نوال ميعاري: كانت الأكياس أغطيتنا

09 سبتمبر 2016
والدي كان رافضاً فكرة تزويجي (العربي الجديد)
+ الخط -

كانت في السادسة من عمرها عندما اقتلعت من أرضها. هي نوال علي ميعاري وقصتها بدأت مع نيران العدو الصهيوني التي راحت تنصبّ على قرية عكبرة الفلسطينية، في جنوب صفد في الجليل الأعلى. خاف أهلها من مجزرة محتمة، وهربوا.

"لم نترك فلسطين في بداية الأمر"، تخبر نوال التي تعيش اليوم في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في منطقة صيدا في جنوب لبنان، مضيفة "هربنا إلى أرض تل الزعتر بعدما راح الصهاينة يهاجمون الناس ويقتحمون البيوت. ثم انتقلنا إلى منطقة وادي الليمون حيث بقينا ستة أشهر". وتشرح أنّ "منطقة وادي الليمون قريبة من منطقة فرّادة في جنوب غرب صفد".

وتتابع نوال: "كان هجوم الصهاينة على فلسطين في شهر مايو/أيار من عام 1948، لكنّنا بقينا حتى موسم الزيتون في فرّادة. يومياً، كان الشباب والشابات يخرجون لقطاف الزيتون. وبعد اشتداد القصف الصهيوني والخوف ممّا قد يحصل، خرجنا من فرّادة. ركبنا أختي وأنا على فرس وتوجّهت العائلة كلها إلى كفركنا (الجليل). هناك، مكثنا أسبوع قبل أن ننطلق إلى بلدة رميش في جنوب لبنان ومنها إلى القليلة. على مدى شهر كامل، رحنا ننام تحت أشجار الزيتون، قبل أن ينقلونا بالباصات إلى مدينة حلب، في شمال غرب سورية. أعطونا غرفة لنعيش فيها في مكان سمّي البركسات. كنا 11 شخصاً وكنا نتغطّى بالأكياس. بقينا هناك سبع سنوات قبل أن ننتقل لفترة قصيرة، فوالدي أراد العودة إلى حلب، لكنّه رفض العيش في البركسات. لذا أحضر التنك وصار يدقّها في الأرض ليبني لنا بيتاً إلى جانب البركسات، إنما منفصلاً".

وتشير نوال إلى أنّ "والدي كان مختاراً في فلسطين، وكان من أولاد العز. كان الناس يقصدونه ليستشيروه. هو لم يعمل في حياته. وبعدما تهجّرنا، لم يعمل كذلك، وظلّ يلعب دور المختار ويحلّ أي إشكال بحزم".

وتكمل نوال سردها: "هناك، كنا نعيش حياة بسيطة جداً، كنّا نعجن ونطبخ ونؤمّن احتياجاتنا ممّا كانت تقدمّه لنا الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين). وفي السابعة عشرة من عمري، تزوّجت وانتقلت للعيش في لبنان، في مخيّم عين الحلوة. زوجي كان متزوّجاً من أختي التي توفيت بعدما صدمتها سيارة. هما كانا قد أنجبا ولدَين، لذا أصرّ الأقارب على أن أتزوّجه حتى أربّي الولدين". تلفت إلى أنّ "والدي كان رافضاً فكرة تزويجي، وكان يردّد أنّ صهرنا تزوّج واحدة من عندنا وهذا يكفي. لكنّ العائلة أصرّت حتى لا تربّي امرأة أخرى ولدَي أختي". وهذا ما كان، وأنجبت نوال بدورها أولاداً وربّتهم جميعاً في عين الحلوة.

المساهمون