يبدو أنّ العملية العسكرية الشاملة التي ينفّذها الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، تستهدف النساء كذلك. فقد راحت قوات الأمن تعتقل سيناويات، متحدّية بذلك بيئتهنّ
مرّة جديدة، يمسّ الأمن المصري خطاً أحمر بالنسبة إلى آلاف المصريين في سيناء ذات الطابع البدوي، من خلال الاعتداء على النساء واعتقال عدد كبير منهنّ خلال العملية العسكرية الأخيرة التي يشنّها الجيش المصري منذ أكثر من شهر، وذلك في محاولة منه للقضاء على التنظيمات الإرهابية، لا سيّما تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش".
وتفيد مصادر قبلية "العربي الجديد" بأنّ الأمن المصري اعتقل ما لا يقلّ عن 100 امرأة من سكان مدن رفح والشيخ زويد والعريش منذ انطلاق العملية العسكرية في التاسع من فبراير/ شباط الماضي. وهؤلاء بغالبيتهنّ، إمّا أزواجهنّ معتقلون لدى الأمن أو مختفون قسراً أو قتلوا في ظروف غامضة، الأمر الذي يضاعف من ردّ الفعل تجاه تلك الخطوات التي تُعَدّ "مشينة" من وجهة نظر المصريين ككلّ والبدو خصوصاً.
تضيف المصادر القبلية نفسها أنّ "جهاز الأمن الوطني - أمن الدولة سابقاً - سيّئ السمعة بين المصريين، هو الذي يتعمد اعتقال السيدات والتحقيق معهنّ حول أزواجهنّ المعتقلين، متوقعاً أن يكون من بينهنّ زوجات لأفراد في تنظيم ولاية سيناء الموالي لداعش. لكنّ التحقيقات لا تؤدّي إلى النتائج المرجوّة، الأمر الذي يستدعي إفراجاً سريعاً عن المعتقلات في غالب الأحيان بعد جولات من التحقيق يتخللها استخدام أساليب قاسية بحقهنّ". وتشير المصادر القبلية نفسها إلى أنّ "الأمن يحاول استفزاز القبائل والعائلات عبر اعتقال النساء، بهدف دفعها إلى مساعدته في الوصول إلى عدد من المطلوبين الأمنيين لديه. ويأتي ذلك في تكرار لمحاولات سابقة تهدف إلى ضغط على القبائل لمدّ الأمن بمعلومات حول أفراد في التنظيم الإرهابي، عبر اللجوء إلى أسلوب المقايضة، بتخفيف إجراءات الملاحقة الأمنية للعائلات والنساء".
وفي مدينة العريش تحديداً، اعتقلت قوات الأمن نحو 70 امرأة اختلفت أعمارهنّ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بعضهنّ من أصول بدوية ويقطنّ في مدينة العريش، وأخريات من أهل المدينة ويطلق عليهنّ اسم "العرايشيات". ووفقاً لشهود عيان، فإنّ قوات الأمن تقتاد النساء إلى منزل مهجور وسط المدينة حوّلته إلى ثكنة عسكرية، ليجري هناك التحقيق الأولي. فإمّا يُفرج عنهنّ ويعدنَ لمنازلهن، أو يرحّلنَ إلى أقسام الأمن ليُستكمَل التحقيق حول مصير أفراد من أسرهنّ مختفين أو قتلى.
وفي ظل انشغال المواطنين بالأزمة المعيشية، مع النقص في مستلزمات الحياة الأساسية كالمواد الغذائية والأدوية وما إليها، لا يحظى اعتقال النساء في سيناء بالاهتمام الشعبي المعهود. ويقتصر تأثير اعتقالهنّ على أفراد الأسرة فقط، بينما يغيب الضغط الشعبي عن المشهد، الأمر الذي قد يؤدا إلى استمرار هذه السياسة الأمنية في الأيام المقبلة، ومعها يزداد عدد المعتقلات السيناويات لدى الأمن المصري من دون وجه حق.
اقــرأ أيضاً
تجدر الإشارة إلى أنّ محاولات سابقة لتفتيش النساء من قبل الجيش عند الحواجز والكمائن في شوارع سيناء، أو التعرّض لهنّ خلال تحركهنّ في مناطق معيّنة، قوبلت بتحرّكات ورفض شديد من قبل القبائل البدوية والمواطنين من سكان المحافظة. وهذا ما ألزم الجيش فعلاً بعدم التعرّض لهنّ في غالب الأحيان، وتسهيل مرورهنّ عند الكمائن العسكرية، وعدم اعتقالهنّ إلا في حالات نادرة جداً على أن يُفرج عنهنّ بصورة عاجلة في ظل ممارسة ضغوط من كل الأطراف في سيناء.
ويقول في هذا الإطار شيخ قبلي فضّل عدم الكشف عن هويّته لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجيش المصري وجهاز الأمن الوطني يلعبان بالنار في اعتدائهما على النساء واعتقالهنّ من منازلهنّ، في إطار العملية العسكرية القائمة في سيناء". ويؤكد أنّ "القيادة العسكرية، خصوصاً في جهاز الاستخبارات تعلم خطورة العبث في هذا الملف الحساس بالنسبة إلى المواطنين في سيناء". يضيف الشيخ القبلي أنّ "حالة الاستنفار العسكري الحالية قد تخبئ التجاوزات ضد المدنيين، خصوصاً ملف اعتقال النساء. لكن، بمجرّد انتهاء العملية العسكرية، سوف يلجأ الأمن المصري إلى تجميد اعتقالاته للنساء مجدداً، خوفاً من ردّ الفعل الذي سوف يأتي حتماً غاضباً من القبائل والمواطنين الذين لا يقبلون الاعتداء على أعراضهم من دون التحرك لإيقاف ذلك".
في السياق، ثمّة عشر نساء من سيناء على أقلّ تقدير، مختفيات قسراً، عدا عن أخريات معتقلات لدى الأمن المصري منذ سنوات عقب الانقلاب العسكري خلال المسيرات المناهضة له التي شهدتها مدينتَي العريش وبئر العبد في محافظة شمال سيناء. لكنّ الحديث عنهنّ اختفى في ظل تأزم الأوضاع الإنسانية والأمنية في سيناء، وبعدما صار الاعتقال جزءاً من حياة المصريين عموماً، وأهل سيناء خصوصاً من دون توجيه أيّ تهم.
من جهة أخرى، يقول باحث في شؤون سيناء فضّل عدم الكشف عن هويّته لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمن المصري لا يتّبع هذه السياسة في الاعتداء على النساء عن عبث، بل في الأمر محاولة خبيثة لدفع أقارب النساء إلى التحرك ضدّ قوات الأمن، ما يضعهم في خانة المعتدين على الأمن ويجري توريطهم في قضايا ملفقة. وقد يدفع ذلك أبناء المعتقلات وأقاربهنّ إلى الظهور، بعد هروبهم من الأمن المصري الذي يبحث عنهم منذ فترة بعد اتهامهم بقضايا أمنية لا علاقة لهم بها وفق ما يؤكد أهاليهم". ويشرح الباحث نفسه أنّ "عشرات الشبان اتهموا لدى دوائر الأمن المصرية والقضاء بالوقوف وراء أعمال صنّفت إرهابية في سيناء عقب الانقلاب العسكري، في حين أنّ جزءاً كبيراً منها كان مجرّد تظاهرات ضد الانقلاب. وهو الأمر الذي استدعى هروب هؤلاء الشبان من أمام أعين الأمن، واليوم يحاول الأخير من خلال الحملة العسكرية استخدام كل الأساليب للوصول إلى هؤلاء الشبان، بما في ذلك اعتقال النساء في مدن محافظة شمال سيناء".
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، لا يجرؤ أيّ طرف حكومي أو أيّ من نواب مجلس الشعب في سيناء على التعقيب على إجراءات الأمن المصري في ظل استمرار العملية العسكرية، مهما بلغت التجاوزات بحقّ كل فئات الشعب، بما في ذلك النساء. ويُضاف ذلك إلى الصمت إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة منذ بدء العملية العسكرية. وكان الجيش المصري قد أطلق عملية عسكرية شاملة تحت عنوان "سيناء 2018" في التاسع من فبراير/ شباط الماضي، بهدف القضاء على الجماعات المسلحة في سيناء، في حين تتواصل هجمات تنظيم "ولاية سيناء" على الرغم من مرور أكثر من شهر على انطلاق العملية. أمّا الأزمة الإنسانية فتتفاقم مع مرور الأيام.
مرّة جديدة، يمسّ الأمن المصري خطاً أحمر بالنسبة إلى آلاف المصريين في سيناء ذات الطابع البدوي، من خلال الاعتداء على النساء واعتقال عدد كبير منهنّ خلال العملية العسكرية الأخيرة التي يشنّها الجيش المصري منذ أكثر من شهر، وذلك في محاولة منه للقضاء على التنظيمات الإرهابية، لا سيّما تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش".
وتفيد مصادر قبلية "العربي الجديد" بأنّ الأمن المصري اعتقل ما لا يقلّ عن 100 امرأة من سكان مدن رفح والشيخ زويد والعريش منذ انطلاق العملية العسكرية في التاسع من فبراير/ شباط الماضي. وهؤلاء بغالبيتهنّ، إمّا أزواجهنّ معتقلون لدى الأمن أو مختفون قسراً أو قتلوا في ظروف غامضة، الأمر الذي يضاعف من ردّ الفعل تجاه تلك الخطوات التي تُعَدّ "مشينة" من وجهة نظر المصريين ككلّ والبدو خصوصاً.
تضيف المصادر القبلية نفسها أنّ "جهاز الأمن الوطني - أمن الدولة سابقاً - سيّئ السمعة بين المصريين، هو الذي يتعمد اعتقال السيدات والتحقيق معهنّ حول أزواجهنّ المعتقلين، متوقعاً أن يكون من بينهنّ زوجات لأفراد في تنظيم ولاية سيناء الموالي لداعش. لكنّ التحقيقات لا تؤدّي إلى النتائج المرجوّة، الأمر الذي يستدعي إفراجاً سريعاً عن المعتقلات في غالب الأحيان بعد جولات من التحقيق يتخللها استخدام أساليب قاسية بحقهنّ". وتشير المصادر القبلية نفسها إلى أنّ "الأمن يحاول استفزاز القبائل والعائلات عبر اعتقال النساء، بهدف دفعها إلى مساعدته في الوصول إلى عدد من المطلوبين الأمنيين لديه. ويأتي ذلك في تكرار لمحاولات سابقة تهدف إلى ضغط على القبائل لمدّ الأمن بمعلومات حول أفراد في التنظيم الإرهابي، عبر اللجوء إلى أسلوب المقايضة، بتخفيف إجراءات الملاحقة الأمنية للعائلات والنساء".
وفي مدينة العريش تحديداً، اعتقلت قوات الأمن نحو 70 امرأة اختلفت أعمارهنّ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بعضهنّ من أصول بدوية ويقطنّ في مدينة العريش، وأخريات من أهل المدينة ويطلق عليهنّ اسم "العرايشيات". ووفقاً لشهود عيان، فإنّ قوات الأمن تقتاد النساء إلى منزل مهجور وسط المدينة حوّلته إلى ثكنة عسكرية، ليجري هناك التحقيق الأولي. فإمّا يُفرج عنهنّ ويعدنَ لمنازلهن، أو يرحّلنَ إلى أقسام الأمن ليُستكمَل التحقيق حول مصير أفراد من أسرهنّ مختفين أو قتلى.
وفي ظل انشغال المواطنين بالأزمة المعيشية، مع النقص في مستلزمات الحياة الأساسية كالمواد الغذائية والأدوية وما إليها، لا يحظى اعتقال النساء في سيناء بالاهتمام الشعبي المعهود. ويقتصر تأثير اعتقالهنّ على أفراد الأسرة فقط، بينما يغيب الضغط الشعبي عن المشهد، الأمر الذي قد يؤدا إلى استمرار هذه السياسة الأمنية في الأيام المقبلة، ومعها يزداد عدد المعتقلات السيناويات لدى الأمن المصري من دون وجه حق.
تجدر الإشارة إلى أنّ محاولات سابقة لتفتيش النساء من قبل الجيش عند الحواجز والكمائن في شوارع سيناء، أو التعرّض لهنّ خلال تحركهنّ في مناطق معيّنة، قوبلت بتحرّكات ورفض شديد من قبل القبائل البدوية والمواطنين من سكان المحافظة. وهذا ما ألزم الجيش فعلاً بعدم التعرّض لهنّ في غالب الأحيان، وتسهيل مرورهنّ عند الكمائن العسكرية، وعدم اعتقالهنّ إلا في حالات نادرة جداً على أن يُفرج عنهنّ بصورة عاجلة في ظل ممارسة ضغوط من كل الأطراف في سيناء.
ويقول في هذا الإطار شيخ قبلي فضّل عدم الكشف عن هويّته لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجيش المصري وجهاز الأمن الوطني يلعبان بالنار في اعتدائهما على النساء واعتقالهنّ من منازلهنّ، في إطار العملية العسكرية القائمة في سيناء". ويؤكد أنّ "القيادة العسكرية، خصوصاً في جهاز الاستخبارات تعلم خطورة العبث في هذا الملف الحساس بالنسبة إلى المواطنين في سيناء". يضيف الشيخ القبلي أنّ "حالة الاستنفار العسكري الحالية قد تخبئ التجاوزات ضد المدنيين، خصوصاً ملف اعتقال النساء. لكن، بمجرّد انتهاء العملية العسكرية، سوف يلجأ الأمن المصري إلى تجميد اعتقالاته للنساء مجدداً، خوفاً من ردّ الفعل الذي سوف يأتي حتماً غاضباً من القبائل والمواطنين الذين لا يقبلون الاعتداء على أعراضهم من دون التحرك لإيقاف ذلك".
في السياق، ثمّة عشر نساء من سيناء على أقلّ تقدير، مختفيات قسراً، عدا عن أخريات معتقلات لدى الأمن المصري منذ سنوات عقب الانقلاب العسكري خلال المسيرات المناهضة له التي شهدتها مدينتَي العريش وبئر العبد في محافظة شمال سيناء. لكنّ الحديث عنهنّ اختفى في ظل تأزم الأوضاع الإنسانية والأمنية في سيناء، وبعدما صار الاعتقال جزءاً من حياة المصريين عموماً، وأهل سيناء خصوصاً من دون توجيه أيّ تهم.
من جهة أخرى، يقول باحث في شؤون سيناء فضّل عدم الكشف عن هويّته لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمن المصري لا يتّبع هذه السياسة في الاعتداء على النساء عن عبث، بل في الأمر محاولة خبيثة لدفع أقارب النساء إلى التحرك ضدّ قوات الأمن، ما يضعهم في خانة المعتدين على الأمن ويجري توريطهم في قضايا ملفقة. وقد يدفع ذلك أبناء المعتقلات وأقاربهنّ إلى الظهور، بعد هروبهم من الأمن المصري الذي يبحث عنهم منذ فترة بعد اتهامهم بقضايا أمنية لا علاقة لهم بها وفق ما يؤكد أهاليهم". ويشرح الباحث نفسه أنّ "عشرات الشبان اتهموا لدى دوائر الأمن المصرية والقضاء بالوقوف وراء أعمال صنّفت إرهابية في سيناء عقب الانقلاب العسكري، في حين أنّ جزءاً كبيراً منها كان مجرّد تظاهرات ضد الانقلاب. وهو الأمر الذي استدعى هروب هؤلاء الشبان من أمام أعين الأمن، واليوم يحاول الأخير من خلال الحملة العسكرية استخدام كل الأساليب للوصول إلى هؤلاء الشبان، بما في ذلك اعتقال النساء في مدن محافظة شمال سيناء".
إلى ذلك، لا يجرؤ أيّ طرف حكومي أو أيّ من نواب مجلس الشعب في سيناء على التعقيب على إجراءات الأمن المصري في ظل استمرار العملية العسكرية، مهما بلغت التجاوزات بحقّ كل فئات الشعب، بما في ذلك النساء. ويُضاف ذلك إلى الصمت إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة منذ بدء العملية العسكرية. وكان الجيش المصري قد أطلق عملية عسكرية شاملة تحت عنوان "سيناء 2018" في التاسع من فبراير/ شباط الماضي، بهدف القضاء على الجماعات المسلحة في سيناء، في حين تتواصل هجمات تنظيم "ولاية سيناء" على الرغم من مرور أكثر من شهر على انطلاق العملية. أمّا الأزمة الإنسانية فتتفاقم مع مرور الأيام.