كشف أعضاء في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، عن تلقيهم تهديدات من جهات داخل العراق وخارجه، في حال مضيهم بملف استجواب وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في البرلمان، بتهم تتعلق بالفساد المالي والإداري واستخدام السفارات العراقية في دول عدة لـ"أغراض غير المقررة لها"، وجلب أعضاء من حزب الدعوة بلا مؤهل وتنصيبهم على مفاصل مهمة في الوزارة، من بينهم محمد كوثراني الذي يقال إنه مسؤول ملف العراق في "حزب الله" اللبناني.
وقال القيادي في التحالف الكردستاني العراقي، النائب عادل النوري، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن أحد النواب أبلغه بتهديد محمد كوثراني، مسؤول ملف العراق في "حزب الله" اللبناني، وأبلغه بضرورة سحب طلب استجواب وزير الخارجية إلا أنه رفض ذلك. وأوضح النوري أن "ما نشاهده من حراك داخل البرلمان والخطوات الجادة يمكن اعتبارها ثورة ربيعية في البرلمان، ويشرفني أن أكون أحد أعضاء هذه الثورة لتحرير البرلمان من الخطف من كتل سياسية فاسدة ومعروفة كانت تطبخ القرارات بين بعضها البعض، ونحن لسنا قطيع أغنام نساق من رؤساء الكتل". وأضاف النوري "بعد البدء بملف استجواب وزير الخارجية إبراهيم الجعفري من قبلي، وجمع تواقيع كافية للنواب، قيل لنا لمستم الخط الأحمر، وتعرضنا وما زلنا نتعرض إلى ضغط لا يوصف من خارج العراق وداخله من أحزاب سياسية وكتل برلمانية وغيرهم، وأبلغني النائب عن حزب الدعوة كاظم الصيادي أن كوثراني، مسؤول ملف العراق بحزب الله اللبناني، يهدد في حال التحرك ضد الجعفري، وطالب في رسالته بسحب طلب الاستجواب، لكني أقول له أسحب روحي ولا أسحب الملف، وسأمضي بالاستجواب وإن أدى ذلك إلى قتلي"، موضحاً أن "مكالمات تهديد وضغط ومساومات هي أمور لا يمكن أن تفكر بها بصراحة". وتابع النوري "هم يعتبرون الجعفري رأسا ورمزا، وإذا سقط الجعفري سيكون بالإمكان إسقاط غيره، ونحن قررنا إكمال الطريق"، متهماً الكتل بأنهم "تجار حروب واليوم (أمس الجمعة) ضبطنا باخرة في ميناء البصرة فيها آلاف الأطنان من الأدوية المستوردة من قبل الحكومة أكس باير (منتهية الصلاحية). إنهم يسممون المواطن العراقي... فهل أسكت؟". وقال "والله العظيم إنهم يرتبكون جريمة كبرى. فسادكم يقتل يومياً من العراقيين أضعاف ما يقتل داعش".
يشار إلى أن الجعفري، الذي تولى منصب رئيس الوزراء العراقي بين العامين 2005 و2006، ومنصب رئيس التحالف الوطني الحاكم حتى العام 2016، هو طبيب، وعمل قيادياً في حزب الدعوة المعارض وغادر العراق إلى إيران عام 1980، وبعدها إلى بريطانيا عام 1989. وحصل على الجنسية البريطانية عام 1994. وعاد إلى العراق بعد احتلاله عام 2003، وأصبح عضواً في مجلس الحكم الذي أنشأه الأميركيون لإدارة الدولة العراقية بشكل مؤقت. وكانت لجنة النزاهة البرلمانية أعلنت عقب جلسة استجواب سحب الثقة عن وزير المالية المقال هوشيار زيباري أنها ستمضي في "استجواب باقي الوزراء، واحداً تلو الآخر"، مؤكدة، في بيان، أن الوزير المقبل سيكون وزير الخارجية، إبراهيم الجعفري، وسيتم استجوابه حول الإخفاقات في المستوى الدبلوماسي والإداري والمالي، مشيرة إلى أن "هناك فساداً إدارياً وهدراً مالياً مستشرياً في السفارات العراقية حول العالم ونظام المحسوبية منتشر في أروقة وزارة الخارجية"، موضحة أن "جميع ملفات الجعفري ستحال إلى القضاء بعد سحب الثقة عنه".
من جانبه، أكد مسؤول رفيع المستوى في مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي أن "المعلومات التي أدلى بها عدد من النواب في البرلمان حول تلقيهم تهديدات فيها صحة". وأضاف "هناك قادة مليشيات مقربون من الجعفري، وهناك أطراف خارجية مؤثرة في الساحة العراقية دخلت على خط الأزمة وحذرت عدداً من النواب بشكل مباشر أو عبر وسطاء، لكن لم يصل الموضوع إلى القتل"، مبيناً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحذيرات أو التهديدات كانت تخص مستقبلهم السياسي وإمكانية فتح ملفات ضدهم، بينها قضائية"، لافتاً إلى أن "جهات تعمل حالياً على إثارة صفقة الأرز الفاسد وباخرة الأدوية الفاسدة لإثارة الشارع وتحويل ملف الاستجواب من وزير الخارجية الى وزير التخطيط العراقي الذي يتولى وزارة التجارة بالوكالة سلمان الجميلي". وحاول نواب ينتمون لحزب الدعوة الخميس، وخلال جلسة للبرلمان العراقي الالتفاف على ملف استجواب الجعفري من خلال طلب استضافته وتوجيه أسئلة له عن أداء السفارات العراقية خارج البلاد. وحضر الجعفري وأجاب على أسئلة أعضاء حزبه في البرلمان، إلا أن أعضاء في كتلة الإصلاح داخل البرلمان قالوا إنها محاولة يائسة لتمييع إفشال ملف الاستجواب، وأن استضافته لا تغني عن جلبه للاستجواب.