يعدّ الكاتب الفلسطنيي نمر سرحان (1937 – 2018) الذي رحل منذ أيام في رام الله، أحد الباحثين القلائل الذين تفرغوا معظم حياتهم لدراسة التراث في فلسطين منذ ستينيات القرن الماضي من خلال جملة أبحاث متخصّصة حول الشعر والحكاية والأغنية والمأثور الشعبي.
ولد الراحل في قرية السنديانة بالقرب من مدينة حيفا المحتلة، وأنهى دراسته الثانوية في طولكرم عام 1955، وحصل على بكالوريوس الآداب من "جامعة دمشق" في 1964، قبل أن يعمل موظفاً في "وكالة غوث اللاجئين" بين 1957 و1968، ثم انتقل الى العمل في دائرة الثقافة في "منظمة التحرير"، وبقي في موقعه حتى شغل موقع مدير شؤون التراث في وزارة الثقافة الفلسطينية.
اهتم باكراً بتوثيق وتدوين الرواية الفلسطينية الشفوية وحفظ التراث من النسيان والضياع، ففي كتابه "الحكاية الشعبية الفلسطينية" (1988) بيّن البناء الفني للحكاية الشعبية ووحدات قياسها وروايتها والفضاءين الزماني والمكاني كما عكستها نصوصها، كما درس صورة البطل في الحكايات وموقعه الطبقي من الجماعات التي ينتمي إليها، إلى جانب مقاربته تصوّر الشعب للسلطة والسلطان عبر المأثورات المروية.
كما تناولت هذه الدراسة حكايات الخوارق حول الغيلان والجن والعفاريت، والحكايات المتعلّقة بالسحر، ورسم ملامح المرأة في الحياة الشعبية عبر تقديم واقع صورتها في نصوص الحكايات، واستقرأت حكاية الحيوان والرمز الذي يستتر وراء شخصياته، وكذلك النصوص المقدسة حول الآلهة والأنبياء والأولياء الصالحين.
وفي "موسوعة الفلكلور الفلسطيني"، لم يكتف سرحان في خمسة مجلّدات بذكر القصص الشعبية والأشعار والأغاني، بل ضمّنها التفاصيل الدقيقة والجداول البيانية كما الصور التوضيحية التي التقطت قبل 100 عام في فلسطين، وما للفلكلور من علاقة بالمناخ والفصول الأربعة، والأزياء والأقمشة، وصناعة الزيت والخبز والأطعمة والحلويات وغيرها.
للراحل العديد من المؤلفات؛ من بينها: "أغانينا الشعبية في الضفة الغربية" (1968)، و"أغانينا الشعبية الفلسطينية"، و"أبو اكباري، سيرة بطل شعبي" (سيناريو)، (1975)، وسلسلة "ديوان الشعر الشعبي الفلسطيني"، و"أبو خنفر وقصص أخرى" (قصص)، و"الانتفاضة والفلكلور الفلسطيني" (دراسة)، و"المباني الكنعانية في فلسطين" (دراسة)، و"الحكاية الشعبية الفلسطينية" (دراسة)، (1972)، و"إحياء التراث الفلسطيني" (دراسة)، (1974)، و"النزلة" (ج1 من ثلاثية روائية).