نهاية حسين الربيعي... "إمبراطور الحدود" في بن قردان

06 يوليو 2015
الربيعي كان مصنّفاً ضمن أخطر المهرّبين (Getty)
+ الخط -
لم يسمح "إمبراطور الحدود" بسقوطه في يد السلطات التونسية، بل اختار الانتحار بنفسه. حسين الربيعي، المشهور بحسين معيز، والذي يوصف بأنه إمبراطور الحدود، قضى سنوات في السجن بتهمة تهريب المخدرات، وقيل إنه استُقطب من قبل سجناء من التيار المتشدد، وفر من سجنه في أحداث الثورة عام 2011. ووفقاً لشهادات جمعتها "العربي الجديد" من مدينة بن قردان الواقعة في محافظة مدنين في الجنوب التونسي، فإن الربيعي عُرف بتهريب كل أنواع البضائع على الحدود التونسية الليبية، بما في ذلك الأسلحة والمخدرات والمقاتلون المتشددون، وساهم في تسفير المقاتلين إلى سورية والعراق عبر ليبيا.

وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت أنها نفذت عملية إنزال، مستهدفة "عنصراً خطيراً" كما وصفته في مدينة بن قردان، أدت إلى مقتله منتحراً بمسدس كان بحوزته، مشيرة إلى أن الربيعي متورّط في قضايا حق عام، وتجارة المخدرات وقضايا تهريب وقضايا إرهابيّة، في منطقة بن قردان تتعلق أساساً بتهريب مقاتلين متطرفين على جانبي الحدود التونسية الليبية.

وأكدت الوزارة أن هذا العنصر متورّط في أحداث متحف باردو الإرهابية، وهو مصنّف ضمن أخطر المهرّبين، وكان يدير شبكة واسعة لتهريب السلاح والإرهابيين وشبكات التسفير، وأنه أدخل سلاح عملية باردو إلى تونس، وأيضاً سلاح عملية سوسة الأخيرة، كما أدخل منفّذي عملية باردو إلى تونس من ليبيا، وتكفّل بتهريب ماهر القايدي، أحد العناصر الرئيسية في عملية باردو بعد العملية، وأنه قام قبل ذلك بإدخال كمّيات كبيرة من السلاح وتهريب قيادات "أنصار الشريعة" باتجاه ليبيا.

وكشفت شهادات أشخاص من بن قردان عرفوا الربيعي، لـ"العربي الجديد"، أنه كان يقوم بكل هذه الأعمال بمقابل مادي وبمنطق تجاري بحت، ولم يُعرف عنه أي انتماء إيديولوجي أو سياسي أو ديني متشدد، ويمثّل مع عدد كبير من تجار منطقة بن قردان ما يشبه إمبراطورية تجارية تقوم على الأنشطة الاقتصادية عبر الحدود التونسية الليبية.

وتُعدّ مدينة بن قردان عاصمة النشاط التجاري الموازي في تونس. وكشف أحد الناشطين في المجال التجاري مع ليبيا لـ"العربي الجديد"، أن الربيعي من كبار التجار في المنطقة ويمارس هذا النشاط منذ سنوات، واستفاد من علاقاته مع عدد من المقرّبين من النظامين في تونس وليبيا قبل ثورتي البلدين، لتنمية نشاطه التجاري العابر للقارات، إذ كان من أوائل التجار الذين تعاملوا مع أسواق آسيا عبر استيراد البضائع من الصين وتايوان، وشحنها في مرحلة أولى إلى ليبيا، ومن ثمة إلى السوق التونسية، ضمن سلسلة ما يُعرف بأسواق ليبيا المنتشرة في كل المدن التونسية.

اقرأ أيضاً: السبسي يعلن "الطوارئ" في تونس لشهر ويحذر من الانهيار

كما أكد أحد تجّار بن قردان لـ"العربي الجديد" أن شبهة علاقة التهريب بالإرهاب الملتصقة بالمتعاملين التجاريين مع ليبيا، مُبالغ فيها، فأغلب العاملين في التجارة الموازية في الجنوب التونسي هم من الباحثين عن لقمة العيش، في ظل غياب منظومة تنموية في المناطق الحدودية تغنيهم عن التوجّه إلى ليبيا. وشدد على أن الغالبية العظمى من تجار بن قردان لا علاقة لهم بالإرهاب، وتقوم تجارتهم على مواد لا تمثل تهديداً للأمن، مثل الأجهزة الإلكترونية والمحروقات والمواد الغذائية والأقمشة.

لكنه لفت إلى أن الربيعي، وبعقلية تجارية جشعة، انخرط في أنشطة مشبوهة، على غرار تهريب المخدرات والخمور، وحتى الأسلحة والأفراد، مستغلاً الانفلات الأمني في ليبيا، وهو ما أضر بسمعة تجار بن قردان والجنوب التونسي، وركّز الأنظار الأمنية عليهم، وألبسهم تهمة تشجيع الإرهاب والضلوع فيه.

لكن الناشط السياسي والحقوقي في مدينة مدنين، فتحي الرحماني، أعرب في حديث لـ"العربي الجديد"، عن شكوكه حول انتحار الربيعي، مشيراً إلى أن طبيعة نشاطه القائم على التهريب وعقليته التجارية تتعارض مع فكرة الانتحار التي قد يعتمدها المتشددون وذوو العقيدة الإيديولوجية المتشددة.

في المقابل، ذكر مصدر حقوقي من بن قردان، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن أفراداً من عائلة الربيعي رأوه وهو بصدد توجيه مسدس كان بحوزته إلى رأسه بنية إطلاق النار.

وكثفت السلطات التونسية من عملياتها الأمنية لتعقب عدد من العناصر المطلوبين لديها بعد عملية سوسة الإرهابية، وذكرت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد" أنها أوقفت أخيراً عنصراً خطيراً في مدينة بن قردان أثناء توجهه إلى الأراضي الليبية. وأشارت هذه المصادر إلى أن العنصر الموقوف مطلوب للعدالة ويشتبه في وقوفه وراء تهريب أسلحة ومقاتلين عبر الحدود على صلة بعمليتي باردو وسوسة.

اقرأ أيضاً: منذر الذي اعتذرت منه تونس... ليس إرهابياً

المساهمون