تغادر عائلات سورية نازحة مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، هربا من الأوضاع المعيشية المتردية باتجاه مناطق سيطرة النظام السوري، بعد أن قطعت عنهم المساعدات الإنسانية منذ أشهر، ويصل عدد من يغادرون المخيم يوميا إلى نحو عشرين عائلة.
يقول مدير المكتب الإعلامي في مخيم الركبان، أبو محمد عكيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "بعض أهالي مدينة تدمر وبلدات مهين وحوارين والقريتين، يؤكدون رغبتهم بالعودة إلى مناطقهم لإجراء تسوية لأوضاعهم بدلا من الموت جوعا في المخيم، وسيتوجهون إلى نقاط التسوية بعد انقضاء شهر رمضان".
وأضاف عكيدي، أن النازحين يسلكون طريقين باتجاه نقاط التسوية، أولهما طريق "الضمير"، حيث تتم تسوية الأوضاع بعد قضاء يومين أو ثلاثة في المدرسة، أما الطريق الثاني فهو المؤدي إلى "حاجز ظاظا" باتجاه مدينة الفرقلس بريف حمص الشرقي، وهذا الطريق يسلكه الراغبون في الذهاب الى أرياف حمص وحماة وحلب.
وتابع: "وردت إلينا أخبار عن اقتياد اثنين من الشبان العائدين إلى مدينة حمص بعد إجراء تسوية، من قبل قوات النظام لإلحاقهم بصفوف الجيش، ولايزال الصمت الدولي والعربي والأممي ساريا إزاء مصير اللاجئين في مخيم الركبان".
وقال أحمد (63 سنة)، وهو نازح من أهالي مدينة تدمر، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع المعيشي في المخيم صعب للغاية. لا مساعدات ولا طعام، والأسعار مرتفعة للغاية، ولا قدرة للكثير من الناس على شراء المواد الغذائية الأساسية.
ويضيف أن "الخروج من المخيم يتطلب ثروة حقيقية، فمن يرغب بالمغادرة عبر طرق التهريب بحاجة لدفع مبلغ قد يصل إلى ألفي دولار أميركي، ليصل إلى إدلب، أو منطقة أخرى خارج سيطرة النظام".
وأوضح علي (23 سنة) لـ"العربي الجديد"، أنه ذاهب إلى مناطق النظام لتسوية وضعه، والالتحاق بصفوف الجيش السوري، "هذا أفضل من الموت جوعا في المخيم الذي لا يوجد فيه أي فرصة عمل. كان بعض الشبان يرغبون في الالتحاق بصفوف الجيش الحر في قاعدة التنف، أو كما تسمى (النقطة 55)، رغبة في الحصول على دخل يؤمن لهم قوت أسرهم، لكن أغلق باب الانضمام بشكل كلي، ولم يعد هناك سبيل سوى التسوية والعودة إلى النظام، وبكل الأحوال الموت هنا من الجوع يوازي الموت في أي منطقة أخرى".
ويصف النازح ربيع (45 سنة) المقيم في المخيم منذ عامين، لـ"العربي الجديد"، الحياة في المخيم بأنها "توقفت تماما، وقطعت الإغاثة عن المخيم، والنقاط الطبية تلفظ أنفاسها الأخيرة، والحدود مغلقة مع الأردن، وأي محاولة للفرار تعني الموت".ويتابع أن "باب التسوية والعودة إلى النظام الذي شردنا هو الباب الوحيد المفتوح حاليا، فنحن مجبرون على أن نحافظ على مستقبل أطفالنا وعلى أن نوفر لهم الغذاء والعلاج، فلم يعد لنا سوى هذا الطريق رغم مرارته وقسوته علينا".