بين الحين والآخر، تنطلق في العاصمة السودانية الخرطوم تظاهرات سلمية احتجاجاً على انقطاع المياه في أحيائها المختلفة، والتي تمتد في بعض المناطق لأكثر من شهر، بينما تغيب المياه في المنازل في أغلب مناطق الريف بالولايات، وينتقل المواطنون لمسافات طويلة، من أجل جلب المياه بالطرق التقليدية، ما يشكل عبئاً كبيراً عليهم. علماً أن السودان يعتمد في موارده المائية على مصادر الأمطار ومياه النيل والوديان، فضلاً عن المياه الجوفية. وتستفيد من مياه النيل مساحات قليلة تمتدّ في الشريط المحاذي، بينما معظم المساحات تعتمد بشكل كلي على مياه الأمطار وجريانها السطحي.
وتسببت تقلبات المناخ وموجات الجفاف التي ضربت البلاد في أوقات مختلفة في تدمير البنى التحتية، وأثرت سلباً في الاستقرار والتنمية، خاصة في الريف السوداني، إلى جانب زيادة موجات النزوح والهجرة إلى المدن. وأظهر آخر مسح سكاني أن 54% من السودانيين يتمتعون بخدمات المياه، بما يعني أن حوالي نصف السودانيين بلا مياه.
وتقول رقية لـ"العربي الجديد" إنها تقضي الليل كله في ملء براميل الماء التي تنقطع نهاراً وتأتي ضعيفة في وقت متأخر من الليل. أما أم كلثوم التي تسكن في دارفور فتؤكد أنها تقطع مسافات طويلة لجلب المياه من البئر، حيث تقضي غالبية نهارها لأداء هذه المهمة الصعبة. وتشير إلى أن أحلام عائلتها باتت تنحصر في توفير المياه داخل المنازل بالمواسير، باعتبار أن عملية الجلب من بعيد مرهقة.
غير أن المعاناة لا تقتصر على أم كلثوم ورقية وحدهما، فهناك شريحة من المواطنين تعتمد في توفير مياه الشرب على مالكي "الكارو"، وهو عبارة عن حمار يجر بعربة مصنوعة يدوياً، حيث يقوم هؤلاء ببيع الماء في الأحياء بسعر 2 جنيه للقارورة، علماً أن ملء البرميل يتطلب 8 قوارير.
وتقول الباحثة في مجال المياه والقيادية في جمعية حماية البيئة، سمية أحمد السيد، لـ"العربي الجديد" إن مشكلة توفير المياه في السودان ترتبط بالتوسع العمراني، والذي لم يقابله توسع في شبكات المياه بالشكل المطلوب، وتشير إلى أن "التلوث ينتج عن حفر "السيفونات" في المنازل والتي تتم بغياب الرقابة، ما يرفع احتمال تلوث مياه الصرف الصحي بمواسير مياه الشرب المهترئة".
وأقرت الدولة أخيراً معالجات عدة لحسم قضية توفير المياه بينها تنفيذ "مشروع حصاد المياه"، الذي يقوم على تجميع وتخزين مياه الجريان السطحية الناتجة عن هطول الأمطار للاستفادة منها لأغراض الشرب والزراعة ، لكن مراقبين انتقدوا التجربة باعتبار أنها ركزت على توفير المياه للعاصمة وحولت المشروع لاستثمار يبتغي الربح.
ومع ازدياد مشكلة توفير مياه الشرب النقية، اتسعت تجارة شركات تعبئة المياه والتي وجدت اقبالاً أكبر وسط الشرائح صاحبة الدخل الأعلى، إذ يصل سعر القارورة الصغيرة إلى 2 جنيه، لكنها ووجهت بانتقادات وشكاوى فيما يتصل بمطابقتها للمقاييس. وفي وقت سابق أوقفت السلطات في الخرطوم ست شركات لتعبئة المياه لاستخدامها نسب أعلى من المعدل المسموح به من مادة البروميد.
يؤكد مصدر مطلع في هيئة المواصفات والمقاييس التزام الهيئة بمراقبة شركات المياه وتغيير مواصفات التعبئة كل خمسة أعوام، قاطعاً بوجود أوامر من جهات أعلى، لم يسمّها، تراجع قرارات الهيئة في ما يتصل بسحب ترخيص شركات المياه وإيقافها. وكانت شعبة المياه والتعبئة في اتحاد الغرف التجارية اشتكت فيما مضى، من انتشار مصانع تعبئة غير مطابقة للمواصفات.
ويقول الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم إن أهم أهداف الألفية التنموية للأمم المتحدة، والتي وقع عليها السودان في 2001، توفير المياه النقية بالبلاد بحلول العام الحالي، لكن ما تم لا يعدو كونه تحسناً في توفير المياه، الأمر الذي يتطلب توسعاً أكبر خصوصاً في الريف.
وتسببت تقلبات المناخ وموجات الجفاف التي ضربت البلاد في أوقات مختلفة في تدمير البنى التحتية، وأثرت سلباً في الاستقرار والتنمية، خاصة في الريف السوداني، إلى جانب زيادة موجات النزوح والهجرة إلى المدن. وأظهر آخر مسح سكاني أن 54% من السودانيين يتمتعون بخدمات المياه، بما يعني أن حوالي نصف السودانيين بلا مياه.
وتقول رقية لـ"العربي الجديد" إنها تقضي الليل كله في ملء براميل الماء التي تنقطع نهاراً وتأتي ضعيفة في وقت متأخر من الليل. أما أم كلثوم التي تسكن في دارفور فتؤكد أنها تقطع مسافات طويلة لجلب المياه من البئر، حيث تقضي غالبية نهارها لأداء هذه المهمة الصعبة. وتشير إلى أن أحلام عائلتها باتت تنحصر في توفير المياه داخل المنازل بالمواسير، باعتبار أن عملية الجلب من بعيد مرهقة.
غير أن المعاناة لا تقتصر على أم كلثوم ورقية وحدهما، فهناك شريحة من المواطنين تعتمد في توفير مياه الشرب على مالكي "الكارو"، وهو عبارة عن حمار يجر بعربة مصنوعة يدوياً، حيث يقوم هؤلاء ببيع الماء في الأحياء بسعر 2 جنيه للقارورة، علماً أن ملء البرميل يتطلب 8 قوارير.
وتقول الباحثة في مجال المياه والقيادية في جمعية حماية البيئة، سمية أحمد السيد، لـ"العربي الجديد" إن مشكلة توفير المياه في السودان ترتبط بالتوسع العمراني، والذي لم يقابله توسع في شبكات المياه بالشكل المطلوب، وتشير إلى أن "التلوث ينتج عن حفر "السيفونات" في المنازل والتي تتم بغياب الرقابة، ما يرفع احتمال تلوث مياه الصرف الصحي بمواسير مياه الشرب المهترئة".
وأقرت الدولة أخيراً معالجات عدة لحسم قضية توفير المياه بينها تنفيذ "مشروع حصاد المياه"، الذي يقوم على تجميع وتخزين مياه الجريان السطحية الناتجة عن هطول الأمطار للاستفادة منها لأغراض الشرب والزراعة ، لكن مراقبين انتقدوا التجربة باعتبار أنها ركزت على توفير المياه للعاصمة وحولت المشروع لاستثمار يبتغي الربح.
ومع ازدياد مشكلة توفير مياه الشرب النقية، اتسعت تجارة شركات تعبئة المياه والتي وجدت اقبالاً أكبر وسط الشرائح صاحبة الدخل الأعلى، إذ يصل سعر القارورة الصغيرة إلى 2 جنيه، لكنها ووجهت بانتقادات وشكاوى فيما يتصل بمطابقتها للمقاييس. وفي وقت سابق أوقفت السلطات في الخرطوم ست شركات لتعبئة المياه لاستخدامها نسب أعلى من المعدل المسموح به من مادة البروميد.
يؤكد مصدر مطلع في هيئة المواصفات والمقاييس التزام الهيئة بمراقبة شركات المياه وتغيير مواصفات التعبئة كل خمسة أعوام، قاطعاً بوجود أوامر من جهات أعلى، لم يسمّها، تراجع قرارات الهيئة في ما يتصل بسحب ترخيص شركات المياه وإيقافها. وكانت شعبة المياه والتعبئة في اتحاد الغرف التجارية اشتكت فيما مضى، من انتشار مصانع تعبئة غير مطابقة للمواصفات.
ويقول الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم إن أهم أهداف الألفية التنموية للأمم المتحدة، والتي وقع عليها السودان في 2001، توفير المياه النقية بالبلاد بحلول العام الحالي، لكن ما تم لا يعدو كونه تحسناً في توفير المياه، الأمر الذي يتطلب توسعاً أكبر خصوصاً في الريف.