نوّاب المدرّسين يطالبون بحقوقهم في تونس

27 ابريل 2016
تتكرّر تحركاتهم وتختلف أشكالها (الأناضول)
+ الخط -

في بداية كلّ عام دراسيّ ونهايته أيضاً، يعود ملف "المدرّسين النوّاب" في تونس إلى الواجهة. منذ أسبوعَين، ينفّذ مئات المدرّسين النوّاب أو المعوِّضين، أيّ الذين يحلّون محلّ المدرّسين المرضى أو الذين تلجأ إليهم وزارة التربية لسدّ بعض الشغور لفترات محدودة، وقفات احتجاجية أمام مكاتب المندوبيات الجهوية للتربية في كل أرجاء البلاد، مطالبين بتفعيل الاتفاقيات الموقّعة في يناير/كانون الثاني الماضي، وإدماجهم الفعلي قبل نهاية الموسم الدراسي الحالي. وقد هدّد العديد بمقاطعة الامتحانات، فيما خاض آخرون إضراباً عن الطعام.

استطاع ملف هؤلاء المدرّسين منذ التحركات التي انطلقت في عام 2011، أن يدفع بالوزارة ونقابة التعليم إلى تسوية أوضاع عديد منهم، عقب الاحتجاجات التي قامت داخل المندوبيات الجهوية بالإضافة إلى الإضراب عن الطعام من أجل الإدماج على مراحل. أما اليوم وللأسبوع الثالث على التوالي، ينفّذ المدرّسون النواب اعتصامات مفتوحة داخل أكثر المندوبيات الجهوية للتربية في مختلف محافظات البلاد، مؤكدين قرار مقاطعة الامتحانات وحجب أعداد نهاية السنة عن الإدارات، احتجاجاً على إقفال باب الانتدابات الخاصة لعام 2016.

ويصل العدد الإجمالي للمدرّسين النوّاب المعوِّضين الذين اتُّفق على انتدابهم من قبل وزارة التربية للسنة الدراسية 2015- 2016 إلى 211 منتدباً في اختصاصات عديدة، أيّ 10% من العدد الإجمالي للخطط المعروضة للانتداب في مناظرة مدرّسي التعليم الثانوي. وقد رأى كثيرون من المدرّسين النوّاب هذا العدد ضئيلاً للغاية بالمقارنة مع العدد الإجمالي للمدرّسين النواب الذي يقدّر بحسب النقابة العامة للتعليم الثانوي بـ17 ألف مدرّس. يُذكر أنّ انتداب المدرّسين المعوِّضين يأتي في إطار اتفاق سابق وُقّع بين النقابة العامة للثانوي ووزارة التربية في عام 2013 من أجل التسوية النهائية لأوضاع الآلاف على مراحل. وذلك وفقاً لاحتياجات وزارة التربية من المدرّسين المعوِّضين سنوياً، واعتماداً على شرط الأقدمية.

يؤكد المحتجون بأكثرهم، على اللجوء إلى التصعيد أكثر إذا لم تُسوَّ أوضاعهم ويُدمجوا في صلب الوظيفة بصفة رسمية في أقرب وقت، والهدف حماية مواطن شغلهم. ويشيرون إلى سياسة التسويف والمماطلة التي تتبعها الوزارة، فيما تتجاهلهم كما الحكومة جمعاء.




من جهتها، تؤكد نقابة التعليم الثانوي رفضها للأوضاع الهشة التي يعمل بها المدرّسون النوّاب، ولمماطلة الوزارة التي لا تقدّم سوى وعود وتطمينات ظرفية. يقول الكاتب العام المساعد للنقابة العامة مرشد إدريس إنّ "الوزارة لا تقدّم إلا تعهدات لا تُنفَّذ، وقد أقفلت باب انتداب هؤلاء المدرّسين، فيما أنّ إدماجهم صلب الوظيفة رسمياً لن يحصل إلا عبر المناظرات والاختبارات. وذلك، على الرغم من أنّ الوزارة قد وقّعت اتفاقاً مع نقابة التعليم الثانوي في أكتوبر/تشرين الأول 2013 الذي ينصّ على انتداب 10% من المدرّسين النوّاب من جملة المنتدبين سنوياً".

يضيف إدريس لـ "العربي الجديد" أنّ "النقابة طالبت الوزارة في بداية هذا الشهر، بتحديد احتياجاتها من مدرّسين للسنة الدراسية المقبلة 2016-2017، وطريقة الانتداب وعدد المدرّسين النوّاب الذين سوف يُدمجون في الوظيفة رسمياً. لكنّ الوزارة أشارت إلى عدم رصد الحكومة لأموال في ميزانية 2016 لانتداب مدرّسين في كثير من المؤسسات التربوية". ويطالب الوزارة "بضرورة مراجعة ميزانية 2016، ووضع ميزانية تكميلية لرصد أموال كافية لسدّ الشغور الحاصل في المؤسسات التربوية وإدماج مدرّسين نوّاب".

حميد الشامخي من المدرّسين النوّاب في محافظة القيروان (وسط) منذ أكثر من ثلاثة أعوام، حاول الانتحار قبل أسبوعين احتجاجاً على الوعود المتكررة بإدماجه وانتدابه رسمياً منذ سنتين من دون أن يحصل ذلك. بالنسبة إلى الشامخي، فإنّ "المدرّسين النوّاب أَولى بالإدماج المباشر وتسوية أوضاعهم المهنية، من دون الحاجة إلى مشاركتهم في المناظرات والاختبارات، طالما أنّهم يدرسون لسنوات وهم أصحاب خبرة أكثر من غيرهم".

أما راضية إبراهيم، وهي تدرّس منذ أربعة أعوام في أكثر من معهد، تلقت كغيرها من المدرّسين النوّاب وعداً بالإدماج المباشر، "لكنّ الأمر بقي مجرّد وعد، على الرغم من أنّ الوزارة وقّعت اتفاقاً يقضي بإدماج 10% منّا سنوياً بحسب الأقدمية".

في هذا السياق، كانت وزارة التربية قد أعلنت في يناير/كانون الثاني الماضي عن تسوية ملف المدرّسين النوّاب في المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية، بعد تحديث قاعدة البيانات الخاصة بهم، وفقاً لصيغة تراعي فترات النيابات المنجزة، وتسمح بحصرها في غير القائمين بأعمال أخرى في القطاعَين العام والخاص. كذلك، إدراجهم في قاعدة البيانات، وفقاً لمقاييس وشروط الكفاءة والأقدمية، بهدف إدماجهم على دفعات سنوية.

أمّا زهير العيدودي المكلّف بالملفّ النقابي في وزارة التربية، فيوضح أنّ 210 مدرّسين معوِّضين سوف يُنتدبون للسنة الدراسية المقبلة، أيّ ما يعادل 10% من نسبة الانتداب الإجمالية للمدرّسين. يضيف أنّ "المدرّسين النوّاب يتعرضون إلى مشاكل عديدة كل سنة، مالية خصوصاً، نظراً لعدم حصولهم على رواتبهم بانتظام، وقد تتجاوز في بعض الحالات ستة أشهر. لذلك، تقرّر صرف رواتب القائمين بنيابات مسترسلة، مرّة كلّ شهرين. لكنّ الصعوبة تبقى قائمة لدى القائمين بنيابات غير مسترسلة".