ناجون من إيبولا يتولون التوعية لمكافحته

28 أكتوبر 2014
إيبولا ما زال يهدد العالم (فرانس برس)
+ الخط -
قضت المعلمة فانتا أولين كامارا أسبوعين في مارس/ آذار بين الحياة والموت تكافح للنجاة بحياتها من فيروس إيبولا القاتل لكن أحلك أيامها كان حين شفيت من المرض وعادت إلى منزلها في غينيا.

وقالت كامارا (24 عاماً) وهي معلمة في مدرسة ثانوية "معظم أصدقائي امتنعوا عن زيارتي. لا يتحدثون معي ويتحاشونني. ولم يسمح لي بالعودة للتدريس".

وتسبب أسوأ تفشّ مسجل للمرض في وفاة 5000 شخص في غرب أفريقيا معظمهم في غينيا وليبيريا وسيراليون. لكن آلاف المرضى نجوا ليصبحوا منبوذين من مجتمعاتهم التي روعها الفيروس القاتل.

وفي مسعى للتصدي للنبذ ووصمة العار، انضم ناجون من إيبولا، مثل كامارا، الى رابطة في غينيا تقدم العون لأعداد متزايدة من الذين شفوا من المرض وتساعدهم على المشاركة في حملة لمكافحة الفيروس.

ومن المفترض أن الناجين من إيبولا يتمتعون بحصانة ضد المرض بفضل الأجسام المضادة التي أصبحت في دمائهم مما يجعلهم عنصراً قوياً في الحملة ضد الفيروس.

والنقص في العاملين في القطاع الصحي يجعل حكومات غرب أفريقيا الضعيفة تخسر المعركة لاحتواء الفيروس القاتل رغم تعهدات خارجية بتقديم مساعدات تقدر بمئات الملايين من الدولارات.

وينتشر الفيروس من خلال سوائل جسم المريض المصاب بالحمى النزفية. ويعاني مريض الإيبولا من نزيف وقيء وإسهال في مراحل المرض الأخيرة. وعلى كل العاملين في المستشفيات والمراكز الطبية استخدام معدات حماية شخصية وهو ما يحرم المرضى من أي اتصال مباشر مع البشر لكن الناجين من المرض لا يحتاجون إلى ذلك.

وكامارا التي فقدت ستة من أفراد أسرتها بسبب إيبولا تعمل الآن مع منظمة "أطباء بلا حدود" الخيرية في مستشفى في كوناكري عاصمة غينيا. وقالت "نتبادل خبراتنا مع هؤلاء المرضى ونشرح لهم كيف كنا مرضى وأصبحنا معافين الآن ونعطيهم الأمل".

وفي ليبيريا وسيراليون أيضاً يتطوع الناجون من إيبولا للعمل في وحدات لعلاج المرض ورعاية أطفال تيتموا بسبب الفيروس القاتل ومساندة الضحايا في مسعى لكسر دائرة الخوف من المرض.

وهناك أمل أيضاً في استخدام دم الناجين كلقاح لعلاج المرض. وفي ليبيريا تجري خطط لتخزين دم الناجين، وتقول منظمة الصحة العالمية إن هذا العلاج يمكن أن يبدأ قريباً في ديسمبر/ كانون الأول.

من جانبه، قال رئيس البنك الدولي إن الدول التي تضررت من إيبولا في غرب أفريقيا تحتاج إلى ما لا يقل عن 5 آلاف عامل إضافي في مجال الرعاية الصحية لمكافحة الوباء بفاعلية.

وقال جيم يونج كيم اليوم الثلاثاء إنه قلق بشأن إمكانية العثور على هؤلاء العاملين نظراً لانتشار الخوف من الإيبولا. وكان رئيس البنك الدولي يتحدث إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيسة الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني-زوما.

وقال بان إن نقل الفيروس مستمر في تجاوز استجابة المجتمع الدولي. وناشد دول الاتحاد الأفريقي الأربع والخمسين أن لا تفرض قيوداً على السفر تتعلق بالإيبولا أو أن تغلق حدودها.

وقالت دلاميني-زوما إن دول الاتحاد الأفريقي كانت قد تعهدت بإرسال أكثر من ألفي عامل في مجال الرعاية الصحية إلى غرب أفريقيا. ولم تكشف عن موعد وصولهم.

في المقابل، ترفض السلطات الجزائرية نقل هواجسها من احتمال انتقال وباء إيبولا إلى السكان وتحاول بالمقابل مساعدة دول الجوار الأفريقية؛ من أجل منع انتشار الوباء في هذه البلدان لأن أي انتشار للوباء فيها سيعني انتقاله إلى الجزائر.

وانتقلت الجزائر إلى مرحلة جديدة في مواجهة وباء إيبولا بعد وصول الداء إلى دولة مالي المجاورة، حيث تواجه الآن الاحتمال الأسوأ بعد تسجيل حالة الإصابة الأولى بالداء في دولة مالي المجاورة جغرافياً لها الأسبوع الماضي، حيث بات قريباً للغاية من الجزائر التي تشترك معها في حدود طولها 1300 كلم، بحسب تقارير إعلامية.

ورغم أن الحدود البرية بين الجزائر ومالي مغلقة منذ عام 2013، وتخضع لإجراءات أمن مشددة، إلا أن طول الحدود سمح بوقوع عمليات تسلل يومية لمهاجرين سريين أغلبهم يبحث عن العمل في الجزائر.

وعاشت الحدود الجزائرية الجنوبية مع كل من مالي، النيجر وليبيا ضغطاً أمنياً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة بسبب عدم الاستقرار الأمني في هذه الدول، حيث حشدت السلطات عشرات الآلاف من الجنود عبرها لمواجهة عمليات تسلل الجهاديين وتهريب السلاح وتضاعف هذا الضغط مع انتقال فيروس إيبولا إلى مالي.

وحسب مصدر أمني جزائري طلب عدم الكشف عن هويته "قام الجيش الجزائري بتجهيز وحداته الموجودة على الحدود بمراكز طبية ميدانية لتشديد الرقابة على إمكانية انتقال الفيروس".
وتواجه الجزائر احتمالاً ثانياً سيئاً وهو انتقال الوباء من مالي إلى دولة النيجر المجاورة أو موريتانيا، وكل هذه البلدان تشترك مع الجزائر بحدود برية طويلة.



وقال مصدر في وزارة الصحة الجزائرية إن كلمة السر بالنسبة للسلطات الجزائرية في مواجهة وباء إيبولا هي منعه من الانتقال إلى دول الجوار الأفريقية وهي مالي والنيجر وموريتانيا، ومساعدة هذه الدول على مكافحته وحصاره في حال انتقاله، أما إذا عجزت هذه الدول عن مواجهة الوباء فإن انتقاله إلى الجزائر سيكون مسألة وقت فقط.

وتعد مدينة تمنراست 2000 كلم جنوب العاصمة الجزائرية، أكثر المدن الجزائرية عرضة لانتقال المرض حيث يوجد فيها رعايا من أكثر من 10 دول أفريقية، وعدد كبير من هؤلاء دخلوا الجزائر بطرق غير نظامية أي أنهم لم يخضعوا لأي فحص طبي أو مراقبة حسب مصادر طبية محلية.

وقال عشمي سالم، وهو طبيب يعمل في مدينة تمنراست القريبة من الحدود بين الجزائر ومالي: "يبقى احتمال وصول وباء ايبولا إلى الجزائر أكثر من وارد، والسبب هو التنقل غير المراقب للمهاجرين السريين من دول غرب أفريقيا إلى الجزائر وإلى تمنراست بشكل خاص".

وأضاف "في مواجهة الوضع الخطير لجأت السلطات الصحية الجزائرية إلى تجهيز مستشفى مدينة تمنراست الجزائرية بغرف عزل صحي لمواجهة اكتشاف حالات لدى مهاجرين سريين أفارقة".

وتابع سالم "فرضت تعليمات لوزارة الصحة على الأطباء الخاصين أي غير العاملين في المستشفيات الحكومية في مناطق الحدود الجنوبية بالإبلاغ فوراً عن أية حالة مشتبه فيها، فيما اتخذت وزارة الداخلية قبل أيام قراراً بإخضاع كل مهاجر سري قادم من الدول الأفريقية للفحص الطبي بصفة إجبارية".

وقال مصطفى سولين عضو لجنة تنسيق أعمال الإغاثة الطبية لصالح المهاجرين السريين القادمين من الدول الأفريقية، وهي لجنة تتعامل مع وزارة الصحة إن "التقارير الصحية مطمئنة إلى حد الساعة، لكن الوضع يحتاج للمزيد من العمل؛ لأن المناطق الحدودية النائية لا تتوفر على الكوادر الطبية التي يمكنها توفير الرعاية الصحية للسكان المحليين في حالة انتشار وبائي".
وقررت وزارة الصحة الجزائرية، حسب مصدر مسؤول "تقديم مساعدات لنظيرتها في دولة مالي المجاورة من أجل المساعدة في حصار الوباء".