لأول مرة منذ انعقاد مجلس النواب المصري في يناير/ كانون الثاني 2016، يصعّد أعضاء في البرلمان من نبرة هجومهم على النظام الحاكم، إلى حد طاولت فيه الانتقادات شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسبب حادث "محطة مصر" الذي أودى بحياة العشرات من المواطنين البسطاء حرقاً، بعد أن ظلت تلك الانتقادات قاصرة على رئيس وأعضاء الحكومة، في أعقاب أي كارثة تحل بالبلاد.
ويبدو أن خلافاً نشب داخل تكتل "25-30" الذي يمثل الأقلية في البرلمان، دفع عضو التكتل البارز النائب أحمد الطنطاوي إلى إصدار بيان منفصل، لاقى إشادات واسعة عبر مواقع التواصل، كونه يهاجم رئيس الجمهورية، ويحمله مع حكومته مسؤولية ما يدفعه المواطنون من خسائر في الأرواح، وذلك بشكل متزامن مع البيان الصادر باسم التكتل، رداً على حادث اصطدام أحد "الجرارات" برصيف محطة القطارات الرئيسية في القاهرة.
وقال الطنطاوي، في بيانه، إن "البرلمان الحالي اختارت أغلبيته ألا يراقب أو يحاسب، بل يشرع ما يرضي حكومة تحمل برنامجاً رديئاً يقوم على تطبيقه وزراء معظمهم من الفرز الثاني، وحتى العاشر، من حكومات ما قبل ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، في ظل قيادة رئيس جمهورية يقدم أداء في مجمله يصعب أن يكون أسوأ من ذلك"، على حد تعبيره.
واستطرد البيان: "فتكون النتيجة ما يعانيه الوطن اليوم، ويدفع ثمنه المواطنون، والذي كان آخر مظاهره أن نرى بعيوننا الباكية، وقلوبنا الحزينة، وضمائرنا المكلومة، مواطنين مصريين يحترقون في محطة مصر".
من جهته، قال التكتل في بيانه إن "المصريين استقبلوا جميعاً بمشاعر الصدمة والذهول حادث محطة مصر، الذي سقط فيه عشرات الشهداء والمصابين الأبرياء"، معتبراً أن "ما حدث لا يعبر إلا عن أولويات الدولة المرتبكة، وخطتها المعدومة، من خلال وضع أموال الشعب في غير الأوجه الصحيحة".
وأضاف البيان أنه "كان بديهياً أن يتقدّم وزير النقل باستقالته، غير أن حدود المحاسبة يجب أن تتجاوز ذلك بكثير لكل المسؤولين الذين نسوا أو تناسوا احتياجات الشعب الحقيقية". وحمّل التكتل البرلماني الجميع المسؤولية عن الحادث، وفي المقدمة السلطة التنفيذية بكل مستوياتها، وكذلك السلطة التشريعية.
وتابع التكتل: "لولا أن هناك حدوداً وقيوداً برلمانية نحو اتخاذ الإجراءات ضد المتسبب، لم نكن لنستثني أحداً من ذلك"، في إشارة جلية إلى السيسي.
ونصت المادة (159) من الدستور المصري على أن "يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو أية جناية أخرى، بناءً على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام. ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى".
وزاد البيان: "لقد قرر التكتل تقديم استجواب لرئيس الوزراء، يطالب فيه بإقالة الحكومة، لعله يكون الاستجواب الأول للبرلمان، الذي لم يناقش استجواباً واحداً ضد الحكومة حتى الآن، وهو ما أدى إلى إعدام الأدوات الرقابية التي تجبر السلطة التنفيذية على احترام الشعب، وسلطته الرقابية الممثلة في مجلس النواب".
واتهم التكتل الأغلبية النيابية بـ"عدم الاكتراث بآلام ومواجع المواطنين في كل مناحي الحياة، ليصبح حادث أمس أمراً طبيعياً ومتوقعاً حدوثه، نظراً لعدم ترتيب الأولويات، وإهدار الإمكانيات، وتقصير الجميع"، مختتماً بالقول: "نطلب من الله أن يلهم المصريين جميعاً الصبر، ونؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عن ذلك قبل أن يحاسبهم الشعب المصري".