02 نوفمبر 2024
نحو مجموعة سُداسية لمعالجة الأزمة السورية
دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى تشكيل مجموعةٍ دوليةٍ تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، للإشراف على العملية التفاوضية السورية، على غرار المجموعة التي عكفت على الإشراف على مفاوضات الملف النووي الإيراني، ونجحت في مهمتها، وإن استغرقها الأمر وقتاً طويلاً (نحو عشر سنوات!).
عبر عن الدعوة رئيس "الائتلاف"، أنس العبدة، في بروكسيل، في أعقاب المباحثات التي جرت بين الائتلاف وهيئة التنسيق الوطني السورية (برئاسة حسن عبد العظيم)، وتوجّه العبدة بدعوته هذه إلى الاتحاد الأوروبي الذي وعد، حسب ممثليه في ذلك اللقاء، بدراسة الدعوة باهتمام.
مبعث الدعوة هو استشعار الطرف السوري المعارض أن الثنائية الأميركية الروسية لم تحقّق تقدماً يُذكر على طريق الحل السياسي، ولم تضع حداً لتغوّل النظام على المدنيين وعلى المرافق المدنية، وأن اندفاع موسكو إلى الانخراط في الحل السياسي السوري تجلى في اعتماد الحل العسكري على نطاق واسع، والإجهاز عملياً على الحل السياسي في الأشهر الأخيرة، وخصوصاً في محاولات موسكو الدؤوبة الالتفاف على مرجعية العملية (جنيف1) ومحاولة تفريغها من مضمونها، وقد تبدّى ذلك بوضوح شديد في تبني الرئيس فلاديمير بوتين، أخيراً، فكرة "حكومة وحدة وطنية" التي يروّجها النظام بديلاً لمشروع الانتقال السياسي الذي يحظى بأوسع تأييد دولي وإقليمي. علماً أن الانتقال السياسي هو الذي يضمن تشكيل حكومة وحدةٍ وطنيةٍ فعلية. علاوة على اندفاع موسكو، بصورةٍ منهجيةٍ، باستهداف المدنيين، وبالذات في مناطق إدلب وريف حلب. وهو ما جعل موسكو جزءاً من المشكلة، لا الحل. فضلاً عن الاستخدام الروسي الأراضي السورية، وفق أجندة خاصة بها، منصةً للاحتكاك مع تركيا، مع السعي الروسي إلى تمكين الاتحاد الديمقراطي الكردي من الاقتراب من الشريط الحدودي مع تركيا، وذلك من أجل إلهاب المسألة الكردية في الداخل التركي.
لهذه الأسباب، يبدو الدور الروسي على جانبٍ كبير من السلبية. ويكتسب هذا الدور مزيداً من الاندفاع في أجواء "الانكفاء" الأميركي الذي عبّر عنه الرئيس باراك أوباما، أخيراً، في رده على رسالة 50 دبلوماسياً أميركياً، بقوله إنه لا حل عسكرياً للأزمة السورية، على الرغم من إدراك البيت الأبيض أن هناك حلاً عسكرياً ناشطاً ومحموماً، تؤديه موسكو مع طهران ومع قوات النظام. قد يؤدي إلى انهيار تام لا سمح الله. كما حذّر بوتين نفسه، ولكن، من دون أن تغيّر حكومته سلوكها في دعم الحل العسكري الذي لا يُبقي ولا يذر.
تتماشى الدعوة إلى تشكيل مجموعةٍ دوليةٍ سداسيةٍ للإشراف على العملية السياسية تماماً مع
رسالة الأمم المتحدة وميثاقها، ومع دور مجلس الأمن الذي أبدى انشغالاً دائماً بالأزمة السورية. ولكن، من دون تحقيق نتيجة تذكر، توقف خيار التدمير. وليس هناك أي مسوّغ جدّي، يمنع تشكيل هذه المجموعة التي ستضم، في حال الأخذ بها، روسيا، إلى جانب ألمانيا وبقية الأعضاء الدائمين. ألمانيا قريبة من قضايا المنطقة، وسبق أن لعبت دوراً تمهيدياً في مفاوضات الملف النووي الإيراني، كما عملت، أكثر من مرة، وسيطاً تفاوضياً بين حزب الله وإسرائيل. هذا علماً أنه ليس هناك منطق في اقتصار المهمة على دولتين فقط، أياً كانت منزلتهما. ونحن نعلم أن مفاوضات جنيف حظيت، منذ بدايتها في العام 2012، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة، نظراً لأهمية الملف السوري.
فشلت الثنائية الروسية الأميركية فشلاً ذريعاً، وأدّت إلى تراجعٍ مستمر في حظوظ العملية السياسية، حتى أنها أوقفت مفاوضات جنيف، وجعلت الهدنة (وقف الأعمال العدائية) تترنح باستمرار، وقد ساهمت موسكو، من جانبها، مساهمةً نشطة في خرق الهدنة، وقامت، في الوقت نفسه، بالتغطية الدائمة على الخروق التي لا تتوقف للنظام.
في هذه الأيام، تدعو موسكو إلى عودة سريعة إلى المفاوضات، ومن اللافت أنها تطلب من المعارضة عدم وضع شروط مسبقة، ويُخشى أن موسكو باتت تعتبر التمسّك بمرجعية العملية السياسية شرطاً مسبقاً (!)، وهذه، إذا صحّ هذا التقدير، حيلةٌ مكشوفة لترويج التخلي عن هذه المرجعية. أما البدء مجدداً من نقطة الصفر، والدوران في حلقة مفرغة، فالخشية أن يكون عين الحكمة في أنظار للدبلوماسية الروسية.
علاوة على ما تقدّم، فإنه قد يُراد من الإلحاح الروسي على واشنطن على استئناف التفاوض، في هذه الآونة بالذات، منع فكرة إنشاء مجموعةٍ دوليةٍ من التفاعل، بهدف الإبقاء على الثنائية، والحؤول دون توسيعها، ومواصلة عزل أطرافٍ دوليةٍ فاعلةٍ، مثل الاتحاد الأوروبي والصين، عن مجرى العملية السياسية، ومواصلة العبث بها، والأسوأ من ذلك العبث الأسود بمصير ملايين السوريين ومصير وطنهم.
تحتاج فكرة المجموعة الدولية الى متابعةٍ حثيثة، من "الائتلاف" بالذات، من أجل كسب أوسع تأييد لهذه الفكرة الإيجابية التي تمثل أفضل ردٍّ على الفشل الروسي الأميركي، ومن شأنها أن تضع المجتمع الدولي مجدداً أمام مسؤولياته المباشرة، كما تستعيد الدور الغائب لمجموعة "أصدقاء سورية"، وتقوم بتفعيل دور مجلس الأمن وأعضائه الدائمين حيال القضية الأكثر أهمية في عالمنا، والأشد استعصاءً، والأكثر تعريضاً لحياة المدنيين للخطر الداهم والمتحقق.
ولعل الأمر يحتاج إلى جهدٍ، وإلى مبادرةٍ من أجل استصدار قرار جديد لمجلس الأمن، يوسّع الجهة المنوط بها الإشراف المباشر والتام على العملية السياسية، ولا شك أن فرص صدور مثل هذه القرار متوفرة، فليس لدى واشنطن أو موسكو ما يسوّغ استبعاد الأعضاء الدائمين، والحصيلة البائسة للثنائية تُملي التحرّك على هذا الطريق، بما يُيّسر استئناف التفاوض في ظروفٍ أقلّ سوءاً، إن لم تكن تحمل بشارة أمل بأن المجتمع الدولي، بمكوناته الرئيسية، قد جدّد عزمه على إنهاء المأساة، والبدء بتحقيق تطلعات الشعب السوري، وتوفير ظروفٍ أفضل وأكثر نجاعة لمكافحة الإرهاب، بمختلف أشكاله ومصادره، وفي المقدمة منه إرهاب تنظيم داعش.
عبر عن الدعوة رئيس "الائتلاف"، أنس العبدة، في بروكسيل، في أعقاب المباحثات التي جرت بين الائتلاف وهيئة التنسيق الوطني السورية (برئاسة حسن عبد العظيم)، وتوجّه العبدة بدعوته هذه إلى الاتحاد الأوروبي الذي وعد، حسب ممثليه في ذلك اللقاء، بدراسة الدعوة باهتمام.
مبعث الدعوة هو استشعار الطرف السوري المعارض أن الثنائية الأميركية الروسية لم تحقّق تقدماً يُذكر على طريق الحل السياسي، ولم تضع حداً لتغوّل النظام على المدنيين وعلى المرافق المدنية، وأن اندفاع موسكو إلى الانخراط في الحل السياسي السوري تجلى في اعتماد الحل العسكري على نطاق واسع، والإجهاز عملياً على الحل السياسي في الأشهر الأخيرة، وخصوصاً في محاولات موسكو الدؤوبة الالتفاف على مرجعية العملية (جنيف1) ومحاولة تفريغها من مضمونها، وقد تبدّى ذلك بوضوح شديد في تبني الرئيس فلاديمير بوتين، أخيراً، فكرة "حكومة وحدة وطنية" التي يروّجها النظام بديلاً لمشروع الانتقال السياسي الذي يحظى بأوسع تأييد دولي وإقليمي. علماً أن الانتقال السياسي هو الذي يضمن تشكيل حكومة وحدةٍ وطنيةٍ فعلية. علاوة على اندفاع موسكو، بصورةٍ منهجيةٍ، باستهداف المدنيين، وبالذات في مناطق إدلب وريف حلب. وهو ما جعل موسكو جزءاً من المشكلة، لا الحل. فضلاً عن الاستخدام الروسي الأراضي السورية، وفق أجندة خاصة بها، منصةً للاحتكاك مع تركيا، مع السعي الروسي إلى تمكين الاتحاد الديمقراطي الكردي من الاقتراب من الشريط الحدودي مع تركيا، وذلك من أجل إلهاب المسألة الكردية في الداخل التركي.
لهذه الأسباب، يبدو الدور الروسي على جانبٍ كبير من السلبية. ويكتسب هذا الدور مزيداً من الاندفاع في أجواء "الانكفاء" الأميركي الذي عبّر عنه الرئيس باراك أوباما، أخيراً، في رده على رسالة 50 دبلوماسياً أميركياً، بقوله إنه لا حل عسكرياً للأزمة السورية، على الرغم من إدراك البيت الأبيض أن هناك حلاً عسكرياً ناشطاً ومحموماً، تؤديه موسكو مع طهران ومع قوات النظام. قد يؤدي إلى انهيار تام لا سمح الله. كما حذّر بوتين نفسه، ولكن، من دون أن تغيّر حكومته سلوكها في دعم الحل العسكري الذي لا يُبقي ولا يذر.
تتماشى الدعوة إلى تشكيل مجموعةٍ دوليةٍ سداسيةٍ للإشراف على العملية السياسية تماماً مع
فشلت الثنائية الروسية الأميركية فشلاً ذريعاً، وأدّت إلى تراجعٍ مستمر في حظوظ العملية السياسية، حتى أنها أوقفت مفاوضات جنيف، وجعلت الهدنة (وقف الأعمال العدائية) تترنح باستمرار، وقد ساهمت موسكو، من جانبها، مساهمةً نشطة في خرق الهدنة، وقامت، في الوقت نفسه، بالتغطية الدائمة على الخروق التي لا تتوقف للنظام.
في هذه الأيام، تدعو موسكو إلى عودة سريعة إلى المفاوضات، ومن اللافت أنها تطلب من المعارضة عدم وضع شروط مسبقة، ويُخشى أن موسكو باتت تعتبر التمسّك بمرجعية العملية السياسية شرطاً مسبقاً (!)، وهذه، إذا صحّ هذا التقدير، حيلةٌ مكشوفة لترويج التخلي عن هذه المرجعية. أما البدء مجدداً من نقطة الصفر، والدوران في حلقة مفرغة، فالخشية أن يكون عين الحكمة في أنظار للدبلوماسية الروسية.
علاوة على ما تقدّم، فإنه قد يُراد من الإلحاح الروسي على واشنطن على استئناف التفاوض، في هذه الآونة بالذات، منع فكرة إنشاء مجموعةٍ دوليةٍ من التفاعل، بهدف الإبقاء على الثنائية، والحؤول دون توسيعها، ومواصلة عزل أطرافٍ دوليةٍ فاعلةٍ، مثل الاتحاد الأوروبي والصين، عن مجرى العملية السياسية، ومواصلة العبث بها، والأسوأ من ذلك العبث الأسود بمصير ملايين السوريين ومصير وطنهم.
تحتاج فكرة المجموعة الدولية الى متابعةٍ حثيثة، من "الائتلاف" بالذات، من أجل كسب أوسع تأييد لهذه الفكرة الإيجابية التي تمثل أفضل ردٍّ على الفشل الروسي الأميركي، ومن شأنها أن تضع المجتمع الدولي مجدداً أمام مسؤولياته المباشرة، كما تستعيد الدور الغائب لمجموعة "أصدقاء سورية"، وتقوم بتفعيل دور مجلس الأمن وأعضائه الدائمين حيال القضية الأكثر أهمية في عالمنا، والأشد استعصاءً، والأكثر تعريضاً لحياة المدنيين للخطر الداهم والمتحقق.
ولعل الأمر يحتاج إلى جهدٍ، وإلى مبادرةٍ من أجل استصدار قرار جديد لمجلس الأمن، يوسّع الجهة المنوط بها الإشراف المباشر والتام على العملية السياسية، ولا شك أن فرص صدور مثل هذه القرار متوفرة، فليس لدى واشنطن أو موسكو ما يسوّغ استبعاد الأعضاء الدائمين، والحصيلة البائسة للثنائية تُملي التحرّك على هذا الطريق، بما يُيّسر استئناف التفاوض في ظروفٍ أقلّ سوءاً، إن لم تكن تحمل بشارة أمل بأن المجتمع الدولي، بمكوناته الرئيسية، قد جدّد عزمه على إنهاء المأساة، والبدء بتحقيق تطلعات الشعب السوري، وتوفير ظروفٍ أفضل وأكثر نجاعة لمكافحة الإرهاب، بمختلف أشكاله ومصادره، وفي المقدمة منه إرهاب تنظيم داعش.