04 مايو 2016
نتنياهو وتزوير التاريخ
في الأسبوعين الأخيرين، تحول الخطاب العام لنتنياهو من التحريض الفاقع لتبرير شد الخناق على الفلسطينيين إلى تزوير حقائق ثابتة وتشويهها، لتسويغ بطشه، وطرح نفسه مرجعاً تاريخياً، كما حاول في خطابه أمام المؤتمر الصهيوني في القدس المحتلة، الأسبوع الماضي. ففي هذه المناسبة، صوّب الاتهام إلى مفتي فلسطين، الحاج أمين الحسيني، بتحريض هتلر على ارتكاب الهولوكست وإبادة اليهود في ألمانيا. وأثار هذا العدوان على التاريخ غضب كثيرين، ليس فقط من الفلسطينيين، برمي المفتي بهذه التهمة الجائرة، بل كثيرين أيضاً في إسرائيل ويهود الولايات المتحدة الذين اندهشوا من هذا الشطط، وكأنه يتعمد لصق الجريمة بالمفتي، بدلاً من القاتل الحقيقي هتلر. وعبرت منظمات يهودية أميركية، مثل جمعية "مكافحة الافتراء والتمييز ضد اليهود"، والتي عبرت عن صدمتها، وإدانتها هذا التزوير الفاقع، بل الفاجع، لأنه أعطى انطباعاً بأن هتلر ليس المسؤول المباشر عن مجزرة وجريمة هولوكست. حتى إن الألمان، حكومة وشعباً، ذهلوا وسارعوا إلى التصحيح الحاسم برمي المسؤولية على هتلر فقط. وقد أثار كلامه الغريب ليس فقط دهشة كل الآخرين، بل أيضاً التساؤل عن الداعي الذي حمله لارتكاب هذا التزوير البشع للتاريخ؟
الواقع أن نتنياهو كان، ولا زال، على استعداد لتلفيق الروايات والاتهامات والأضاليل وافتعالها، طالما أنه يعتقد أنه في منأى عن الانتقاد من يهود العالم والمجتمع الدولي، ناهيك عن المحاسبة. فهو قد أعطى لنفسه امتيازاً خاصاً، يجعله فوق المساءلة والمحاسبة. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن المظلة الأميركية الحامية تاريخياً لإسرائيل ساهمت في تشجيعه على ممارسة هذا التعالي. وهذا ما كان واضحاً في خطابيه، أخيراً، في الأمم المتحدة وفي المؤتمر الصهيوني؛ حيث انطوى كلامه على قناعة بأن له الحق في الإملاء، معتبراً نفسه غير معني بالإقناع. والدليل على ذلك أنه يستغرب، باستمرار، إدانته وإدانة سياساته التوسعية والعدوانية الفجّة، وكأن حق إدارة الشأن الفلسطيني محصور بـ "الدولة اليهودية"، بل وكأن إدارة الشأن اليهودي العالمي أمر مختص به. ولذلك فوجئ (أو فجع!) بالانتقادات التي غالطته، إذ إنه يعتقد بأنه محصّن بالتفويض الذي يعتقد أنه معطى له في المجالين، الفلسطيني واليهودي العام.
كانت مساءلته في قضية اتهام المفتي الحاج أمين الحسيني، وبالتالي إعفاء هتلر، نقطة مهمة، لعلها تساهم في توضيح حقائق، غيبها قصداً للاستمرار في سياساته التوسعية الاستيطانية النافية فكرة الدولتين. فالقضم المتواصل في القدس الشرقية استولد حالة من الإذلال والكبت، الذي كان لا بد من أن ينفجر بصورة ما. كذلك الأمر يحاول نتننياهو أن يتصرف على أساس أن القدس هي عاصمة إسرائيل، التي لم يعترف العالم بها على أنها كذلك. ويشار إلى أن المحكمة العليا الأميركية أكدت وثبّتت أن اعتبار الإدارة الأميركية القدس ليست عاصمة لإسرائيل، إلى غاية نهاية المفاوضات، موقف قانوني وسليم.
لعلّ الصدمة التي تحدّت، بشكل واضح، وإلى حدّ ما غير مسبوق، البديهيات التاريخية، كانت في توجيه الاتهام إلى غير هتلر مسؤولاً أول ووحيداً عن الهولوكست. ثم إنه ذهب، بصفاقته وغطرسته، إلى حدّ لوم الآخرين الذين استغربوا وانتقدوا بشدة روايته التي قلبت حقيقة الهولوكست، فقد تصرف على أساس أن اتهام فلسطيني، خصوصاً المفتي الحسيني، يجب، في نظره، أن يؤخذ به من دون جدل.
المهم، في هذا الموضوع، أن نتنياهو انكشف على حقيقته، التي طالما عمل على حجبها، في خطابه المدمن على التضليل. وبذلك، انفتح باب مواجهة إسرائيل، وخصوصاً نتنياهو، بحقائق الواقع الاستيطاني الاغتصابي للأرض والحقوق الفلسطينية. ولعلّه حان الوقت، لا فقط لردع تمادي إسرائيل واستخفافها بالحقوق الفلسطينية وبقرارات الأمم المتحدة، بل أيضاً للتصدي المشروع لتماديها في عرقلة، وبالأحرى تخريب، قيام الدولة الفلسطينية.
الواقع أن نتنياهو كان، ولا زال، على استعداد لتلفيق الروايات والاتهامات والأضاليل وافتعالها، طالما أنه يعتقد أنه في منأى عن الانتقاد من يهود العالم والمجتمع الدولي، ناهيك عن المحاسبة. فهو قد أعطى لنفسه امتيازاً خاصاً، يجعله فوق المساءلة والمحاسبة. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن المظلة الأميركية الحامية تاريخياً لإسرائيل ساهمت في تشجيعه على ممارسة هذا التعالي. وهذا ما كان واضحاً في خطابيه، أخيراً، في الأمم المتحدة وفي المؤتمر الصهيوني؛ حيث انطوى كلامه على قناعة بأن له الحق في الإملاء، معتبراً نفسه غير معني بالإقناع. والدليل على ذلك أنه يستغرب، باستمرار، إدانته وإدانة سياساته التوسعية والعدوانية الفجّة، وكأن حق إدارة الشأن الفلسطيني محصور بـ "الدولة اليهودية"، بل وكأن إدارة الشأن اليهودي العالمي أمر مختص به. ولذلك فوجئ (أو فجع!) بالانتقادات التي غالطته، إذ إنه يعتقد بأنه محصّن بالتفويض الذي يعتقد أنه معطى له في المجالين، الفلسطيني واليهودي العام.
كانت مساءلته في قضية اتهام المفتي الحاج أمين الحسيني، وبالتالي إعفاء هتلر، نقطة مهمة، لعلها تساهم في توضيح حقائق، غيبها قصداً للاستمرار في سياساته التوسعية الاستيطانية النافية فكرة الدولتين. فالقضم المتواصل في القدس الشرقية استولد حالة من الإذلال والكبت، الذي كان لا بد من أن ينفجر بصورة ما. كذلك الأمر يحاول نتننياهو أن يتصرف على أساس أن القدس هي عاصمة إسرائيل، التي لم يعترف العالم بها على أنها كذلك. ويشار إلى أن المحكمة العليا الأميركية أكدت وثبّتت أن اعتبار الإدارة الأميركية القدس ليست عاصمة لإسرائيل، إلى غاية نهاية المفاوضات، موقف قانوني وسليم.
لعلّ الصدمة التي تحدّت، بشكل واضح، وإلى حدّ ما غير مسبوق، البديهيات التاريخية، كانت في توجيه الاتهام إلى غير هتلر مسؤولاً أول ووحيداً عن الهولوكست. ثم إنه ذهب، بصفاقته وغطرسته، إلى حدّ لوم الآخرين الذين استغربوا وانتقدوا بشدة روايته التي قلبت حقيقة الهولوكست، فقد تصرف على أساس أن اتهام فلسطيني، خصوصاً المفتي الحسيني، يجب، في نظره، أن يؤخذ به من دون جدل.
المهم، في هذا الموضوع، أن نتنياهو انكشف على حقيقته، التي طالما عمل على حجبها، في خطابه المدمن على التضليل. وبذلك، انفتح باب مواجهة إسرائيل، وخصوصاً نتنياهو، بحقائق الواقع الاستيطاني الاغتصابي للأرض والحقوق الفلسطينية. ولعلّه حان الوقت، لا فقط لردع تمادي إسرائيل واستخفافها بالحقوق الفلسطينية وبقرارات الأمم المتحدة، بل أيضاً للتصدي المشروع لتماديها في عرقلة، وبالأحرى تخريب، قيام الدولة الفلسطينية.