مولد السيدة زينب: ذكر ولعب وفن ومدح

06 ابريل 2018
خلال الاحتفالات (نورفوتو)
+ الخط -
سيظل توافد الزائرين على مقام السيدة زينب مستمراً حتى "الليلة الكبيرة"، يوم الثلاثاء المقبل؛ بعضهم يطلب البركة والمدد، وآخرون ينشدون المتعة وقضاء سهرات فنية ممتعة في ظل سرادقات فنية تتضمن إنشاداً وذكراً، مع الاستفادة من الرواج التجاري وملاهي الأطفال وغيرها من الأنشطة المصاحبة للمولد في تلك المنطقة الشعبية المزدحمة في قلب القاهرة.

يحظى مقام "السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب" ومسجدها الشهير في القاهرة باهتمام شعبي بالغ، توارثته الأجيال التي اعتقدت أن البركة تسيطر على هذا المكان الممزوج بروحها الطاهرة، وهو ما عالجه يحيى حقي في روايته "قنديل أم هاشم"، حيث الصراع التقليدي بين الموروث والعلم الحديث.

يحتفل أهل القاهرة بمولدها سنوياً في شهر رجب، وكان الأجدر ألا يكون كذلك، لأن "رجب" هو شهر وفاتها لا مولدها. غير أن لفظ "مولد" صار يطلق شعبياً على الاحتفال ذاته، بغض النظر عن كونه مرتبطاً بحادثة الميلاد.




تحكي الرواية التقليدية التي تتشبث بها الطرق الصوفية المصرية أن السيدة زينب وصلت إلى القاهرة سنة 61 هجريا، بعد مقتل أخويها الحسن والحسين، وتوفيت بعد وصولها بعدة سنوات. في كتاب "أخبار الزينبيات"، ليحيى العبيدلي، وهو مؤرخ شيعي من القرن الثالث الهجري، ورد أن زينب الكبرى بعد رجوعها من أسر بني أميّة إلى المدينة، أخذت تؤلّب الناس على يزيد بن معاوية، فخاف عمرو بن سعد الأشدق انتقاض الأمر، فكتب إلى يزيد بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرّق بينها وبين الناس، فأمر الوالي بإخراجها من المدينة إلى حيث شاءت... فاختارت مصر.

هذه رواية ينقضها من ذكرَ أنها توفيت ودفنت في الشام؛ ولذا فإنّ دمشق تستضيف مولداً معتبراً للسيدة زينب يقام في شهر جمادى الأولى، يقام بجوار مسجدها الذي يعدونه من العتبات المقدسة، وتحت قبة المسجد الذهبية ضريح رمزي للسيدة زينب.

مسجد السيدة زينب هو أهم مزار بمصر بعد مسجد الإمام الحسين، وإليه يشد المتصوفة الرحال لزيارته، والتبرك به، وطلب العون من الله توسلاً بأوليائه.

يعود تاريخ المسجد – كما هو مدون على لافتة الباب – إلى سنة 85هـ، وقد وصفه الرحالة الكوهيني الأندلسي أيام الفاطميين، وذكر أن المعز لدين الله هو الذي أمر بإعمار المسجد وبناه ونقش على قبته ومدخله. ويقال: إن والي مصر العثماني علي باشا قام سنة 951هـ/ 1547م بتجديد المسجد. ثم أعاد الأمير عبد الرحمن كتخدا تجديده عام 1171هـ/ 1768م، وهو الذي بنى مقام "الشيخ العتريس" الموجود الآن خارج المسجد ونقش على المقصورة عبارة "يا سيدة زينب يا بنت فاطمة الزهراء مددك". كما اهتمت أسرة محمد علي باشا بترميم المسجد وتجديده عدة مرات.
الاحتفال بمولد السيدة زينب في القاهرة له تاريخ عريق ذكره المستشرقون والرحالة الذين مروا بالقاهرة. وبدأ المولد هذا العام ليلة الثلاثاء الماضي ويستمر لمدة أسبوع كامل ينتهي بـ"الليلة الكبيرة"، يوم 10 إبريل/ نيسان الحالي، حيث قَدِمَت أفواج الزائرين إلى الساحة، لتشاهد وتشارك في فعاليات المولد الأساسية من تلاوات قرآنية.
دلالات
المساهمون