نتنياهو: إسرائيل تريد السلام لكن "ليس بأي ثمن"

06 ابريل 2014
من تظاهرات المقاومة الشعبية أمام سجن عوفر(توماس كويكس،فرانس برس،Getty)
+ الخط -
ليس مرجحاً أن يفضي اللقاء الثلاثي، المقرر اليوم، بين وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، وكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، مع المبعوث الأميركي، مارتن انديك، إلى الحد من تضاؤل فرص إنقاذ خطة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بخصوص عملية السلام بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.

وهذا ما تجلى في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، بقوله "إن إسرائيل مستعدة لمواصلة المفاوضات ولكن ليس بأي ثمن".

وحذر نتنياهو، الذي كان يتحدث علنية لأول مرة بشأن أزمة محادثات السلام مع الفلسطينيين، خلال الاجتماع الوزاري الأسبوعي لحكومته، من أن إسرائيل سترد بخطوات من جانبها إذا مضى الفلسطينيون قدماً في خطوات من جانب واحد تجاه اعلان قيام دولة.

وتزامنت تصريحات نتيناهو مع اشتداد الحرب بين حزب "كديما" وحزب "البيت اليهودي"، وذلك على إثر الاتهامات التي وجهتها ليفني، أمس، لوزير الإسكان الإسرائيلي، أوري أريئيل، بالعمل على تفجير المفاوضات من خلال إعلان مناقصة البناء في القدس المحتلة.

وأشار وزير الاقتصاد ورئيس حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، اليوم الأحد، إلى أن " (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس نفسه لم يكن قد تطرق إلى هذا الأمر، وفقط ليفني قامت بذلك لتغطي على فشلها".

وفي رده على سؤال حول توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، قال بينيت للإذاعة الإسرائيلية: "إذا كان عباس يريد الذهاب للأمم المتحدة فأنا مستعد أن أزوده بتذكرة السفر، وهناك سنقدم ضده شكوى بتهم ارتكاب جرائم حرب عبر تمويل وتحويل الأموال لمنظمات إرهابية مثل حماس".

وأضاف: "لقد أمهلنا الحكومة تسعة أشهر للمفاوضات، تسعة أشهر من الهدوء بدون تظاهرات وبدون تسريب للأنباء، ومع ذلك فإن الفلسطينيين هم من أفشل المفاوضات عبر رفضهم الاعتراف بالدولة اليهودية".

من جهته، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الأحد، إن تعثر المفاوضات أعاد الطرفين إلى الوراء تسعة أشهر، أي إلى لحظة القطيعة بينهما، قبل إعلان تفاهمات يوليو/تموز، وإطلاق مفاوضات الشهور التسعة.

ولفت فيشمان إلى أن "إعلان إسرائيل وقف وتعطيل أعمال البنية التحتية لشركة الاتصالات الفلسطينية "الوطنية"، يمثل رسالة تهدف إلى تذكير الفلسطينيين بمدى ارتباطهم بالقرارات والسياسة الإسرائيلية". كما اعتبرها "رسالة لكبار قادة السلطة الفلسطينية بمن فيهم نجلا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ياسر وطارق ) ونائب رئيس الحكومة الفلسطينية مصطفى محمود باعتبارهم أصحاب مصالح مباشرة في "الوطنية"". يضاف إلى ذلك، وقف مشاريع تطوير فلسطينية على مساحة تصل لـ14 ألف دونم في الضفة الغربية.
كل ما سبق، بحسب فيشمان، يشكل رسائل أولية غايتها إبراز حجم الضرر الذي ينتظر الجانب الفلسطيني، في حال مواصلة التحرك الدبلوماسي.

ويرى فيشمان أن المنطقة برمتها ستدخل حالة ترقب وانتظار، ولا سميا على ضوء اجتماع وزراء الخارجية العرب، هذا الأسبوع، والذي من المنتظر أن يؤيد الجانب الفلسطيني، ما يزيد من تمسك الأخير بموقفه الراهن.

في المقابل، يشير فيشمان، وبراك رابيد في صحيفة "هآرتس"، إلى أنه من المتوقع أن ينفذ الأميركيون تهديدهم، ويخففوا من درجة تدخلهم وحجم وساطتهم في العملية السياسية بين الطرفين. وهو الأمر الذي من المتوقع أن يترجم مباشرة، بعيد اللقاء المنتظر بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وكيري، هذا الأسبوع.
من جهته، يلفت فيشمان إلى أن الشعور السائد في إسرائيل، يفيد بأن صفقة الجاسوس الإسرائيلي، المسجون في الولايات المتحدة، جوناثان بولارد، لن تتم، وبالتالي فإن إسرائيل لن تفرج عن أسرى الدفعة الرابعة.
وبحسب المحافل السياسية في إسرائيل، فإن مبادرة كيري كانت "مثيرة للاهتمام"، لأن الضغوط للتوصل إلى اتفاق دائم، خلال أشهر معدودة، خلقت خليطا من التوقعات التي لم تتحقق.

ويدلل فيشمان على "العودة للوضع الذي ساد بين الطرفين قبل تفاهمات يوليو/تموز"، بغياب الحوار السياسي بينهما، في مقابل استمرار روتين عمل التنسيق الأمني بين جهاز "الشاباك"، وقيادة المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال (المسؤولة عن الضفة الغربية) من جهة، والأجهزة الأمنية الفلسطينية من جهة أخرى. ويترافق ذلك مع استمرار تدفق المال المخصص لتمويل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، نظراً لإدراك الطرفين بضرورة عدم الوصول إلى مواجهة عنيفة.

وفي هذا السياق، يرى فيشمان أن إحدى الدلائل على الأزمة تتمثل في نقل صلاحيات التنسيق الأمني، من المستوى السياسي إلى المستوى العسكري والأمني الإسرائيلي، للتأكيد على أن التنسيق لا يتم بين كيانين سياسيين.

وعلى الرغم من أن إسرائيل تتحدث عن عقوبات سياسية واقتصادية، إلا أنها تتجنب، بحسب فيشمان، المغالاة في التصريحات، خوفاً من ارتداد ذلك ضدها. وعندها، بحسب فيشمان، لن يكون بمقدور أحد التكهن بنقطة انكسار الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي قد تتجه لحمل السلاح وتوجيهه إلى إسرائيل.

وعلى الرغم من أن الاحتجاجات والمواجهات، التي وقعت الجمعة أمام سجن عوفر، قرب أريحا، تمثل، من وجهة النظر الإسرائيلية، خطوات احتجاج أولية، تقف وراءها جهات أوروبية تحرّض على فرض المقاطعة على إسرائيل، إلا أن قيادة المنطقة الوسطى للجيش الإسرائيلي، تستعد في الأيام الأخيرة "لمواجهة سيناريوهات تفجرأعمال العنف" والمقاومة في الأراضي الفلسطينية.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن اندلاع هذه الأعمال سيكون تدريجياً. ولتفادي تفجر الموقف كلياً، تم الإيعاز إلى القوات الإسرائيلية بخفض نقاط الاحتكاك مع الفلسطينيين، سواء خلال المظاهرات أم عند شن حملات لاعتقال الناشطين الفلسطينيين، خوفاً من أن يؤدي سقوط شهداء إلى تفجير الأوضاع كلياً.

المساهمون