يواصل العشرات من الموظفين المحالين للتقاعد القسري المبكر احتجاجاتهم أمام مقر الحكومة الفلسطينية بمدينة رام الله، للأسبوع الثالث على التوالي، سعياً لإلغاء القرار، في ظل تحذيرات من إمكانية سريانه على موظفين آخرين.
وقال المستشار القانوني لمؤسسة الحق الفلسطينية، عصام عابدين، لـ"العربي الجديد"، على هامش الفعاليات الاحتجاجية أمام مجلس الوزراء الفلسطيني اليوم الثلاثاء، "لدينا معلومات بوجود قوائم أخرى من الموظفين سيحالون للتقاعد القسري المبكر، سواء من الموظفين المدنيين أو العسكريين، ما يعني أن 160 ألف موظف يقعون تحت سيف انعدام الأمن الوظيفي ومن الممكن أن يحالوا للتقاعد، ولا بد من تدخل الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية من أجل إنصاف الموظفين وإعادة الاعتبار لهم".
وأكد عابدين أن حملة مناصرة الموظفين المحالين إلى التقاعد القسري المبكر تواصل فعالياتها الاحتجاجية السلمية، للأسبوع الثالث على التوالي، بطريقة حضارية لتلبية مطالب الموظفين بتشكيل لجنة مستقلة لمراجعة ملفاتهم ضمن مدة زمنية لا تتجاوز أسبوعين حفاظاً على كرامة أولئك الموظفين، ومحاسبة كل من يثبت تورطه بإساءة واستغلال النفوذ والسلطة. وشدد عابدين على استمرار الفعاليات لضمان متابعة القضية من قبل العديد من المؤسسات حتى نيل الموظفين حقوقهم، آملاً أن تستمع الحكومة إلى مطالبهم وإنصافهم.
وخلال الوقفة الاحتجاجية، التي شارك فيها عدد من المتضامنين الممثلين لمؤسسات المجتمع المدني، عبّر الموظفون عن احتجاجاتهم بفعاليات وأنشطة نظمها أبناؤهم قرب مقر الحكومة. في حين احتشدت قوات من الشرطة في المكان لمنع المحتجين من الوصول أمام مقر الحكومة، الذين حاولوا تمرير ورقة مطالبهم إلى الحكومة من خلال الشرطة التي رفضت ذلك.
وألقى العديد من أبناء المحالين للتقاعد كلمات عدة تساءلوا فيها عمّا فعله آباؤهم وأمهاتهم حتى يحالوا للتقاعد. وألقى الطفل سيف الدين حسام الرنتيسي من القدس كلمة أوضح فيها أن راتب والده بعد التقاعد لن يكفيه العيش في القدس نظراً لغلاء الأسعار، وتساءل كذلك عن سبب تقصير والده حتى يحال إلى التقاعد أم أن إحالته كانت بسبب عمله النقابي؟
وأكد الطفل محمد مجدي خطاطبة من بلدة بيت فوريك شرق نابلس، أن والده يجب أن يكافأ بدل إحالته للتقاعد القسري، وأن قرار الإحالة باطل وتعسفي وعواقبه وخيمة.
الدكتورة أسماء ياغي، التي شغلت منصب نائبة مدير التدريب والتعليم في وزارة الصحة الفلسطينية، وأحيلت مؤخراً إلى التقاعد المبكر، قالت لـ"العربي الجديد"، "جئنا مع أبنائنا لنعلمهم كيفية المطالبة بحقوقهم بطريقة سلمية والوقوف معنا ضد القرار الذي يحرمهم من الفرح".
ولفتت إلى أن حضور المهرجين الذين أدوا فعاليات خلال الوقفة هو أسلوب حضاري بكل العالم لإيصال رسالة المحتجين.
المعلم المحال للتقاعد، صامد صنوبر، الذي كان أحد قادة حراك المعلمين المطالبين بحقوقهم قبل عامين، قال لـ"العربي الجديد"، إن "قضية المحالين للتقاعد ليست شخصية، بل هي ذات بعد وطني وتسلط الضوء على إعدام العمل النقابي، وانعدام حرية التعبير، والأمن الوظيفي، لذا لا بد من دور للقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني".
وأكد صنوبر "نحن متفائلون، وندرس تصعيد خياراتنا بالاستمرار بفعالياتنا الاحتجاجية. تواصلت مؤسسات حقوقية مع وزارة التربية ولم تقدم بدورها أي معيار لإحالة الموظفين للتقاعد، وهو ما يؤكد استخدام القانون بشكل تعسفي".
وخلال الوقفة، قال صامد صنوبر إن "قضية التقاعد القسري ثقافة دخيلة على الشعب الفلسطيني، وليست قضية شخصية إنما ذات بعد وطني وتسلط الضوء على هذه الحالة المأساوية التي وصلنا إليها بفعل سياسة الحكومة الفلسطينية، وانعدام العمل النقابي"، متسائلاً "لمصلحة من يعدم العمل النقابي في فلسطين ولمصلحة من تطبق هذه السياسات، نحن نطالب الجميع بالوقوف عند مسؤولياته خصوصاً القوى الوطنية والإسلامية وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، لأن سياسات الحكومة هذه من الممكن أن تطبق على الجميع".
وطالب مدير الشؤون المالية والإدارية في وزارة الصحة الفلسطينية، سلطان الريماوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، وهو من الموظفين الذين أحيلوا مؤخراً للتقاعد المبكر، الرئيس الفلسطيني محمود عباس بضرورة إلغاء هذا القرار، وقال: "نحن جاهزون للمثول أمام أي لجنة إذا كنا مقصرين".
ولفت إلى تواصل العديد من الموظفين في أكثر من رسالة للحكومة الفلسطينية دون إجابة، وإرسال رسالة إلى الرئيس محمود عباس أحيلت إلى الحكومة الفلسطينية. وقال: "نحن سنواصل احتجاجنا ما حيينا".