رحلت مساء أمس السبت في بيروت الكاتبة اللبنانية مي منسّى (1939 – 2019)، بعد مشوار طويل بدأته في الإعلام المرئي ثم المكتوب وبقيت مخلصة له لستين عاماً متابعة للأدب والفنون، قبل أن تنتقل في نهاية التسعينيات لكتابة الرواية.
حصلت الراحلة على دبلوم الدراسات العليا في الأدب الفرنسي، والتحقت بـ "تلفزيون لبنان" عام 1959 لتكون أول مذيعة تعمل فيه، وبعد عشر سنوات كتبت أولى مقالاتها في "جريدة النهار" قبل أن تتخصّص في النقد الثقافي.
رغم أنها أصدرت "حكاية ناصر" (1972) وهي قصّة للأطفال حول الزعيم المصري جمال عبد الناصر إلا أنها لم تقرّر حينها أن تتوجه إلى الأدب، حيث أعدّت وقدّمت برنامجي "نساء اليوم" و"جرف على طريق الزوال" وتولّت أيضاً رئاسة تحرير مجلة "جمالك" الشهرية عام 1986.
في عام 1998، أصدرت روايتها الأولى بعنوان "أوراق من دفاتر شجرة رمان" التي تعود فيها إلى ذاكرة طفولتها في قرية بشري في جبل لبنان، وتسرد البطلة الراوية تفاصيل تنشئتها العائلية وعلاقتها المركبة مع والدها حيث يمتزج في شخصيته القسوة والغضب بالحب، وصولاً إلى مشاهد الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990) والتي لم تغادر آثارها كلّ من عاشوها إلى اليوم.
نشرت منسّى بعد ذلك عدّة كتب وروايات، من بينها "أوراق من دفاتر سجين" (2000)، و"المشهد الأخير" (2002) التي حوّلها المخرج اللبناني ريمون جبارة إلى عمل مسرحي، وكتاب مصوّر للأطفال باللغة الفرنسية بعنوان "في حديثة سارة" (2004)، و"أنتعل الغبار وأمشي" (2000)، و"الساعة الرملية" (2008)، و"حين يشق الفجر قميصه" (2010)، و"ماكنة الخياطة" (2012)، و"تماثيل مصدعة" (2014).
صدرت روايتها "قتلت أمي لأحيا" العام الماضي والتي تم اختيارها ضمن "جائزة البوكر" في دورتها الأخيرة، وهي تروي أحداث فتاة مصابة بالتوحّد الذي يؤدي بها إلى خلط الواقع بالوهم في تفاصيل حياتها المركبة والمعقدة حتى يصعب التفريق بينهما، لكن تبقى الحقيقة الأساسية هي قتلها لوالدتها.
للكاتبة رواية بالفرنسية مخطوطة لم تُنشر بعد تحت عنوان "ما اسمي؟" وهي مستمدة من أحداث عاشتها مدينة حلب السورية في السنوات الأخيرة، كما أنها كانت تعمل على كتابة رواية بعنوان "الغربة" لكنها رحلت دون أن تكملها.