نبيل بركاتي ثالث محاكمات العدالة الانتقالية في تونس

04 يوليو 2018
+ الخط -
نظرت الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية في المحكمة الابتدائية بالكاف، اليوم الأربعاء، في ثالث قضية تتعلق بالعدالة الانتقالية، وهي اغتيال الناشط السياسي، والمنتمي لـ"حزب العمال"، نبيل بركاتي، الذي توفي تحت التعذيب بمركز الشرطة في قعفور يوم 8 مايو/ أيار 1987.

وتميزت جلسة اليوم بحضور الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية"، وزعيم "حزب العمال"، حمّة الهمامي، وعدد من الوجوه السياسية والنواب والمنظمات الدولية، كالمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، ومنظمات حقوقية ومحامين وعائلة الشهيد.

ولأول مرة في قضايا العدالة الانتقالية المحالة إلى المحاكم التونسية المتخصصة، حضر أمنيون من المتهمين بارتكاب الانتهاكات، في الوقت الذي وجهت فيه الاتهامات إلى وزير سابق وطبيب وقيادات أمنية، ويتضمن الملف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وجرائم ضد الإنسانية، على معنى الفصل 8 من قانون العدالة الانتقالية.

وقالت عضو هيئة الدفاع عن نبيل بركاتي، المحامية ليلى حداد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ جلسة اليوم "حضرها، لأول مرة، اثنان من الجلادين، ولكن هيئة الدفاع طلبت تأجيل الاستماع إليهما، وحضور محاميهما، على اعتبار أنّ القضية جنائية، وتتطلب وجوبًا حضور محامين عنهما".

وأوضحت الحداد أنه تم الاستماع إلى 3 شهود في جلسة اليوم، الأول رضا بركاتي، شقيق الشهيد نبيل بركاتي، وتحدث عن تاريخ إيقاف شقيقه وخلفية الإيقاف، باعتبار أن شققيه ناشط بـ"حزب العمال" الشيوعي، وحصلت تحركات في تلك الفترة وزعت خلالها مناشير من قبل الحزب، وبالتالي تم إيقاف الشقيقين بركاتي على أساس نشاطهما السياسي في اليوم نفسه.

وبينت أنه في الوقت الذي أطلق فيه سراح رضا بركاتي، تم الاحتفاظ بنبيل بتاريخ 28 إبريل/نيسان 1987 حتى 8 مايو/ أيار، أي تاريخ قتله، مشيرة إلى أنه تم العثور عليه مقتولًا في الشارع رميًا بالرصاص للإيهام بأنه انتحر، بعد أن فر من السجن، في حين أن شقيقه أكد أنه توفي تحت التعذيب، مبينة أنه تم فتح تحقيق في القضية، وأن الطب الشرعي غالط الرأي العام، ليبرز أنه مات بالرصاص وليس جراء التعذيب.

وقالت حداد إن الشاهد الثاني، الذي قدم إفادته اليوم، أوقف على ذمة القضية نفسها، وكانت له الميولات السياسية والفكرية نفسها، وأكد بدوره أنه سمع حيثيات عملية التعذيب، وقال إنها كانت قاسية جدًا إلى حد الإغماء، مشيرة إلى أن الشاهد اعترف بأنه أطلق سراحه مباشرة بعد قتل الشهيد نبيل بركاتي.

وأضافت عضو هيئة الدفاع أنه تم الاستماع إلى شهادة عون أمن كان موجودًا يوم الواقعة، وقتل الشهيد بسلاحه، مبينة أن نبيل بركاتي لم يمت بالسلاح، وإنما جراء التعذيب، وأن هذا العون أوضح أنه سلّم سلاحه فور الانتهاء من عمله وخروجه للعطلة في مسقط رأسه بالعروسة القريبة من منطقة قعفور، وأن بركاتي لم يكن قادرًا على الهروب من مركز الأمن، لأنه تم تعذيبه بشدة، الأمر الذي جعله عاجزًا عن المشي والتنقل.

وأشارت إلى أنّ هيئة الدفاع عن نبيل بركاتي توجهت بكثير من الأسئلة إلى الشهود وتمسكت بتأجيل القضية للاستماع إلى الجلادين، إذ حضر منهما اثنان فقط، وذلك إلى حين توكيل محامين عنهما، مبينة أنه حصل تقدم نوعي في قضايا العدالة الانتقالية، مقارنة بالقضايا السابقة التي لم يحضر فيها الجلادون.

وأكدت حداد أنّ الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية بنظرها في مثل هذه القضايا تريد معرفة الحقيقة في كنف الاستقلالية والحياد الكامل بعيدًا عن التشفي، مبينة أن عائلة الشهيد تريد المحاسبة ومعرفة الحقيقة وقد تنتقل إلى مرحلة المصالحة لاحقًا.

وقال شقيق نبيل بركاتي، في تصريح إعلامي، إن "محاكمة الضالعين في الجريمة فيها رد اعتبار للشهيد ولعائلته"، مؤكدًا أن الهدف من هذه المحاكمة هو معرفة الحقيقة بعيدًا عن منطق التشفي والضغينة".