الحروب والصراعات، لأني أتصوّر أني أمارس هذا العمل بطريقة جيدة. وفيه أحقّق نفسي بصيغة ما. لكن، ليست لدي رغبة في أن أعيش مجددًا ما عشتُه. سأكون متيقظًا. من الطريف أننا نبدأ بالحديث عن هذا الكتاب، فقد كتبت هذه القصة للأطفال حين كنت في الأسر، بينما كتبت "أكاديمية الجهاد" بعده بحوالي ستة أشهر. هما كتابان توأمان، إذ صحيح أن شيئًا لا يربط بين قصّة للأطفال وبين كتاب سياسي، لكنهما يُقدّمان الخطاب نفسه؛ الأمل والبساطة. وكذلك فيهما الرؤية نفسها للعالم، وفي الآن ذاته، فإن الكتابين يطلبان من الناس إعادة النظر، وتغيير رؤيتهم للعالم. فليس مَن نتصوّرهم "أشراراً حقيقيين" هم كذلك بالضرورة، ومن يزعمون أنهم أصدقاؤنا ليسوا بالضرورة كذلك أيضًا. الطريف في الأمر، أن الكتابين صدرا تقريبًا في وقت واحد، أسبوع فقط يفصل بين صدورهما.
لقد كان الأسر رحلة استكشافية، أو لعلّي كُنتُ أظنّ في أعماقي أنني في رحلة استكشافية. كنت أسأل نفسي باستمرار: ما الذي تعنيه المحن؟ ماذا الذي يعنيه "جهادي" أنا؟ ما المحن التي عليَّ أن أعيشَها قبل أن أعود إلى عائلتي؟ من هنا، فإن رحلة بابا القنفذ، هي جهاد، ليس بمعنى الذهاب إلى دار الحرب، بل بمعنى جهاد العودة إلى البيت.
* لا أتصوّر أن كثيرين من الساسة والمثقفين في فرنسا، يشاطرونك الرأي بوجود المعنى الثاني للجهاد، أي جهاد النفس. الفيلسوف ميشيل أونفراي، مثلًا، لا يرى سوى الجهاد الحربي في الإسلام.
إنه الغباء. لأن الديانات كلّها تخضع لتأويلات متعددة. فقد تجد من يحدّثك عن الإسلام باعتباره دين الحبّ، وتجد آخَرين يرون في الدين المسيحي دينًا عدوانيًا، والعكس صحيح. نحن نعثر على كلّ شيء في الأديان. وأيَّ دين هو ما يقدّمه المؤمنون لهذا الدين، وطريقة المؤمنين في تأويل هذا النص أو ذاك.
* نعود إلى كتابك "أكاديمية الجهاد"، إذن تتحدّث عن السجون والمعتقلات الكبرى؛ سجنا بوكا وأبو غريب في العراق، ومعتقل غوانتانامو في خليج غوانتانامو في كوبا (تابع للولايات المتحدة الأميركية)، التي فرّخت كل هؤلاء المتشددين؟
وأتحدّث أيضًا عن المدرسة الكبرى التي افتتحها بشار الأسد من خلال دعوة كلّ الأغبياء لتخريب بلده. وأتحدّث كذلك عن البرنامج الكبير والغبي لتلفزيون الواقع الكبير الذي افتتحه تنظيمُ الدولة الإسلامية. غبي، لأنه لا توجد فيه كاميرات كثيرة وينتج قليلًا من البرامج. مرشَّحُوهم كثرٌ ولكن البرامج قليلة. "أكاديمية الجهاد" هي تحالُف قوى الشر ضدّ الثقافة وضدّ الشعوب. هي أيضًا إشارة كبيرة للجانب السيئ الذي تجسّده المجتمعات الغربية هنا، أعني الثقافة الجماهيرية والتلفزيون. لأن معظم الجهاديين الغربيين تغذّوا على برامج رديئة في بلادنا. وليست لديهم أدنى فكرة عن حقيقة الثقافة العربية والإسلامية والشرق الأوسطية.
وفوق كل هذا، ثمة مساهمتان غربيتان متكاملتان، رغم أنهما تبدوان متناقضتين في خضم مأساة الشرق الأوسط؛ التدخّل في العراق وعدم التدخل في سورية. لقد عمل جورج بوش، عبر تدخّله الإجرامي والكولونيالي في العراق، ما كان متوقعًا من رجل مغامر يتصوّر أنه مكلف بمهمّة شبه دينية. لكن باراك أوباما، الحائز على جائزة نوبل للسلام وصاحب خطاب القاهرة، المتحدّر من أصول أفريقية مسلمة، خيّب آمالنا، وساهم في جعل الشرق الأوسط أكثر عفونة، مثله مثل بوش.
* كيف يمكن التوفيق بين "نبوءة" جيل كيبل، سنة 2001، عن نكوص الإسلاموية، وما نشهده اليوم من تمدّد داعش، كما كتبت أنت، عبر تأسيس فروع إضافية له في خمس دول عربية؟
يجب ألا نخلط حين نتحدّث عن الإسلامويين، إذ يوجد إسلامويون ديمقراطيون، أنا لا أميل إليهم، لأنني تقدّمي، والإسلامويون، بطبيعتهم، محافظون. كما يوجد إسلامويون يريدون مقاومة ما يعدونه نوعًا من كولونيالية الغرب، وأنا، بشكلٍ مَا، متفق مع هؤلاء، وإن كنتُ أتأسّف لأنهم يستعملون أطروحات محافظة في خدمة هذه المُعارَضة وهذا البحث عن الاستقلالية السياسية، التي أراها شرعية، ولكن هذا شأنهم. وهؤلاء، على العموم، ديمقراطيون. ثم هناك الجهادية. وأنا أحب أن أكون مستفزًا، وتروقني كثيرًا جملة قالها لي الجنرال مناف طلاس: "تنظيم الدولة الإسلامية عباءة. يبدو ضخمًا بسبب الهواء الذي نُفِخَ فيها، أَوْقِف المروحة وسترى كيف ينكمش"، إنه مثل شراع زورق. تنظيم الدولة يجيد الاستفزاز، عبر عمليات القتل والجلد والرجم وتحطيم الآثار القديمة، إلخ.. ومن خلال هذا الاستفزاز، يفرض نفسه على أجنداتنا السياسية. أصبح التنظيم لواءً وملجأً لكلّ التائهين والباحثين عن قضية في العالم بأسره. لديّ ميل لعدم التهويل من قوّة التنظيم، الذي يميل لإبراز قوّة أكبر من قوّته الحقيقية. المشكلة أن الجميع يساعدهم في هذا: وسائل الإعلام؛ لأنه يساعدها على بيع الصحف، وسياسيو الغرب؛ لأنهم يحتاجون دائمًا إلى عدوّ، والساسة العرب؛ لأنه يتيح لهم البقاء في مناصبهم وتبرير سياستهم القمعية. ولهذا أناضل من أجل بروز منظور جديد للسياسة في المنطقة. السياسة الحالية تتجلّى في محاربة الإرهاب. يجب وقف هذه السياسة، والتركيز على حماية المدنيين وجعله أولوية. عندها سيختفي الإرهاب، لأننا سنجد أنفسنا في مواجهة بشار الأسد، ونفرِض على نظامي العراق ومصر التعامل مع شعبيهما بطريقة مغايرة. بهذه الطريقة سنقاوم الإرهاب.
* العنوان الفرعي لكتابك يحمل اسم "أخطاؤنا في مواجهة الدولة الإسلامية"، الآن، وقد عرفنا الأخطاء، لماذا التمادي فيها؟
كلّما حدث عمل إرهابي في الغرب، أو تهديد به، نشهد عودة القوانين القامعة للحريات، ونجد ضغوطًا من أجل تغيير القوانين وظهور "الباتريوت آكت"، Patriot Act، على الطريقة الفرنسية، الذي يزعج حتّى الإدارة الأميركية، التي تنسى أنها هي التي اخترعته، ونشهد أيضًا مواقف بالغة السوء، مثل دعم أسوأ أنظمة المنطقة، مثل النظام المصري... وأخيرًا، هذا الإغواء المأساوي لمعاودة الحوار مع بشار الأسد. لكن هذا الأخير لا يقلقني كثيرًا، فرغم ما يظهر أنه يحاول "تجميل وجهَه واستعادة صحّته"، إلا أنه لن يعود إلى الحلبة، فهو، سواء في مواقعه العسكرية أو حتّى في طائفته العلوية، يواجه وضعًا سيئًا لم يكن فيه من قبل، ولهذا السبب بالذات، فإنه يخوض هذه الحرب الدعائية كي ينتشله الغرب. ثم إن انهيار أسعار النفط ساهم في هذه الوضع غير المريح، بسبب تأثيره الكبير على حليفيه الإيراني والروسي.
* لماذا نجح النظام السوري، إلى حدّ الآن، في تسويق فكرة شائعة لدى الغربيين، بأنه الوحيد المدافع عن المسيحيين؟ إذ نجد الفكرة رائجة عند كثير من الزعامات المسيحية، ولا يعترض عليها سوى قلّة، من بينهم الأب باولو داللوليو؟
ليسوا أقلية، كما تتصوّر. الكنيسة السورية، رسمية، ويتلقّى ممثلوها، شأنهم شأن الأئمة، مساعدات من وزارة الأوقاف. ويمكن أن نجد بعض التفسير لارتباط مصير المسيحيين بالعلويين، بسبب مشاركة جنرالات مسيحيين سوريين في قمع انتفاضة السُنَّة في حماة، سنة 1982. يوجد خوفٌ حقيقي لدى المسيحيين من وصول السُنّة إلى الحكم في سورية، وهو خوف بعيدٌ من المنطق والعقل. ولكن، للأسف، ومع استمرار تطوّر الحرب الأهلية وتزايد الأحقاد، يمكن أن يجد هذا الخوفُ بعضَ الصدقية، مع سقوط بشار.
* من يقرأ كتابك يلاحظ أنه يسير ضدّ التيار السائد في هذا النوع من الكتابات السياسية، فمثلًا نكتشف معك ابتهاج كلّ الصحافة العالمية أثناء تحطيم تمثال صدّام حسين، الذي تماهى مع فرح عراقيين متهيجين، ولكنك أنت وحدك كنت منذهلًا.
نعم. يجب أن نعود إلى سنة 1991، بعد حرب تحرير الكويت، كانت القوات الدولية تتوغّل جنوبًا، حين تفاجأت بتقدّم حشود من الملتحين، حاملين أعلامهم الخضراء والحمراء وصور علي والحسين والخميني، وهم يقتربون من الجنود ويسلّمون عليهم كما لو أنهم أصدقاء، ويعرضون عليهم المساعدة من أجل إسقاط "الديكتاتور" صدام حسين. اتصل الجنود المذعورون بقيادتهم، التي اتصلت بدورها بصدام وقالت له بأنه يستطيع سحقهم. إذن، فما حدث سنة 2003 كان انتقامًا من حرب 1991، نسيه الكثيرون.
* أنت ضدّ التيار أيضًا حين تنتقد الغرب الذي ركّز اهتمامه على ستة رهائن غربيين قتلهم "داعش"، ولم يعر اهتمامًا لمئات الآلاف من القتلى في العراق وسورية. وأنت كذلك ضدّ التيار حين عقّبت على الاعتداءات التي طالت صحافيي "شارلي إيبدو"، وتكتب بأن الجهادية والإسلاموفوبيا وجهان لعملة واحدة، في حين تفضّل الغالبية في فرنسا عدم استعمال هذا المصطلح، "إسلاموفوبيا".
موقف الغرب من القتلى غير الغربيين موقف قذرٌ وكولونيالي. ويعني أن غير الغربيين لا قيمة لهم. أما عن الإسلاموفوبيا فهي موضوع يخضع لكثير من السجال في الغرب، لكن تستخدمه أقلية كبيرة. إذن هو ليس هامشيًا. لا أدّعي امتلاكي جرأة كبيرة. والاثنان يحتاجُ أحدُهُما للآخر، فكلّما حدث إرهابٌ، كلّما ابتهج الإسلاموفوبيون، لأنهم حينها سيتحدّثون عن الطابور الخامس، وعن هؤلاء الخونة المسلمين الذين اخترقوا المجتمع ويجب طردهم. وكلّما تنامت الإسلاموفوبيا، كلّما اشتدّت حملة تجنيد الجهاديين بدعوى أن المسلمين لا مكان لهم في هذا المجتمع الكافر، وبالتالي عليهم أن يهاجروا إلى حيث يوجد الإسلام الحقيقي.
* يخرج قارئ كتابك بانطباع أنه "نشيد حبّ، للعراقيين والسوريين"، أليس كذلك؟ نحسّ بذلك في كلّ صفحاته. وكم هو رائع حديثك عن المناضل السوري عمر عزيز، الذي لا يعرفه الكثيرون.
صحيح، هو كتاب حبّ للشعبين العراقي والسوري. أما عن عمر عزيز، فهو مثال واحد فحسب. نحن في الغرب، نقول، بسبب بروباغاندا داعش: "إن العرب متوحشون. بينما نحن، لحسن الحظ، متحضّرون، ولدينا الديمقراطية، ونعتبر أنفسنا حرّاس معبد الديمقراطية والحضارة". بينما عمر عزيز، في الحقيقة، أكثر ديمقراطية بمئة مرّة من أغبياء الحكومة الفرنسية. أوائل الذين خرجوا للتظاهر في المدن العربية في الربيع العربي، يمتلكون شجاعة أكبر من الأوروبيين الذين يتظاهرون في مدنهم. ولديهم حسّ الديمقراطية والعمل الجماعي أكثر من الأوروبيين، لأن في مواجهتهم، جنود مزودون برصاص قاتل وحقيقي، وليس فقط القنابل المسيلة للدموع. شبابٌ لم يعرفوا الديمقراطية من قبل، ويمكن لصفحة في الفايسبوك أن تقودهم إلى السجن. لديهم مستقبل يكتبونه، وورقة بيضاء يكتبون فيها هذا المستقبل. وأعتقد أنه إذا كان عليّ أن أؤلِّفَ كتابًا ثانيًا أو فيلمًا وثائقيًا فسيكون عن هؤلاء الشباب العرب. أتلقى اقتراحات عديدة للكتابة عن الجهاديين وعن الدولة الإسلامية وأرفضها. أريد الكتابة عن هؤلاء الشباب الديمقراطيين، لأنهم موجودون في الظلام، وحكوماتهم تسجنهم في الظلام، وأيضًا لأن خمسة عشر في المائة من التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام الغربية عن الشرق الأوسط، مكرّسةٌ للحديث عن الجهاديين وداعش. إنه وضع رهيب. إذا كنتُ سوريًّا وأردت أن تُسلَّط عليَّ الكاميرا، سأنضم لداعش. أمّا اذا كنتُ بطلًا في الدفاع المدني في حلب، فلا أستحقّ ولو مقالاً ولا تحقيقاً صحافياً. أمّا إذا أنجزتُ فيديو عن عملية قطع رأس ما، فسأحتلّ وسائل الإعلام كلّها.
* ما تفسير أن معتنقي الإسلام من الجهاديين أكثر شراسة من نظرائهم غير الجهاديين؟
أنا أعتبر كلّ الجهاديين الغربيين معتنقين جددًا للإسلام، بل وكلّ من يلتحق بتنظيم داعش. ففضلًا عن نسبة تراوح ما بين 25 إلى 45 في المئة من ذوي الأصول المسيحية، يعتبر الذين نشأوا في عائلات إسلامية أن التحاقهم بتنظيم داعش سيجعلهم يستعيدون الإسلام الحقيقي. لكن المفارقة المضحكة أن هؤلاء الذين يعترفون بارتكابهم جنحاً ومخالفات قانونية في الغرب، يتحوّلون إلى مجرمين حقيقيين، حين يلتحقون بهذا التنظيم الإرهابي.
* فسّر لنا قليلًا فكرتك القائلة بأنه يجب الاستفادة من الجهاديين العائدين من الشرق الأوسط، في فهم داعش ومقاومتها، بدلًا من وضعهم في سجون خاصة، وبالتالي تشييد "أكاديمية جهاد" جديدة في قلب الجمهورية الفرنسية.
السبب الرئيس الذي دفع الكثيرين للذهاب إلى سورية، كان تلك الصُوَر التي تُظهر متظاهرين سلميين يطالبون بالحرية، وتقتلهم قوات الشرطة والجيش السوريين من دون أي ردّ فعل غربي وفرنسي. ذهب هؤلاء بنيّة حسنة، وكان لديهم نوع من السذاجة، لكنهم كانوا صادقين. بيد أنهم خضعوا هناك لغسيل دماغ. أدرك بعضهم هذا الأمر وهرب، أو حاول الهرب والعودة. إذن ماذا سنفعل مع هؤلاء حين يعودون؟ السجن؟. أعدّ ذلك خطأً، لأن هؤلاء الذين خيّب الجهادُ آمالهم، يشكّلون أكبر ورقة رابحة في مقاومة التطرّف والجهاديين، إذ إنهم يمتلكون خطابهم نفسه، ويتحدّرون من الوضعية الاجتماعية نفسها، ويتملّكهم الحقد والغضب نفسيهماعلى الدولة وكذلك الإحساس بالتهميش نفسه. لا يعرف داعش وطرق اشتغالها، إلا من عاش بين أحضانها ثم غادَرَها.
* ألا ترى أن فشل المجتمع الدولي في حلّ القضية الفلسطينية، يغذّي الجهاديين ويصنّع مرشحين جدداً؟
وجد تنظيم القاعدة وداعش في الأنظمة العربية الدكتاتورية حلفاء ومُحاوَرين. هم موجودن ضمن علاقة تكامل قوّية، بحيث إنهم لا يحتاجون إلى القضية الفلسطينية، بل ويتخلّون عن الفلسطينيين. انظُرْ إلى ما يحدث في مخيم اليرموك، حيث تجد داعش في صفّ من يضطهد الفلسطينيين ويقتلهم. الوضع يبعث على اليأس لدى الفلسطينيين. لم تعد فلسطين تصلح لتجنيد وتعبئة أحد من الجهاديين. لا أقول إن حلّ المعضلة الفلسطينية ليس في صالح الأمن في المنطقة، لكنني ألاحظ أن الجهاديين لا يكترثون بفلسطين.