نتنياهو والنووي الإيراني: التعويل على الفوضى لإسقاطه

25 يوليو 2015
طرح نتنياهو شروطاً لا علاقة لها بالملف النووي(فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي اتجهت فيه أنظار العالم إلى جلسات الاستماع في لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الأميركي حول الاتفاق النووي مع إيران، بدأ مقربون من الرئيس الأميركي باراك أوباما، بالإفصاح عن خفايا الاتصالات الأميركية ــ الإسرائيلية في الشأن الإيراني، مع التأكيد على أنّ المطالب الأساسية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تم إدراجها ضمن الاتفاق، لكن نتنياهو كان سيرفض الاتفاق كيفما كان.

وفي ظلّ الحرب الإعلامية بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه، وعلى رأسهم نتنياهو وقادة الحزب الجمهوري الأميركي، كشف مراسل صحيفة "هآرتس" في الولايات المتحدة، حامي شاليف، أنّ إدارة أوباما والمقربين منه، أوقفوا اتصالاتهم مع نتنياهو بعد أن تأكد لهم أن الأخير لا يريد أي اتفاق مع إيران ويسعى إلى إفشاله، منتظراً التداعيات الخطيرة التي ستتبع ذلك، وأهمها الفوضى.

وبحسب شاليف، الذي نقل الحديث عن لسان موظف مقرب من أوباما، فإن نقطة التحول المفصلية التي قطعت بعدها إدارة أوباما الاتصالات مع نتنياهو، كانت في 3 مارس/ آذار الماضي، بعد أن ألقى نتنياهو خطابه في الكونغرس الأميركي بناء على دعوة زعيم الجمهوريين، جون باينر، وخلافاً لموقف أوباما. فالجدل الذي خلّفه إلقاء الخطاب المذكور مع ما رافقه من تحليلات نتنياهو عبر تركيز نقاط الخلاف على البعد الشخصي والسياسي لأوباما، واستغلال نتنياهو للجمهوريين، لإحباط سياسة إدارة ديمقراطية، شكّل نقطة تحوّل أساسية في موقف الإدارة الأميركية.

ويقر الموظف الأميركي المقرب من أوباما، في حديثه مع شاليف، أنّ "معارضة نتنياهو لأي اتفاق مع إيران، أكّدت لمجموعة محيطة بأوباما، أن نتنياهو لا يريد اتفاقاً أفضل، بل يسعى إلى الفوضى التي ستعقب إلغاء الاتفاق وإفشاله، مما يجعل الفترة الزمنية للمواجهة العسكرية مع إيران قريبة، عبر عقد الآمال على انتخاب رئيس جمهوري في انتخابات العام 2016، ويوجّه، في الوقت عينه، ضربة قاضية لميراث أوباما خصم نتنياهو الكبير".

ومع أن شاليف أوضح أنّ موظفي البيت الأبيض يحاذرون في تحليل دوافع نتنياهو، إلا أنه يؤكد نقلاً عنهم، أن إدارة أوباما سعت جاهدة لقبول الشروط الإسرائيلية، وبناء عليه، تمّ إخراج 98 في المائة من اليورانيوم المخصب من إيران، وإدراج البند الذي تتعهد بموجبه إيران بتفكيك مفاعل المياه الثقيلة في أراك وإعادة بنائه بشكل لا يمكن من خلاله إنتاج البلوتونيوم. وينقل عن هؤلاء الموظفين قولهم إن "نتنياهو لا يريد أي اتفاق، ولا يعجبه أي بند في الاتفاق حتى منع إيران من تشغيل أجهزة الطرد المركزية لمدة 15 عاماً، كما أنّ نتنياهو رفض الاتفاق المرحلي الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، والآن قبل به".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تواصل بحثها عن ثغرات في الاتفاق النووي الإيراني 

ويتضح من ذلك، أن نتنياهو رفض البند الذي يبقي إيران بعيدة عن مرحلة الانطلاق لبناء قنبلة نووية لمدة عام، وأصرّ على أن تكون هذه المدة عامين، علماً أنّ إيران من دون الاتفاق، كانت قادرة على الوصول إلى صناعة قنبلة نووية خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر فقط.

وبحسب المصادر الأميركية، فقد "تطور" موقف نتنياهو من "الانشغال بمسائل مختلفة مرتبطة بالاتفاق النووي إلى معارضة جارفة وشاملة لأي تسوية كانت". وأوضحت المصادر أنّ نتنياهو طرح شروطاً جديدة للقبول بالاتفاق لا علاقة لها بالملف النووي، ولم يسبق أن كانت جزءا من الاتفاق ولا في المناقشات حول الاتفاق، مشيرين إلى أنّ نتنياهو يدرك تماماً هذا الأمر، وعلى رأس هذه المطالب، وقف الاعتداءات الإيرانية تجاه جيرانها، والتخلي عن دعم الإرهاب، ووقف التهديدات الإيرانية بالقضاء على إسرائيل". وبحسب مصادر الإدارة الأميركية، فإن نتنياهو ادّعى باستمرار أن الملف النووي هو الخطر الأشد على أمن إسرائيل، وأتى فجأة ليرهن الحل بإخضاع القضية لقضايا اعتبرت سابقاً ثانوية مقارنة بالهدف الرئيسي.

على الرغم من أن تصريحات الموظفين في البيت الأبيض هي جزء لا يتجزأ من الخطة الإعلامية التي يقودها البيت الأبيض في وجه الحملات التي أطلقها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وتجند الحزب الجمهوري إلى جانب موقف نتنياهو، إلا أنها توضح حقيقة موقف إسرائيل من الاتفاق مع إيران ورفضها لأي منافسة إقليمية في مجال القدرة النووية.

وبخصوص الإبقاء على الخيار العسكري ضد إيران، كشرط إسرائيلي، فهو وارد في تصريحات رئيس الخارجية الأميركي جون كيري، يوم الخميس، أمام لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ، وفي ما يبثه موظفون في البيت الأبيض ولو لفظياً. لكن بقاء هذا الخيار، بحسب إدارة أوباما مرهون بالمصادقة على الاتفاق في الكونغرس، وذلك لحفظ مصداقية الولايات المتحدة، وعدم دفعها نحو عزلة دولية في حال أفشل الكونغرس الاتفاق.

وبحسب استراتيجية إدارة أوباما، فإنّ إقرار الاتفاق يمنح الولايات المتحدة، في حال خرقت إيران بنوده المختلفة وثبت ذلك، الشرعية لتوجيه الضربة العسكرية لإيران. أما إفشال الاتفاق، كما يريد نتنياهو والجمهوريون، فسيفقد الولايات المتحدة مصداقيتها، خصوصاً بعد أن أقر مجلس الأمن الدولي الاتفاق، الذي وقّعت عليه الدول العظمى الأخرى، وقد يجر أيضاً بعد إفشاله، شرعية لإيران للتنصل منه كلياً، كما سيضرب أي مسعى لإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، لأن الدول العظمى لن تسارع عندها إلى إعادة هذه العقوبات بسبب تراجع الولايات المتحدة عن الاتفاق.

اقرأ أيضاً: أمنيون وخبراء إسرائيليون يؤيدون تمرير الاتفاق النووي في الكونغرس 

 

المساهمون