موسم "الانقلابات" الإدارية والعسكرية في العراق: تفكيك البنى التحتية لحزب "الدعوة"

31 أكتوبر 2018
لدى عبد المهدي خطة لإجراء تغييرات بالمؤسسات الحكومية (Getty)
+ الخط -


تنتاب الأوساط العسكرية والأمنية، وكذلك الوزارات المدنية، بعد كل عملية تشكيل حكومة جديدة في العراق، منذ الاحتلال الأميركي في العام 2003، مخاوف من حملة تغييرات جديدة في المناصب، من درجة مدير عام ووكيل وزير ومستشار. لكن هذه المرة المخاوف جاءت أوسع، إذ إن خروج السلطة من يد حزب "الدعوة"، بعد 13 سنة من حكمه البلاد، ينذر بما وصف بأنه تفكيك للبنية التحتية للحزب التي زرعها داخل مؤسسات الدولة.

ووفقاً لمسؤولين في الحكومة العراقية الجديدة، لـ"العربي الجديد"، بينهم مسؤول تحدث عبر الهاتف من المنطقة الخضراء، فإن لدى رئيس الوزراء الجديد، عادل عبد المهدي، خطة لإجراء تغييرات شاملة في المؤسسات الحكومية، بما فيها العسكرية والأمنية وجهاز الاستخبارات الوطني. وأوضح أن الخطة تتضمن إجراء تغييرات في مناصب رؤساء أقسام ومديرين عامين ووكلاء وزراء ومستشارين ممن أمضوا أكثر من أربع سنوات في مناصبهم، أو تلاحقهم تهم فساد، أو أنهم يوجدون في مكان غير تخصصهم. ولفتوا إلى أن التغييرات ستطاول أيضاً قادة الألوية والأفواج والفرق والتشكيلات الخاصة، وكذلك قادة أجهزة الشرطة في بغداد والمحافظات، وذلك عبر إقالة بعضهم أو نقل آخرين أو إحالتهم على دائرة المحاربين القدامى أو على التقاعد.

وكشف المسؤولون أن معظم المستهدفين هم من القاعدة الرئيسية لحزب "الدعوة". وأوضحوا أن "تحرك عبد المهدي يلاقي استحساناً من القوى الشيعية الأخرى، أبرزهم التيار الصدري ومنظمة بدر وتيار الحكمة، على اعتبار أن حزب الدعوة احتكر الوظائف والمناصب المهمة في غالبية الوزارات العراقية، وعدم إحداث انقلاب أو تغيير في المعادلة الحالية بتلك المناصب يعني أن خروج الحزب من سدة الحكم لن يكون ذات تأثير كبير بسبب وجود قاعدة تنفيذية له". وأشاروا إلى "تغييرات مهمة قد تطاول مجلس القضاء الأعلى، خصوصاً رئيسه مدحت المحمود المتهم بمحاباة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي". وأوضحت مصادر مقربة من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في النجف، أن نحو 4 آلاف درجة وظيفية، بين رئيس قسم ومدير عام ووكيل وزير ومستشار وقادة ألوية وفرق وتشكيلات أمنية وعسكرية، ستطاولها عملية التغيير، لكن على نحو تدريجي وليس مرة واحدة، مؤكدة، في الوقت ذاته، أنه سيتم إشراك هيئة النزاهة في ملف التغيير، كون 80 في المائة منهم متهمين بجرائم فساد وإثراء مفاجئ ومخالفات قانونية مثل تعيين أقاربهم في المؤسسات التي يعملون بها.



وأكد عضو الحزب الشيوعي، علي السعدي، أن "بند الإصلاح، الذي أخذه عبد المهدي على عاتقه، يشمل إصلاح الهيكل الإداري بشكل عام في العراق، وتحريك المومياءات التي توجَد على رأس المناصب التنفيذية في الوزارات والمؤسسات الخدمية والسيادية، وكذلك قادة الجيش والشرطة الذين كانوا سبباً في سقوط مدن عراقية"، موضحاً أن "قسماً كبيراً منهم يعود إلى زمن الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر، وحتى الآن لم يتم تغييرهم". وتابع، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أحد الخلافات مع رئيس الحكومة السابق، حيدر العبادي، كان حول هذه النقطة؛ فقد كان ضعيفاً في مواجهة الأمر، ويعلم أن 60 في المائة، إن لم يكن أكثر، من الفساد المالي والإداري والتخلف العام بالعراق بسبب هؤلاء المسؤولين، الذين لم تتم إحالتهم على التقاعد أو نقلهم أو محاسبتهم، كونهم من المحسوبين على حزب الدعوة الإسلامية" وفقاً لقوله.

وكان البرلمان العراقي صوّت، الأربعاء الماضي، على البرنامج الحكومي، ومنح الثقة لعادل عبد المهدي رئيساً للحكومة و14 وزيراً، ثم رفع جلسته إلى السادس من الشهر المقبل للتصويت على مرشحي 8 وزارات، أبرزها الدفاع والداخلية. وقال القيادي في تحالف "الفتح"، عبد الأمير الدبي، إن "جلسة البرلمان المقبلة ستشهد تمرير مرشحي الوزارات الثمانية الذين لم يتم منحهم الثقة في الجلسة السابقة، وذلك بعد التفاهم والتوافق مع الكتل السياسية". وأوضح، في حديث لوسائل إعلام عراقية، أن "تحالفه لن يسمح بالتدخلات من قبل كتلتي سائرون والحكمة لعرقلة تمرير مرشحي الوزارات الثماني". وأشار إلى أن "سبب رفض التصويت على مرشحي الوزارات يعود إلى خلافات شخصية لتحالف سائرون مع مرشحي وزارة التعليم العالي والثقافة، كونهما كانا ينتميان للتيار الصدري في وقت سابق".

إلى ذلك، تتحدث مصادر أخرى عن أن مشاورات رئيس الحكومة الجديدة عادل عبد المهدي مع القوى السياسة المختلفة لم تفضِ إلى أي اتفاق حتى الآن، إذ ما زالت كتل تحالف "البناء" (معسكر نوري المالكي ـ هادي العامري) القريب من إيران تصرّ على اسم فالح الفياض لوزارة الداخلية، وكذلك شقيقة زعيم مليشيا "بابليون" ريان الكلداني، أسماء سالم، لوزارة العدل، وهو ما يرفضه الصدريون وكتل شيعية وسنية أخرى. ورجحت المصادر أن تتعطل المفاوضات لغاية الجمعة المقبل بسبب مراسم زيارة الأربعينية ومنح الحكومة عطلة رسمية، وعمل مختلف المؤسسات بالبلاد على تأمين مراسم الزيارة التي يشارك بها هذا العام نحو 3 ملايين شخص، بينهم مليون ونصف مليون زائر غير عراقي.