موسكو: استخدام القوة في أوكرانيا يُشعل شرارة الحرب الأهلية

14 ابريل 2014
تشوركين: على الغرب وقف نشر الشائعات (دان اومارت، Getty)
+ الخط -

تفاعلت المواقف الروسية في الملف الأوكراني، بعد أن أشار المتحدث باسم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف، اليوم، إلى أن "الرئيس يراقب الوضع في أوكرانيا بقلق كبير".

ورداً على سؤال لـ"رويترز"، في شأن طلب انفصاليين موالين لروسيا في شرق أوكرانيا مساعدة بوتين، في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة القوات الحكومية، أكد بيسكوف "للأسف هناك عدد كبير من هذه المناشدات من المناطق الشرقية الأوكرانية، موجّهة مباشرة إلى بوتين للتدخل بهذا الشكل أو ذاك".

بينما أعلن مبعوث موسكو لدى منظمة "الأمن والتعاون في أوروبا"، اليوم الإثنين، أن "أي استخدام للقوة المسلحة ضد المتظاهرين المؤيدين لروسيا في شرق أوكرانيا، يُمكن أن يطلق شرارة حرب أهلية".

وقال المبعوث، أندريه كيلين، إن "القائم بأعمال وزير الداخلية الأوكراني، ذكر أنه سيتم استخدام القوات المسلّحة، لمواجهة من يشاركون في المظاهرات، وسيجري أيضاً تنظيم وحدات من أناس شبه عسكريين، سيتسلّمون أسلحة وسيكونون تحت قيادة الضباط. سيكون هناك حسبما سمعنا حوالي 12 ألفاً من هؤلاء. هذا خطير".

وأضاف بعد اجتماع للمجلس الدائم للمنظمة، لبحث الوضع في أوكرانيا، "نعتقد بقوة في موسكو، أن هذا قد يؤدي إلى حرب أهلية. نحن قلقون جداً".

إلى ذلك، بدأت ملامح حلٍّ ما، تتضح في الأزمة الأوكرانية، ممزوجة بتصعيد ميداني استفزازي من قبل انفصاليي المنطقة الشرقية، بعد انتهاء المهلة التي أعلنتها كييف لمسلحين موالين لروسيا لإلقاء سلاحهم عند السادسة بتوقيت غرينيتش، وإنهاء سيطرتهم على مبانٍ حكومية، تحت طائلة مواجهة عملية كبيرة "لمكافحة الإرهاب"، فصعّد هؤلاء من خطواتهم ليستولوا، اليوم، على مبانٍ جديدة في عشر مدن، شرق أوكرانيا.

"
بيسكوف: مناشدات من المناطق الشرقية الأوكرانية موجّهة مباشرة إلى بوتين للتدخل

"

وقام العشرات من الرجال الغاضبين بإلقاء الحجارة وتحطيم النوافذ واقتحام مركز للشرطة في مدينة هورليفكا، التي لا تبعد كثيراً عن الحدود مع روسيا، وذلك وسط تهليل المئات من المتفرجين. وارتفع دخان كثيف من مدخل المبنى، الذي رفع المتمردون العلم الروسي فوقه. وبحسب وكالة "رويترز"، فإنّ مائة انفصالي على الأقل، من الموالين لروسيا، هاجموا مقر الشرطة في مدينة هورليفكا في شرق أوكرانيا.

على صعيد آخر، أعرب الرئيس الأوكراني المؤقت، ألكسندر تيرتشينوف، عن موافقة بلاده على أحد مطالب الانفصاليين الأوكرانيين، أي إجراء استفتاء لتحديد شكل الدولة، في إشارة إلى اقتراحات تحويل النظام فيها إلى اتحادي فدرالي. وقال تيرتشينوف، اليوم، إن القيادة في كييف "ليست ضد" إجراء استفتاء لتحديد شكل الدولة في أوكرانيا، متوقعاً أن تؤكد مثل هذه الخطوة رغبة الأغلبية في "دولة مستقلة موحدة".

وقال تيرتشينوف، في تصريحات أمام لجنة برلمانية، إن مثل هذا الاستفتاء قد يجري بالتزامن مع انتخابات الرئاسة في 25 مايو/أيار المقبل. وفي الانتظار، دعا الرئيس المؤقت إلى نشر قوات حفظ سلام في المناطق الشرقية الداعية إلى الانفصال.

اقتراح تيرتشينوف جاء خلال محادثة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ومفاده أنه يجدر نشر "قوات لمكافحة الإرهاب" بمعاونة من القوات الأوكرانية وقوات أممية لحفظ السلام.

وفي حين تبادل أعضاء مجلس الأمن الدولي الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الأوضاع في البلاد، نفى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الاتهامات الأوكرانية والأميركية بوجود عملاء سريين لروسيا يثيرون اضطرابات شرقي أوكرانيا.

نهاية المهلة
وقد انتهت المهلة، التي حددتها كييف لـ"المتمردين"، عند السادسة بتوقيت غرينتش صباح اليوم، مع غياب أية إشارة إلى إلقاء المسلحين الموالين لروسيا سلاحهم، وهو ما ترافق مع تأهب المدن الشرقية لعمل عسكري قد تنفذه القوات الحكومية، وسط إغلاق المدارس والجامعات أبوابها.

وانتظر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، انتهاء مهلة الإنذار، لكي يطلق مواقفه ضد السلطات الأوكرانية، وحلفائها الغربيين. ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن لافروف قوله إن "أية قوى تشجع كييف على استخدام القوة ضد المحتجين، عليها تحمل مسؤولية أفعالها"، نافياً "المزاعم الأوكرانية والأميركية بوجود عملاء سريين لروسيا يثيرون اضطرابات في شرق أوكرانيا".

وخلال مؤتمر صحافي عقده في موسكو مع نظيره السوداني، علي كرتي، أشار رئيس الدبلوماسية الروسية إلى أن "المناطق الشرقية لأوكرانيا يجب أن تشارك في صياغة الدستور الذي سيطرح في استفتاء تجريه كييف بشأن الشكل الذي يجب أن تكون عليه أوكرانيا". وأوضح أن "تقسيم أوكرانيا ليس من مصلحة روسيا، ولكن موسكو تريد أن تعامل كييف كل مواطنيها على قدم المساواة".

ودان لافروف "النفاق والمعايير المزدوجة" التي يعتمدها الغرب لدى التعامل مع الاحتجاجات في جنوب وشرق أوكرانيا، و"تقييد حرية الصحافة من قبل السلطات الجديدة في كييف". وألمح الوزير الروسي إلى دور أميركي ما في إثارة الفوضى في شرق أوكرانيا، من خلال طلبه شرحاً لـ"التقارير الاعلامية بزيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، جون برينان، لكييف".

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد حذّرت من أن العملية العسكرية التي كانت مقررة للقوات الأوكرانية، ستكون لو حصلت "أمراً إجرامياً"، داعيةً الغرب إلى "السيطرة على حلفائه" في الحكومة الأوكرانية.

"
سفير بريطانيا في الأمم المتحدة: ما بين 35 و40 ألف جندي روسي ينتشرون بجوار الحدود مع أوكرانيا

"

وانعكست أجواء التوتر التي سيطرت على التطورات الميدانية في الساحة الأوكرانية، على جلسة مجلس الأمن الدولي الطارئة، فجر اليوم، إذ تبادلت الدول الغربية وروسيا الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الأوضاع.

وفي كلمة له خلال الجلسة، قال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، مارك ليال، إن "روسيا حشدت عشرات الآلاف من الجنود المجهزين عسكرياً بالقرب من الحدود الأوكرانية"، مطالباً "مجلس الأمن بتحذير روسيا من مغبة استغلال الأحداث شرق أوكرانيا".

وأوضح ليال أن "صور الأقمار الصناعية تظهر وجود ما بين 35 و40 ألف جندي روسي بجوار الحدود مع أوكرانيا مجهزين بطائرات قتالية ودبابات ومدفعية ووحدات للدعم اللوجيستي، بالإضافة إلى خمسة وعشرين ألف جندي روسي متمركزين بشكل غير قانوني في القرم".

من جهته، لفت المندوب الأوكراني في الأمم المتحدة، يوري سيرغييف، إلى أن "السلطات في كييف فعلت كل ما بوسعها في الفترة الأخيرة من أجل تجنب المواجهة"، متهماً "عملاء من الاستخبارات الروسية بالقيام بعمليات الاستيلاء على المقرات الإدارية في جنوب شرق أوكرانيا".

ودعا سيرغييف المندوب الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، إلى الاتصال بالرئيس فلاديمير بوتين "من أجل السلام في أوكرانيا". وأوضح أن "كييف تملك أدلة تثبت تورط الاستخبارات الروسية في النشاط التخريبي في الأراضي الأوكرانية".

بدورهم، انتقد مندوبو كل من الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا، وبشدة، دور روسيا في الأحداث الأوكرانية. واعتبر المندوب الأسترالي أن "المجندين في جنوب شرق أوكرانيا هم رجال القوات المسلحة الروسية".

في المقابل، حذر السفير الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي شوركين، في كلمته، مجلس الأمن من "تقويض فرص عقد لقاء رباعي لحل الأزمة في حال استخدام القوة جنوب شرق البلاد"، نافياً "المزاعم التي تروجها أوكرانيا والدول الغربية بأن موسكو تقف وراء أعمال العنف في أوكرانيا".

أما المندوب الصيني، ليو جيه يي، فاكتفى بالإعراب عن "قلق بكين الشديد بشأن تصعيد الوضع في أوكرانيا"، داعياً إلى "إيجاد حل سياسي متوازن للأزمة يرضي كافة الأطراف المتنازعة".

 وانتقل التوتّر الى البحر الأسود، بعد اعلان مسؤول عسكري أميركي، أن "مقاتلة روسية حلّقت مرّات عدّة، على مسافة قريبة من سفينة حربية أميركية في البحر الاسود، لأكثر من 90 دقيقة، ليل السبت".

وأضاف "أن المقاتلة حلّقت على مسافة 900 متر، من المدمّرة البحرية الأميركية "يو أس أس دونالد كوك"، وعلى ارتفاع 150 متراً فوق مستوى البحر". وأشار الى أن "التحليق دفع قبطان السفينة الى إصدار تحذيرات عدّة باللاسلكي"، لافتاً الى أن "المقاتلة لم تكن مسلّحة، وانتهى الموقف بدون حوادث".

واستقرت السفينة في البحر الأسود، في 10 أبريل/نيسان، آتية من المياه الدولية شرق رومانيا.