وانتهت الأزمة الائتلافية بعد أن تم التوصل إلى تسوية بين نتنياهو وشركائه في الحكومة، تنصّ على تمرير مشروع قانون تجنيد الحريديم بالقراءة التمهيدية الليلة، مع إعطاء الكتل الائتلافية المختلفة حرية التصويت، بما يتيح لوزيرة "الهجرة والاستيعاب"، عن حزب "يسرائيل بيتينو"، بقيادة أفيغدور ليبرمان، التصويت ضد مقترح قانون التجنيد بالقراءة الأولى، بدون أن يقدم نتنياهو على إقالتها من الحكومة ومن ثمّ المجازفة بحلها.
وكانت مصادر مختلفة قد ذكرت في وقت سابق من الليلة، أن نتنياهو قد عدل عن نيته بالتوجه لانتخابات مبكرة، بعد أن فشل في ضمان تأييد أغلبية تؤيد تحديد السادس والعشرين من يوليو/حزيران المقبل موعداً لهذه الانتخابات. وفي هذا السياق، نقل موقعا "واللا" و"هآرتس" الإسرائيليان، مساء اليوم الثلاثاء، عن مصادر في الائتلاف الحكومي، قولها إن تحولاً قد طرأ، على ما يبدو، على موقف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وأن الأخير قد يتجه نهائياً نحو حل الأزمة الائتلافية في الحكومة، وعدم الذهاب لانتخابات مبكرة.
وقال الموقعان إن هذه المصادر تبني تقديراتها على رفض كل من زعيم "يسرائيل بيتينو"، أفيغدور ليبرمان، وزعيم "كولانو"، موشيه كاحلون، القبول باقتراح نتنياهو إجراء الانتخابات المبكرة في السادس والعشرين من يونيو/ حزيران المقبل، مطالبين بتحديد موعد آخر؛ وهو ما جعل نتنياهو يعيد التفكير في مسألة تبكير الانتخابات، خوفاً من توفر أغلبية برلمانية تؤيد إجراء الانتخابات في موعد آخر، يتوقع أن يكون نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وهو ما لا يرغب فيه نتنياهو، خوفاً من أن يصدر، حتى ذلك الوقت، قرار عن المستشار القضائي للحكومة بتقديم لوائح اتهام رسمية ضده، وفقاً لتوصيات الشرطة الإسرائيلية في ملفات الفساد التي تلاحقه.
ووفقاً للمصادر المذكورة، فإن نتنياهو فشل على ما يبدو في تجنيد أغلبية مؤيّدة لإجراء الانتخابات في يونيو/ حزيران، وهو ما يجعله يقلع نهائياً عن فكرة تبكير الانتخابات، ومواصلة الحفاظ على الائتلاف الحالي، ومواجهة القرار الذي سيصدر عن المستشار القضائي للحكومة من ديوان رئاسة الوزراء، وليس عبر معركة انتخابية بعيدة لا يستطيع فيها التفاخر بإنجازاته السياسية التي يتوقع توظيفها في انتخابات يونيو/ حزيران المبكرة؛ وعلى رأسها افتتاح سفارة أميركية في القدس المحتلة، وزيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للمشاركة في مراسم افتتاح السفارة.
وكانت الأزمة الائتلافية الحالية قد اندلعت قبل نحو عشرة أيام، عندما وصل نتنياهو إلى واشنطن للمشاركة في المؤتمر السنوي للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، فيما أعلن حزب "يهدوت هتوراة" أن الحريديم، ووفقاً لتوجيهات من مجلس حكماء التوراة لحركة "أغودات يسرائيل"، لن يصوتوا على قانون الميزانية العامة إلا بعد تمرير قانون التجنيد الذي يعفيهم من الخدمة العسكرية بالقراءات الثلاث. في المقابل، وردّاً على ذلك، أعلن وزير المالية كاحلون أنه إذا لم يتم تصديق الميزانية حتى ليلة عيد الفصح اليهودي أواخر الشهر الحالي، فإنه سيستقيل من الحكومة.
وعلى مدار مكوثه في الولايات المتحدة، حتى يوم الجمعة الماضي، بدا نتنياهو غير مبالٍ بالأزمة التي اتهمه خصومه وشركاؤه في الحكومة بأنه يستغلّها من أجل تبكير موعد الانتخابات، للتهرّب من التحقيقات، عبر التذرع بالأزمة الائتلافية مع الحريديم.
وبرز خلال أيام الأزمة التأييد الكبير الذي يحظى به نتنياهو في أوساط الشارع الإسرائيلي، على الرغم من شبهات الفساد التي تلاحقه، إذ بيّنت الاستطلاعات المختلفة، التي نشرت خلال الأسبوعين الأخيرين، أن حزب "الليكود"، بقيادة نتنياهو، سيحصد أكبر عدد من المقاعد، إذ سيحصل على 30 مقعداً، فيما سينهار حزب "المعسكر الصهيوني"، وفق الاستطلاعات، ويتراجع من 24 مقعداً إلى 11.
وكانت التقديرات الإسرائيلية قد رجّحت، حتى قبل ساعات، أن نتنياهو يسعى إلى تقديم الانتخابات بتنسيق تام مع ليبرمان، تحت ستار أزمة تجنيد الحريديم، وليس على خلفية ملفات الفساد والتحقيقات التي تلاحقه. لكن الساعات الأخيرة حملت تحولاً عندما غيّر ليبرمان من موقفه ضد التسوية التي تم التوصل إليها مع أحزاب الحريديم بشأن قانون التجنيد. وأعلن ليبرمان أنه إذا كان نتنياهو يريد الإبقاء على الحكومة؛ فعليه أن يقبل بتصويت الوزيرة عن حزيه، صوفا لاندفر، ضد مشروع القانون، بدون إقالتها، محذراً من أن إقالتها ستعني انسحاب حزبه من الحكومة وحلها.
ومع انتهاء الأزمة، يخرج نتنياهو، مؤقتاً على الأقل، منتصراً على المعارضة الإسرائيلية التي بيّنت الاستطلاعات المتلاحقة أنها لا تصل إلى حد أدنى من المقاعد يمكنها من أن تشكل بديلاً عن حكومة نتنياهو في أي انتخابات مقبلة.