مع اقتراب عيد الفطر، بدأ السوريون رحلة الذل على أبواب شركات تحويل الأموال، حيث ينتظرون من ذويهم في الدول المختلفة، تحويلات مالية تعينهم على العيش الصعب في سورية، بعد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.
وبعد سنوات من الثورة، باتت شركات تحويل الأموال قليلة بسبب قرارات إيقاف الكثير منها عن العمل، بتهم تتعلق بتمويل الإرهاب، وتحويل أموال للمسلحين، والمساهمة في رفع سعر صرف الدولار.
الشركة الأهم التي ما زالت تعمل هي "ويسترن يونيون"، ووكلاؤها الحصريون في سورية، "الفؤاد للصرافة" و"تواصل" ، وهاتان الشركتان تمارسان أبشع أنواع الذل بحق المواطن، الذي يضطر لمراجعة الشركة لأكثر من يومين من أجل الحصول على حوالة العيد.
فمنذ الصباح، يضع المواطن بطاقته الشخصية وينتظر لساعات، ومن الممكن أن لا يصل دوره ضمن الطابور الطويل حتى نهاية النهار، وأغلب هؤلاء المواطنين من الريف أو من محافظات تشهد مواجهات عنيفة.
وقال أحد المواطنين، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "منذ يومين وأنا أتردد لأتسلم مبلغاً من أخي الأكبر المقيم في السعودية، وهو المعيل الوحيد لأسرتنا".
وأضاف:" إن الإجراءات المتبعة في هذه الشركات، أقرب إلى جراءات الفروع الأمنية، إذ تضطر لأن تدون استمارة كاملة عن السيرة الذاتية لمن أرسل الحوالة، وأخرى عنك إذا لزم الأمر، فضلاً أن البعض لا يجرؤ على تحويل أكثر من ألف دولار أميركي، إذ تصبح المساءلة مضاعفة كلما يرتفع المبلغ".
يستمر الطابور أمام هذه الشركات لساعات، مع الأسباب الواهية التي يقدمها موظفو هذه الشركات من انقطاع شبكة الإنترنت والكهرباء، أو قلة الموظفين، ولكن أغلب المواطنين يتحدثون عن قيام هذه الشركات بدور المخبر الأمني عبر تقديم جداول بأسماء من يتعاملون معها وأسماء من يحوَّل لهم.
ويشير المواطنون إلى أن شركات الصيرفة لا تسلّم الحوالات المالية إلا بالعملة السورية، وبسعر صرف الدولار حسب البنك المركزي، مما يؤدي لخسارة كبيرة، حيث يختلف سعر صرف الدولار بالمركزي عن السوق السوداء، مما يعود بالضرر على المواطن والربح لهذه الشركات.
تقوم هذه الشركات، بالإضافة إلى تحويل واستقبال الأموال، بعمليات صرف للعملة الصعبة مثل "الدولار واليورو"، وقد سمح لها البنك المركزي، في قرارات سابقة، ببيع 500 دولار شهرياً لكل مواطن بسعر الصرف، ولكن جميع شركات التحويل تقوم بالصرف بسعر السوق السوداء، فيما يتم تسليم الحوالات المالية بسعر المركزي، مما يجعلها شركات وساطة مالية سوداء، بغطاء من المركزي الذي يقدم لها الأرضية القانونية.