ويزاول محمد علي القدسي (57 عاماً) هذا الفن حتى هذه اللحظة، مكملاً بذلك العام الخامس والأربعين من عمر تجربته التي بدأت منذ أن كان طفلاً في الثانية عشرة من عمره، ويواصل بشغف هوايته رغم تردي الأوضاع الاقتصادية والإنسانية والمعيشية التي خلفتها الحرب، وكذلك الحصار المطبق على المدينة من قبل جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) للعام السادس على التوالي، إلى جانب الإهمال والتهميش الحكومي للمبدعين اليمنيين في عموم البلاد.
وكان القدسي قد باشر بإنشاء متحف صغير منذ أكثر من 15 عاماً، في محل استأجره لهذا الغرض في تعز، وضم العشرات من التحف التي تضرر معظمها بداية الحرب، جراء تعرضها لإطلاق نار متعمد، ما دفع القدسي إلى نقل المتحف عام 2015 إلى منزله ليحافظ على ما بقي لديه من مجسمات.
ويحوي المتحف حالياً 132 تحفة فنية، تجسد مقتنيات أثرية ومعالم تاريخية في عدد من محافظات البلاد، فضلاً عن مظاهر الحضارة وأبرز الأحداث التاريخية والمعاصرة فيها، كما تعدت تلك الأعمال مجالات الثقافة والسياسة إلى الاقتصاد والرياضة.
ومن أبرز منحوتات المعالم الأثرية: "باب موسى"، و"الباب الكبير"، و"قبة الحسينية"، و"جامع عبد الهادي السودي"، و"جامع المظفر"، ومنارة "جامع معاذ بن جبل" في محافظة تعز، إلى جانب "باب اليمن" و"دار الحجر" في العاصمة صنعاء، و"حصن الغويزي" و"قبر النبي هود" في حضرموت.
يقول القدسي لـ"العربي الجديد"، إنه أنشأ المتحف "لإيصال رسالة أن اليمنيين أهل حضارة، وإن وجدت بعض الصدامات كما هو حاصل الآن". ورغم أنه لم يتلقَّ تعليماً نظامياً، إلا أنه يجيد القراءة والكتابة التي اكتسبهما في طفولته.
ويوضح نجله الأكبر محمد أن والده يبذل جهوداً مضنية في النحت، لافتاً إلى أن المجسم الواحد يستغرق ستة أيام، لكون والده يستخدم أدوات تقليدية وبدائية في العمل.