موضة الكيك: عن الشغف بالحلويات وتطويرها

16 ديسمبر 2014
المتخصّصة في صناعة الحلويات أماليا كلبونة (العربي الجديد)
+ الخط -
بدأت موضة "الكاب كيك" بالتراجع لتحلّ مكانها "الكيك بوبس" (Cake pops)، التي تحاول أن تفرض نفسها بقوة في عالم الحلويات الغربية وأشكالها المختلفة. يجب على محبّي الكاب الكيك، الذي تربع على عرش الحلويات الغربية في فترة سابقة، تغيير ذوقهم، لأنّه أصبح ذا شكل جديد وفق موضة تسري في عالم الحلويات، مثلها مثل عالم الأزياء وتوابعها.

هذا الخبر أكّدته الأخصائية في صناعة الكيك، أماليا كلبونة، لـ "العربي الجديد، قائلة: "يتحوّل الطلب حالياً شيئاً فشيئاً إلى الكيك بوبس، وهو عبارة عن كرات من الكيك مثبّتة على عيدان. إلاّ أنّ ذلك لم ينه موضة الكاب كيك لكنّها بدأت بالتراجع". ولفتت إلى أنّ قطع "الكوكيز"، وهي البسكويت المخبوز على اختلاف مكوّناته، والتي يتم تزيينها بطريقة الكاب كيك نفسها، بدأت تأخذ مكانها بين الأصناف التي تقدّمها الناس في المناسبات.

وأعادت أماليا هذه الموضة إلى "تأثر بلداننا بالدول الأجنبية"، مشيرة إلى أنّ "الأجانب باتوا يفضلون قطع الكيك صغيرة الحجم لسببين: الأوّل صحي، بحيث يتناولون كميّة أقل من السكريات والنشويات. والثاني، مادي، لأنّ قطع الكاب كيك كلفتها أكبر من الكيك بوبس". والكاب كيك هو عبارة عن قطعة الكيك التي تأخذ شكل الكوب الذي تخبز فيه. وإن كان هذا الشكل قد راج وانتشر كثيراً في السنوات الأخيرة، وحل محل قالب الكيك التقليدي، إلاّ أنّ صناعته بدأت في القرن الثامن عشر، في عام 1796.

تعشق أماليا صناعة الحلوى، وقد نقلت متعة الخبز والتزيين إلى أطفالها وحتى زوجها، تقول: "أحياناً أكون منهمكة بإعداد قالب كيك لمناسبة معيّنة، وهناك موعد محدد للتسليم، فيساعدني زوجي في تجهيز الأدوات والتلوين، كما أنّ طفلتي أصبحت تعرف المصطلحات الخاصة بعملي، وتعمل أحياناً كمساعدة لي".

وأكّدت أماليا التزامها وعائلتها بشروط النظافة، "الغرفة الخاصة التي أعد فيها الكيك لا يدخلها أحد منّا إلاّ بعد وضع القبعة الخاصة والقفازات. إنّ أي خطأ بسيط يكلّفني سمعتي ورأي الزبائن بعملي". وشرحت أن الخَبْز هو الأساس، مشيرة إلى أنّ الكثيرين لا يولون أهمية لطريقة الخبز وأساليب إتقانه، متّكلين على التزيين لإظهار جاذبية ما يصنعونه من قطع الكاب كيل: "الكيك عموماً والكاب كيك المتوفّر في المحلات التجارية والباتيسري، يُخبز بطريقة تضمن بقاءه صالحاً للبيع أطول مدة ممكنة. ولذلك يضعون مع العجينة مواد حافظة ومحسنات تبقيه طرياً لمدة طويلة، كما يكثرون من السكر، مما يجعل مذاقه حلواً بشكل زائد عن اللزوم غالباً".

وأضافت: "عندما نخبز الكاب كيك في المنزل، لا نضع المواد الحافظة الصناعية ولا المحسنات، ونضيف مقداراً مقبولاً من السكر. هذه الصناعة المنزلية تنجز يوم التسليم وتكون طازجة. كما أنّنا في المنزل نتحكّم بنوعية المواد التي تدخل في الخبز، ونختار النكهات الطبيعية، ونستبعد أية محليات أو نكهات اصطناعية. فخَبْز الكيك في المنزل، تتوفر فيه الشروط الصحية". وأوضحت كلبونة أنّ "تثقيف الناس من هذه الناحية هو إحدى مهماتنا الأساسية. ويهمّني كثيراً أن يدركوا الفرق، ويتوصّلوا إلى معرفة ما هو الأجود والأفضل لهم ولأطفالهم". أمّا عن اختيار زينة الكيك وشكله الخارجي، فقد بات الجاذب الأساسي لأصحاب المناسبات السعيدة والأفراح. يتهافتون للحصول على تصميم جديد ومميز.

لذلك يعتبر تزيين الكيك بالنسبة لأماليا أحد التحديات الأساسية، وتقول "إنّها المرحلة الممتعة في إعداد الكاب كيك. إنه تحدٍّ دائم بالنسبة لي. في كل مرة أريد أن أثبت لنفسي بأنني قادرة على صنع ما هو أفضل وأكثر تميزاً". أخبرت أماليا عن قدرتها منذ الصغر على رسم التفاصيل، وكيفيّة رسمها التي تحاكي الواقع إلى حدّ بعيد. فالكيك الذي صنعته على شكل وجبة الهامبرغر مثلاً، أو على شكل حقيبة نسائية، أو قصر من قصور الأميرات، وغيرها الكثير، كلّها تتميّز بالإتقان والجودة، ومحاكاة الأصل إلى أبعد الحدود.

يحتاج تزيين قالب الكيك إلى أربع ساعات عمل متواصل على أقل تقدير، حسب قولها، في حين أنّ الكيك بوبس يأخذ وقتاً أقل. وتعود كلبونة للحديث عن نظرة الناس لصانعي الكيك والكاب كيك في الدول العربية، تقول: "يأتون إليّ مزوّدين بصور للكيك عن الإنترنت لأصنع مثلها طبق الأصل. البعض منهم لا يريد أن يترك لي ولو حيّزاً بسيطاً من الابتكار والإضافة. أحياناً ألتزم بالرسوم، وأحياناً أخرى أجد أنّ بعض الإضافات تعطي جمالية وغنى في التفاصيل". بدأت معرفة الناس بمهارتها، منذ نحو ثلاث سنوات، عندما صارت تصوّر الكيك الذي تحضّره وتنشر الصور على الفايسبوك، إلى أن خطر ببالها إنشاء صفحة خاصة بأشغالها.

اختارت اسم "Amalia`s kitchen"، أي "مطبخ أماليا"، لأنّها لم تفكر في البداية في أن تحصر عملها بالحلويات فقط. ولكن مع إعجاب الصديقات بالكيك وزينته، ومع اتساع دائرة الأشخاص المعجبين بما تصنعه، صارت تلبّي التكليفات، حتى ازداد الطلب على مخبوزاتها، وشاركت في العديد من المعارض والبازارات.

وأكّدت أن الإتقان والمعرفة لا يتوقفان عند حدود معينة. فكانت تشارك في دورات تدريبية بإشراف متخصصين عرب وعالميين. عملت أماليا بنصيحة أحد الطبّاخين، وأقامت دورات ناجحة حثّتها على المضي قدماً في هذا المجال.

وتنوي الحصول على ترخيص يجعلها مدرِّبة معترفاً بها رسمياً، الأمر الذي سيمكّنها في المستقبل من التدريب في المدارس والمعاهد المتخصصة والمراكز النسائية. وستواصل أماليا تلبية الطلبات في صناعة الكيك. فهي تحب إدخال الفرح إلى قلوب الصغار والكبار.

وتقول:"عندما أتلقى طلباً جديداً لا أتمكن من رفضه مهما كانت انشغالاتي". وتصف شغفها: "هل رأيت طفلاً يرفض لعبة؟ هذا هو شعوري عندما أريد إنجاز قالب كيك". وتختم بأنّ سر النجاح ليس في المهارة فقط بل بما نسميه "النفَس" وهو النكهة الخاصة التي تميّز عمل شخص عن غيره، إضافة إلى الأخذ بملاحظات الناس الإيجابية والسلبية والاستفادة منها في تطوير العمل.
دلالات
المساهمون