موسم أفلام "الغلابة"... لا نجوم ولا رهانات في "شمّ النسيم"

29 مارس 2018
مايا نصري بطلة فيلم "قسطني بيوجعني" (Getty)
+ الخط -
في الأعوام الأخيرة، باتت مواسم العروض التجارية في السينما المصرية منقسمة إلى موسمين اثنين أساسيين، مُتمثّلين في عيدي الفطر والأضحى، يليهما في الأهمية موسم منتصف العام (يناير/كانون الثاني)، ثم أشهر الصيف (المتقلّصة في الأعوام الأخيرة، والمتزامنة مع العيد). أخيرًا، هناك موسم سينمائي صغير، مطلع إبريل/نيسان، هو موسم "شمّ النسيم"، يستمرّ نحو شهر ونصف الشهر، ويأتي قبل شهر رمضان المبارك. ونظرًا إلى محدودية قيمته التسويقية والجماهيرية، يختصّ موسم "شمّ النسيم"، غالبًا، بأفلامٍ صغيرة، ويتميّز بغيابٍ كاملٍ لنجوم الصفين الأول (أمثال أحمد السقا وأحمد عزّ ومحمد رمضان، وغيرهم) والثاني (أمثال أحمد فهمي ومحمد عادل إمام ومحمد هنيدي، وآخرين). إنه "موسم الغلابة"، بحسب تعبير المنتج محمد السبكي، قبل عامين. لذا، تقضي المناسبة استعراضًا لأفلام هذا الموسم، التي يبدأ عرضها في الأيام القليلة المقبلة.

أبرز أفلام هذا الموسم؟ "علي بابا" لوليد الحلفاوي. رغم أن العمل لا يختلف، كثيرًا، عن غيره، على مستوى غياب النجوم؛ إلا أنه يمتاز عن أفلامٍ أخرى بوجود فكرة جيدة، وإنْ لم تكن جديدة؛ وبرهان منتجه محمد السبكي على مساحة أكبر من الجرأة، تجعل المراهقين الشريحة المتوقّعة من جمهوره. تبدو الفكرة قريبة من الفيلم الكلاسيكي "الساحرة الصغيرة" (1963) لنيازي مصطفى (مع رشدي أباظة وسعاد حسني)، إذْ تكمن المفارقة الأساسية التي تجمعهما في العلاقة بين أبٍ شاب وابنة قريبة منه في السن. في عمل مصطفى، يحدث ذلك كخدعةٍ تجعل الفتاة تعتقد أن صديق الأب هو أبوها. لكن، في "علي بابا"، تقوم الكوميديا على شخصية علي، الشاب الغنيّ، متعدّد العلاقات منذ صباه، الذي يكتشف أن له ابنة أصغر منه سنًّا بأعوام عديدة فقط، وأنها تعمل راقصة. ومع انتقالها للعيش معه، تحدث مفارقات مختلفة. إلى جانب الرهان على كريم فهمي في البطولة، وعلى آيتن عامر كوجه مقبول لدى المشاهدين، يعتمد الفيلم أيضًا على ممثلي الكوميديا المكرّرين في الأعوام الأخيرة، كأحمد فتحي ومحمد ثروت.

بالإضافة إلى أغنية شعبية من محمود الليثي، وبعض الرقصات، كالخلطة المعتادة في "أعمال السبكي". من ناحية أخرى، تمّ تأجيل 3 أفلام، يُفترض بعرضها أن يتمّ في هذا الموسم، من مواسم سابقة، بسبب عدم وجود مساحة عرض لها، وعدم قدرة منتجيها الرهان على أبطالها.

ونظرًا إلى طبيعة الأفلام نفسها، يمكن فهم سبب هذا القلق: أفلام "قديمة"، بأفكارها وأبطالها، وأشكال صُوَرها. أول تلك الأفلام بعنوان "قسطني بيوجعني" لإيهاب لمعي، مع هاني رمزي ومايا نصري وحسن حسني: كلّ شيء هنا ينتمي إلى زمن أسبق، بدءًا من العنوان، الذي يحاول صنع "إيفّيه" لفظيّ عفى عليه الزمن، ومرورًا بتعابير وتفاصيل ومواقف كوميدية يتعرّض لها عامِل الكهرباء، بطل الفيلم (الفكرة نفسها قدّمها الكاتب وحيد حامد في "ديل السمكة"، الذي أخرجه سمير سيف عام 2003). حتى نوعية الأبطال المشاركين في بطولته ليست جديدة. كان يمكن لهذا الفيلم أن يكون "رهانًا" عام 2008 لا عام 2017، ومع هذا كان يُمكن أن يفشل أيضًا.

الفيلم الثاني بعنوان "بيكيا" لمحمد حمدي: محاولة جديدة للممثل محمد رجب للّحاق بالنجومية. أما الثالث، فهو "صباح الخير" لأسامة فاضل، تمثيل المطرب إيساف، الفائز في برنامج "ستار ميكر" عام 2004، وهو من أوائل برامج مسابقات الأغاني والنجوم. منذ ذلك الحين، لم يعرف إيساف أي لحظة تألق جماهيرية أخرى، خصوصاً في السينما، التي قدّم فيها عملين اثنين لألفت عثمان، هما "الحكاية فيها منة" (2009)، و"عايشين اللحظة" (2010)، لم يحقّقا أي نجاح، ولا يذكرهما أحد. إلى ذلك، هناك نوعية ثالثة من الأفلام، التي تعرض في فئة "المقاولات الجديدة"، نسبةً إلى "أفلام المقاولات" التي اشتهرت في مصر، في ثمانينيات القرن الـ20، والتي تُوزّع في "شرائط فيديو"، في دول الخليج العربي، وهي من بطولة وجوه معروفة، كسعيد صالح ويونس شلبي ووحيد سيف. أمثالهم في العصر الحالي لا يتوقّفون عن العمل: بيومي فؤاد وطاهر أبو ليلة وغيرهما، من جماعة مشروع "مسرح مصر".
يبدو ممثلو تلك الفئة كقطع الـ"دومينو" الموجودة في كل مكان. محمد ثروت، مثلاً، وإلى جانب "علي بابا"، يشارك بيومي فؤاد في "نوّرت مصر" لشادي علي، وهو أول بطولة مطلقة له؛ كما يمثّل دور البطولة في "عامل من بنها" لهالة المدني. ويؤدّي أحمد فتحي (زميله في "علي بابا" أيضًا) بطولته الأولى في "ساعة صفا" لهاني حمدي.
بهذا، تكون النتيجة النهائية له مشاركته في 50 بالمائة من أفلام موسم "شمّ النسيم". ومع تكرار الأسماء نفسها في أكثر من فيلم، يكون رهان المنتج احتمالاً ضئيلاً في النجاح الجماهيري، وإلاّ فإنه يبيع منتوجه ـ الذي لم يُكلّفه أموالاً كثيرة ـ إلى قنوات فضائية، في عملية تجارية مضمونة الأرباح.
إذًا، يشهد موسم "شمّ النسيم" 8 أفلام، معظمها من دون نجوم وبلا أفكار. وهذا في وقت راكدٍ، تمهيدًا لمسلسلات شهر رمضان، ثم أفلام النجوم في عيد الفطر.
دلالات
المساهمون