ندم الفيلسوف

23 فبراير 2015
+ الخط -

صادفتُ الفيلسوف الأميركي الراحل ريتشارد رورتي (1931 - 2007) عبر كتابه "الفلسفة ومرآة الطبيعة"، فلفتت نظري لديه القدرة النقدية على تفكيك وبسط الكثير من المفاهيم المعقدة وهدمها، وتبنيه لنهج يتجاوز الحداثة ومفاهيمها التي عرفناها لدى مدارس الفلسفة الغربية.

على أن الأكثر إثارة في تفكير هذا الفيلسوف هو ما حدث معه في أيامه الأخيرة حين بدأ يقترب من فكرة تمجيد فنون الخيال، الشعر بخاصة، وتفضيلها على كتب الفلسفة والتاريخ والسياسة التي يضعها تحت مسمى الكتابات الأيديولوجية.

وتضمنت سلسلة محاضرات له تأملات في عوالم الأدب والنقد يمكن أن نعدها انقلاباً فكرياً، حوّل الفيلسوفَ الناقد للمناهج الفلسفية إلى داعية إلى استبدال الأعمال الأدبية الإبداعية بأعمال الجدل والمناظرات.

ولخصت مقالة له تحت عنوان "نار الحياة" تحوّله، فأعاد صياغة دفاع الإنجليزي شيللي عن الشعر، ووسع المصطلح الذي أخذه من هارولد بلوم، أي "الشاعر الحق"، ليشمل كتاب النثر أيضاً. فكأنه كان يعيد تصويب حياته ببوصلة الألماني هولدرلن القائلة بأن في الشعر شفاء للروح الإنسانية.

وختم "رورتي" حياته بهذه الكلمات: "لو قضيت الشطر الأعظم من حياتي مع الشعر، لعشت حياة أكثر امتلاءً.. إن البشر يكونون أكثر إنسانية كلما اختزنت ذاكرتهم قدراً وافراً من الشعر".

دلالات
المساهمون