وتعتبر الوزارة الوصية أن برنامج محو الأمية الذي انطلق منذ سنة 2004، بأوامر من الملك محمد السادس، استطاع أن يسجّل نتائج جد مُرضية تتجاوز بكثير الأهداف المسطرة في البداية، لاسيما على ضوء ارتفاع عدد المساجد التي تشارك فيها، وزيادة عدد الكوادر، والمستشارين البداغوجيين (مستشارون في التربية).
ووفق إحصائيات رسمية، فإنّ عدد المستفيدين من برنامج محو الأمية بلغ برسم سنة 2015- 2016، أكثر من 293 ألف و926 مستفيداً، من بينهم 46.3 في المائة بالعالم القروي، كما أن هناك أكثر من 288 ألف شخص استفادوا من تجربة محو الأمية عبر التلفاز والإنترنت داخل المساجد.
وتقول الحاجة "طامة"، إحدى المستفيدات من برنامج محو الأمية بأحد المساجد بضواحي العاصمة الرباط، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنها طيلة السنتين اللتين أمضتهما في رحاب المسجد تتلقى دروساً دينية، وأخرى في القراءة والحساب، شعرت بكونها تتحسن بشكل مضطرد.
وتضيف المتحدثة، التي تبلغ من العمر 58 عاماً، ولم يسبق لها أن جلست إلى مقاعد الدراسة منذ صغرها لأسباب مالية وأسرية، بأنها تمكنت بفضل برنامج محو الأمية بالمساجد من حفظ عدد من سور القرآن، وأيضاً من القراءة والكتابة ولو بشكل بطيء، لكن بطريقة واثقة".
ومثل "طامة" تحرص العديد من النساء الأميات على لزوم المساجد التي اختارتها وزارة الأوقاف لتكون فضاءات لتعلم دروس محو الأمية، من قراءة وحساب وقرآن وسيرة نبوية، وهي الحصص التي عادة تكون في الصباح الباكر، كما أن هناك حصصاً مسائية، تؤطرها مرشدة دينية متخرجة.
ويعلق إدريس الكنبوري، الباحث في الشأن الديني، على هذا الموضوع بالقول لـ"العربي الجديد"، إن تجربة محو الأمية في حد ذاتها شكلت خطوة مهمة في المغرب، منذ انطلاقها عام 2004 بمبادرة من الملك تحت إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فالمغرب يعد الدولة الأولى في نسبة الأمية بمنطقة المغرب العربي، بحوالى 50 في المائة.
وأوضح الكنبوري أن "المبادرة جاءت في سياق إعادة هيكلة الحقل الديني، ولذلك تم إدراج المساجد كأماكن لاحتضان دروس محو الأمية، إلى جانب المؤسسات المدرسية، وتحت إشراف الوزارة والمجلس العلمي الأعلى"، مردفاً أن "هذه المبادرة همّت بشكل رئيس كبار السن من الرجال والنساء".
واستطرد المتحدث أن "المبادرة لم تأت في إطار مشروع وطني متكامل لمحاربة الأمية، حيث يتم إدماج الأطفال الذين لا يتوفرون على مقاعد دراسية"، مشيراً إلى أن هناك مناطق بالمغرب لا تتوفر على بنيات مدرسية أصلاً، وكان على الدولة أن توفر هذه البنيات لاستيعاب الأطفال الذين هم في سن التمدرس، بدل التركيز فقط على محو الأمية في صفوف الكبار".