نظام السيسي قلق من انقلاب أوروبي عليه

09 يوليو 2016
ضغوط على أنظمة حكم أوروبية حول العلاقة مع مصر(Getty)
+ الخط -
يعيش النظام المصري الحالي، برئاسة عبد الفتاح السيسي، أزمة كبيرة، بعد وصول العلاقات مع إيطاليا إلى مرحلة غير مسبوقة من التوتر بين البلدين. ولم تتمكن أجهزة الدولة المصرية المعنية بالتحقيق في واقعة مقتل الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، في يناير/كانون الثاني الماضي، بإقناع الجانب الإيطالي بنتائج التحقيقات حتى الآن. وفي مارس/آذار الماضي، زعمت السلطات المصرية تصفية عصابة قتلت ريجيني، وعلى الرغم من التأكيدات والعثور على أدلة مادية مثل جواز سفر الباحث، إلا أن تلك الرواية لم تقنع الطرف الإيطالي، مما دفع الأمن المصري إلى التراجع عن الرواية بأكملها، ليظهر أنها كانت مجرد "حيلة".
حاولت القاهرة استرضاء روما بكل الطرق، إلا أن التشكيك في الروايات والتحقيقات ظل سيد الموقف، لتدخل العلاقات في توتر متصاعد، بات يهدد فقدان مصر أحد حلفائها في الاتحاد الأوروبي، وأحد أكبر مصادر الاستثمارات الخارجية. ويواجه السيسي ونظامه أزمة كبيرة بعد قرار إيطالي بمنع تصدير قطاع غيار الطائرات من نوع "إف 16" إلى مصر، في ظل تخوّف من تبعات هذا الأمر بتوتر أكبر من دول أوروبية أخرى، نظراً لإمكانية تفعيل توصيات من البرلمان الأوروبي بإعادة شاملة للعلاقات مع القاهرة، بما يشبه "انقلاباً أوروبياً" على حد ما وصفه مصدر برلماني مقرب من دوائر اتخاذ القرار.
وتكشف مصادر برلمانية مقربة من دوائر اتخاذ القرار، عن وجود ارتباك لدى النظام الحالي وأجهزة الدولة بعد قرار إيطاليا وقف تصدير قطع غيار طائرات الـ "إف 16" إلى مصر. وتقول المصادر لـ"العربي الجديد"، إن هناك صعوبة كبيرة في التعامل مع القرار الإيطالي الذي صدر من الجهات التشريعية، لأنه ليس مجرد قرار سياسي حكومي من السلطة التنفيذية، أي يصعب التدخّل للتراجع عنه خلال الفترة القليلة المقبلة.
وتضيف أن الأزمة لم تقتصر على مدى الضرر بعدم وصول قطع غيار الطائرات "إف 16"، ولكن الأمر يتعدى هذه الجزئية تماماً، إذ إن إيطاليا كانت حليفة مصر في الاتحاد الأوروبي لما تمثله العلاقات بين البلدين من قوة منذ سنوات طويلة. وتشدد على أن التخوف الأكبر من تداعيات القرار الإيطالي، هو اتخاذ دول أوروبية قرارات مماثلة بحق مصر، على خلفية مقتل ريجيني.


وتلفت المصادر إلى أن الاتحاد الأوروبي منذ واقعة ريجيني بات أكثر ميلاً إلى اتخاذ موقف سلبي من مصر، خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار وجود دول عدة تنتقد بقسوة أوضاع حقوق الإنسان. وتؤكد المصادر أن منظمات المجتمع المدني في أوروبا، والتي هي على صلة قوية بمنظمات محلية وإقليمية، تعرف تفاصيل الوضع الحقوقي بدقة، خصوصاً بعد التضييق على تلك المنظمات في الداخل.
وتوضح أن النظام الحالي، وعلى رأسه السيسي، يتخوّف من انقلاب أوروبي على مصر، امتداداً لتوصيات البرلمان الأوروبي بإعادة تقييم العلاقات مع مصر بصورة شاملة، لافتة إلى أن "هناك ضغوطاً تُمارَس على أنظمة الحكم في أوروبا من المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، فضلاً عن ضغوط الرأي العام في تلك الدول بعد ما تنشره الصحافة الغربية عن الأوضاع في مصر".
ووفق المصادر نفسها، فإن مصر باتت حالياً سيئة السمعة في أوروبا، خصوصاً أن لدى تلك المجتمعات معايير معينة في ما يخص حقوق الإنسان والحريات، وهي ما لا يمكن تطبيقها في مصر إلا بعد سنوات طويلة، وتحديداً في ظل مواجهة الإرهاب. وتشدد على إمكانية التواصل بين مجلس النواب المصري ونظيره الإيطالي للتراجع عن قرار منع تصدير قطع غيار الطائرات الحربية، متوقعة تواصلاً مماثلاً بين مسؤولين مصريين ونظرائهم في إيطاليا، خصوصاً بعد تصاعد التوتر بين البلدين منذ مقتل ريجيني.
ولا تتوقف الانتقادات الموجّهة إلى دول الاتحاد الأوروبي بدعم النظام المصري على الرغم من أوضاع حقوق الإنسان السيئة في البلاد، وكانت منظمة العفو الدولية قد حذرت في تقرير لها من استمرار تصدير الأسلحة إلى مصر. وقالت المنظمة إنه على الرغم من الإيقاف المفروض بعد مقتل المئات من المتظاهرين في استعراض للقوة المفرطة بشكل صارخ من قبل قوات الأمن في أغسطس/آب عام 2013، ظلت 12 من أصل 28 دولة من الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بين الموردين الرئيسيين للأسلحة ومعدّات الشرطة في مصر.