موريتانيا: مخاوف من تبديد تبرعات كورونا

19 يونيو 2020
الفساد ينعكس سلبا على حياة الموريتانيين (Getty)
+ الخط -

يبدي مراقبون في موريتانيا مخاوف من تبديد التبرعات المالية التي جمعت لمواجهة انتشار فيروس كورونا بعد تواضع ما صرف لمواجهة الجائحة في ذروة فترة الإغلاق وتراجع نسبة انتشار الفيروس في البلاد، مما دفع الكثيرين إلى التساؤل عن مصير المليارات من الأوقية التي جمعها صندوق التضامن الوطني لمكافحة فيروس كورونا، وهل ستلقى نفس المصير مبادرات سابقة نُهبت أموالها دون أن يحاسب المسؤولون عنها؟

وازدادت المخاوف بعد تعيين لجنة لتسيير صندوق التضامن، من بين أعضائها مسؤولون سبق أن اتهموا في ملفات فساد، واستدعوا للتحقيق في قضايا إفلاس شركة التصدير والاستيراد الوطنية "سونمكس" ومصرف القرض الزراعي.

ودافعت الحكومة عن تكليف هؤلاء المسؤولين بتسيير الصندوق الذي استقبل مساهمات بالمليارات من هيئات وشخصيات عدة. وأكدت أن أعمال لجنة التسيير وحسابات الصندوق ستدار بشفافية مع الصرامة في المخالفات، وستكون متاحة لرقابة كافة المواطنين عبر تطبيقات معلوماتية سهلة الولوج وواسعة الانتشار.

وكان الرئيس الموريتاني، محمد ولد الغزواني، أعلن في 25 مارس/ آذار الماضي عن إنشاء صندوق خاص للتضامن الاجتماعي ومكافحة فيروس كورونا، انطلقت المساهمة فيه بمبلغ 2.5 مليار أوقية (الدولار = 38 أوقية) قدمتها الحكومة، فيما استقبل مساهمات بالمليارات من هيئات وشخصيات كبيرة، بعد فتح باب التبرعات أمام رجال الأعمال والمؤسسات الوطنية والأجنبية.

وحسب المصرف المركزي الموريتاني، فقد استقبل الصندوق حتى منتصف مايو/ أيار أكثر من 663 مليون أوقية تضاف إلى مساهمة الحكومة، ليصبح مجموع التبرعات في ميزانية الصندوق 3.163 مليارات أوقية (83 مليون دولار).

وحسب مراقبين، لم تف اللجنة التي عهد إليها بتسيير الصندوق، خلال الفترة الماضية، بتعهدات الرئيس ولم تصرف مبالغ الدعم المخصصة للأسر الفقيرة بسلاسة ولم تقدم الدعم الكافي للمتضررين من فترة الإغلاق، كما أنها لم توفر احتياجات المستشفيات من أدوية ومعدات طبية ضرورية لمواجهة الوباء.

ويقول الخبير الاقتصادي، الداه ولد محمد إبراهيم، إن "الدولة عاجزة عن تطبيق حجر شامل أو جزئي لأنه لا يمكنها الإنفاق على الفقراء في بلد يرتفع فيه معدل الفقر إلى 25.6 %، وكي لا تكون مسؤولة عما تترتب عليه حالة الإغلاق لم تتخذ إجراءات مشددة لمواجهة تفشي الوباء، ما يعيد التساؤل حول مصير المليارات التي جمعت من أجل مكافحة فيروس كورونا وكيفية تسيير عائدات الصندوق".

ويضيف أن "عجز الحكومة عن تطبيق سياسة الحجر الصحي، بحجة غياب الموارد المالية الكفيلة بالإنفاق على المواطنين، أعاد إلى الأذهان التقارير التي ظهرت خلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، والتي تتحدث عن إبرام الحكومة الموريتانية لـ21 صفقة بالتراضي تجاوزت قيمتها الإجمالية 760 مليون أوقية، بعضها تم تسديد ميزانيته من عائدات صندوق كورونا في ظروف يشوبها الكثير من الغموض".

ويشير إلى أن هذه الصفقات شملت قطاعات الصحة والداخلية والتنمية الريفية، بالإضافة إلى مندوبية التضامن الاجتماعي.


ويضيف إبراهيم أنه من بين أكثر الصفقات إثارة للجدل صفقة أبرمتها وزارة الصحة بالتراضي مع شركة خاصة لاقتناء 11 سيارة إسعاف بمبلغ 29 مليون أوقية، وكذلك صفقة أبرمتها وزارة الداخلية لاقتناء 100 مركبة صينية ثلاثية العجلات بقيمة 22 مليون أوقية، وهو ما يعادل ضعف سعر المركبة في السوق الموريتانية.

ويرى الخبير الاقتصادي أن عودة صفقات التراضي مؤشر مقلق جدا في موريتانيا التي عانت من عهود من الفساد والنهب الممنهج. ويشير إلى أن هناك استغلالا لحالة الطوارئ الصحية المرتبطة بكورونا، فالقانون الموريتاني يحظر على الحكومة إسناد صفقات بالأمر المباشر أو بالتراضي إلا في الحالات الطارئة كالكوارث.
ويقول: "صحيح أننا أمام أزمة لكن لا يمكن أخذها كعذر لإنفاق الميزانيات التي ينتظرها المعدمون المحبوسون في منازلهم على عشرات الصفقات التي تم منحها من دون مناقصات".

ويطالب المؤسسات التشريعية بالقيام بدورها في مراقبة ومساءلة المسؤولين عن تسيير الصندوق المخصص لمواجهة كورونا، وفرض الشفافية ومكافحة الفساد في الصفقات والمناقصات، ومعاقبة مرتكبي التجاوزات المالية والمتهمين باختلاس المال العام.

المساهمون