ميكانيكيّ صغير يكدّ لسدّ احتياجات عائلته

01 نوفمبر 2016
مضطر إلى العمل مهما كان راتبه (العربي الجديد)
+ الخط -

قبل اندلاع الثورة في سورية، جاء محمد إلى لبنان لزيارة والده الذي يعمل فيها، مع والدته وأخته وأخيه الصغيرَين. لكنّه بقي هناك بعيداً عن وطنه. يُذكر أنّ والده يعمل منذ 15 عاماً في مدينة صيدا (جنوب) سائق حافلة نقل.

ظنّ محمد حموش عند زيارة والده أنّه سوف يعود بعدها إلى عفرين في محافظة حلب (شمال) وإلى حياته الطبيعية ورفاقه وحارته ومدرسته. لكنّ الحرب في سورية حطّمت كل أحلامه، إذ هدمت بيته وخطفت رفاقاً من الطفولة، قضوا من جرّاء قذائف سقطت فوق رؤوسهم. ويقول: "زيارتنا لوالدي أبعدتنا عن سورية، لكنّها أنقذتنا من الموت في القصف الذي استهدف بيتنا". ويخبر أنّهم منذ خمسة أعوام، يعيشون في لبنان، "وقد استأجرنا منزلاً متواضعاً لقاء مائتي دولار أميركي شهرياً، في بلدة مغدوشة المطلة على مدينة صيدا. ونعمل والدي وأنا حتى نتمكّن من توفير إيجار البيت والمصاريف الأخرى. فأنا الولد البكر في العائلة".

كان محمد في الصف الخامس عندما ترك سورية، ونتيجة الحرب اضطر إلى التخلي عن المدرسة. يضيف: "أنا أعمل ميكانيكياً في ورشة لتصليح السيارات في مدينة صناعية. كان طموحي أن أكمل دراستي وأدخل الجامعة، شأني شأن أبناء جيلي الآخرين. لكنّني لا أستطيع ذلك بسبب ظروفنا هنا". كلّما رأى محمد التلاميذ وهم يتوجّهون صباحاً إلى المدرسة، "أشعر بحسرة على الرغم من أنّني أحبّ عملي".

عند سؤاله عن عودته إلى عفرين، يقول بثقة رجل راشد إنّه "من الصعب العودة إلى سورية في الأوضاع الأمنية الراهنة، وسط الحرب والموت والدمار". ويشير إلى أنّه "في حال قرّرنا ترك لبنان والانتقال إلى مكان آخر، فإنّ وجهتنا سوف تكون تركيا أو ألمانيا. نحن نرغب في حياة آمنة وكريمة. في سورية، فقدنا كل ذلك".

ولا يخفي محمد أنّه كان يرغب في "البقاء في بلدي مع أقاربي وأهلي ورفاقي، فأتعلم وأبني مستقبلي هناك. أحلم بانتهاء الحرب وبالعودة إلى سورية، لكنّني لا أرى ذلك قريباً". ويلفت إلى أنّه "مع فقدان رفاقي لي، فقدت كل شيء جميل. لا أعلم من بقي منهم على قيد الحياة ومن توفي". كذلك لا يعلم مَن منهم خسر منزله أو تشرّد.

لقاء عمله في تصليح السيارات الذي لا يليق بالأطفال، يتقاضى محمد "أربعين ألف ليرة لبنانية (أقل من 27 دولاراً أميركياً) في الأسبوع. هو مبلغ ضئيل جداً. أعلم ذلك، لكنّه يسدّ شيئاً من احتياجات عائلتنا. أنا مضطر إلى العمل مهما كان راتبي".

المساهمون