نساء خارج دائرة القرار

11 مارس 2016
شاركت في التصويت (عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -

كان للانتخابات التشريعية الإيرانية بدورتها العاشرة، وانتخابات مجلس خبراء القيادة بدورتها الخامسة، صدىً كبيرٌ في الداخل الإيراني وفي الخارج، وخصوصاً بسبب نتائجها المفاجئة، وتقدّم تيار الاعتدال والإصلاح في الدائرة الأكبر وهي العاصمة طهران. وعزا كثيرون الأمر إلى مشاركة المواطنين بكثافة في عملية الاقتراع، والتي وصلت إلى 62 في المائة. وكانت مشاركة الشباب بارزة.

وعلى الرغم من أن النساء يساهمن في تقرير مصير عدد كبير من المرشحين في كل استحقاق انتخابي، إلا أن حضورهن في مراكز صنع القرار السياسي ما زال ضعيفاً بحسب تقديرات الخبراء. وقد سجلت 16 امرأة أسماءهنّ للترشح لانتخابات مجلس الخبراء المؤلف من علماء دين يشرفون على عمل المرشد الأعلى علي خامنئي، ويتولون مهمة تعيين خلف له في حال فقدانه الأهلية أو الوفاة. وتعدّ هذه الخطوة بمثابة سابقة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، إلا أنه ما زال هناك خلاف حول مدى قدرة المرأة على الاجتهاد الفقهي والالتحاق بمؤسسة سياسية دينية، لتكون إلى جانب رجال الدين.

ومن بين هؤلاء النساء، سمح لثمان فقط بالمشاركة في الامتحان، الذي يختبر مدى مطابقة مواصفات المتقدمين لمعايير الخبراء، إلا أنهن لم يحصلن على الأهلية من لجنة صيانة الدستور، ولم تخض أي منهن الاستحقاق الانتخابي للخبراء.

في المقابل، سجلت 234 امرأة أسماءهنّ في الداخلية الإيرانية للترشح للانتخابات التشريعية، ونجحت أربع عشرة منهن في حجز مقاعد في البرلمان الجديد، ثمان منهن في دائرة العاصمة طهران. وفازت قائمة "الأمل" الإصلاحية المؤلفة من شخصيات تنتمي إلى التيارين الإصلاحي والمعتدل بكل مقاعد العاصمة البالغ عددها ثلاثين من أصل 290 مقعداً.

وانتقلت ثماني مرشحات أخريات لجولة الإعادة الثانية لهذه الانتخابات، التي تجري في شهر أبريل/نيسان المقبل في عدد من المناطق الإيرانية، التي لم يفلح مرشحوها في الحصول على نسبة الاقتراع التي يشترطها الدستور، أي ربع أصوات عدد المقترعين في تلك المناطق. وفي حال فوز مرشحة واحدة على الأقل، فهذا يعني كسر المرأة الإيرانية للرقم القياسي من خلال حصولها على أكبر عدد من مقاعد مجلس الشورى منذ تأسيسه، إبان انتصار الثورة لإسلامية عام 1979.

اقرأ أيضاً: جدران من "ودّ" في إيران

خلال الدورتين الثانية والثالثة للبرلمان، نجحت أربع مرشحات فقط في الوصول إليه، وكان يضم 324 مقعدا حينها، وفي البرلمان الرابع أصبحن تسعاً، وبتن أربع عشرة خلال الانتخابات التشريعية بدورتها الخامسة، لكنهن تراجعن خلال الدورة التاسعة السابقة، وحصلن على تسعة مقاعد وحسب.

وبحسب مراكز الإحصاء الرسمية، لم تشغل المرأة الإيرانية أكثر من 3 في المائة من مقاعد البرلمان. كذلك، فإن الدستور لا يسمح لها بالترشح لانتخابات الرئاسة، مما جعل إيران في المرتبة 105 من بين 142 بلداً لناحية المشاركة السياسية للمرأة فيها، وفق تقرير صادر في وقت سابق عن المنتدى العالمي للاقتصاد.

ويبدو أن محاولات بعض النساء الحثيثة لم تجعلهن يرتقين إلى مراكز صنع القرار السياسي. وتجدر الإشارة إلى أن معصومة ابتكار تعد إحدى أهم الأسماء في الجمهورية الإسلامية، وهي إصلاحية تشغل منصب مستشارة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، لشؤون البيئة في الوقت الحالي. وكانت تعد من أبرز الأسماء النسائية خلال زمن الثورة، وكانت مترجمة للرهائن الأميركيين الذين احتجزوا في مقر سفارتهم حينها، وهي الأزمة التي قطعت العلاقات الإيرانية الأميركية.

كذلك، عينت مرضية أفخم ناطقة باسم الخارجية الإيرانية في زمن روحاني، لتكون أول امرأة تشغل هذا المنصب، وباتت سفيرة بلدها في ماليزيا. ولا يمكن نسيان اسم مرضية دستغردي، وهي أول وزيرة في عهد الجمهورية الإسلامية، وقد عينها الرئيس المحافظ السابق، محمود أحمدي نجاد، وزيرة للصحة، قبل أن يعزلها لاحقاً. أيضاً، تعد فائزة هاشمي، وهي ابنة أكبر هاشمي رفسنجاني، إحدى أبرز الناشطات اللواتي تكرر اسمهن خلال السنوات الأخيرة.

وتصف عضوة لجنة التخطيط في مكتب النساء التابع لمدينة يزد، فريبا خاكباز، حضور النساء في الانتخابات الأخيرة بـ " الجيدة"، لافتة إلى أنه "يجب رفع نسبة المشاركة السياسية للمرأة الإيرانية لتصل إلى 30 في المائة من مقاعد البرلمان، فضلا عن ضرورة تعزيزها في مراكز أخرى".

كذلك، توضح عصمت سوادي، وهي إحدى النساء اللواتي ترشحن لانتخابات الخبراء، وتترأس قسم شؤون المرأة في المكاتب الطلابية التابعة لقوات التعبئة، أن النساء يشكلن نصف المجتمع في إيران، لافتة إلى أن حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يجعل مشاركة المرأة في السياسة مطلباً ملحّاً. تضيف لـ "العربي الجديد" أنه على الرغم من تقدم المرأة الإيرانية، ما زال تواجدها في المراكز السياسية ضعيفاً، عازية السبب إلى عدم انتشار ثقافة مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 60 في المائة من الطلاب الجامعيين في إيران من النساء، و83 في المائة من الإيرانيات متعلمات.

اقرأ أيضاً: نساء إيران.. بعيدات عن انتخابات مجلس الخبراء
المساهمون