إثر انتحار المصور التلفزيوني عبد الرزاق الزرقي حرقاً في محافظة القصرين بالوسط الغربي التونسي، يوم الإثنين الماضي، بسبب ظروفه المعيشية الصعبة، قرر المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في اجتماعه مساء الثلاثاء، الإضراب العام في القطاع الإعلامي يوم 14 يناير/كانون الثاني المقبل والذي يتزامن مع الاحتفال بالذكرى الثامنة لانتصار الثورة التونسية.
وأرجعت النقابة أسباب الإضراب إلى الصعوبات الاجتماعيّة والاقتصادية الخانقة التي تعاني منها قطاعات واسعة من التونسيين، خصوصاً الصحافيين منهم. وأشارت إلى أنه رغم أنّ حريّة الصحافة والتعبير هي المكسب الأساسي للثّورة التونسيّة، إلا أن هذا المكسب أصبح مهدداً ولا يمكنه أن ينتعش في مناخ من الفساد والتفقير والتهميش وانتهاك حقوق الصحافيين.
كما أرجعت النقابة سبب دعوتها إلى الإضراب العام إلى "الوضع المتردي الذي بات عليه الإعلام، لا سيما في القطاع الخاص الذي يعاني العاملون فيه من وضعيات هشّة وانعدام الرقابة على المؤسسات التي لا تحترم الحقوق المهنية للصحافيين".
وطالبت النقابة بالتفعيل الفوري للاتفاقات السّابقة التي أعلن عنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد يوم 14 يناير/ كانون الثاني 2017 والمتعلّقة أساسًا بتنظيم الإشهار العمومي (الإعلانات التجارية الرسمية)، وفق مقاييس شفافة وعادلة وشروط من ضمنها احترام الحقوق المهنية للصحافيين وتمكين الصحافيين من 5 بالمائة من عائدات الإعلانات التي تمنح للمؤسسات الإعلامية، وذلك لمواجهة المصاعب والحالات الاجتماعية الطارئة وإحداث المشروع السكني للصحافيين.
كما طالبت النقابة بإنشاء صندوق للصحافة المكتوبة، ويكون من شروط الانتفاع بالمساعدات التي يقدمها مدى الالتزام بصحافة الجودة وأخلاقيات المهنة واحترام قوانين الشغل. كما طالبت الأجهزة الرقابية للدولة بـ"القيام بواجباتها الرقابية تجاه عدم احترام قوانين الشغل من قبل عدة مؤسسات إعلامية في القطاع الخاص، مع فتح ملف الفساد في القطاع والتمويلات المشبوهة الخاصة التي تتحكم في المشهد الإعلامي".
من ناحية أخرى، قرر المكتب التنفيذي للنقابة التشهير بالمؤسسات الإعلامية التي لا تحترم حقوق الصحافيين المهنيّة. كما طالبت الهيئة التعديلية للسّمعي - البصري (الهايكا) القيام بدورها في التزام المؤسسات الإعلامية بكراسات الشروط التي حصلت بموجبها على التراخيص القانونية.
ودعت النقابة مجلس نواب الشعب إلى تحمّل مسؤولياته التاريخية لفتح نقاش وطني جدي حول الوضع الحالي للإعلام وسبل وضع سياسة وطنية عمومية للصحافة، خصوصاً في مجال المرفق العمومي (الإعلام الرسمي). كما أعلنت النقابة اعتزامها رفع شكاوى قضائية، لسحب إجازات البث للمؤسسات الإعلامية التي لا تحترم التزاماتها الشغلية في إطار كراسات الشروط.
كما طلبت النقابة من الزملاء الصحافيين بالتضامن في ما بينهم ووحدة صفهم، في مواجهة لوبيات المال الفاسد وانتهاكات حقوقهم الاجتماعيّة والاقتصادية.
يُذكر أن الإضراب العام الذي دعت له النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، إذا حصل، سيكون الثاني من نوعه في تاريخ الإعلام التونسي، بعد الإضراب العام الذي شهده القطاع الإعلامي سنة 2012 والذي لاقى نجاحاً كبيراً.